|
|
يلاحظ أنَّ الناس بدأت تفتح نوافذ «الدَّعابة» كي تنطلق بها ألسنتهم، وأقلامهم، بل حتى تقاطيع وجوههم... ربَّما لأنَّ المتطلَّب من نواتج «المستَحْدث»، بناء على «العادم» من «الثَّابت» يستدعي هذا الاتجاه لدى الناس... فمتطلَّب حوادث الحياة وأحداثها، وألوان متغيراتها وأشكالها قد أعدمت في دولبتها، وجرفت في اكتساحها ذلك الاطمئنان الذي ثبت عليه الإنسان ردحاً من الحقب في شكلها العام، بينما لا يُنكر الإنسان أنَّ ثمَّة متغيرات، وثوابت، ومستحدثات، وعوادم دائمة في سيرورة الحياة ومعها... غير أنَّها ليست في حجم ولا شكل ولا مضمون الذي يتمُّ الآن في هذه المرحلة ولا حيلة فيه «لقُوَى» الإنسان المختلفة لا القولية، ولا العملية، ولا الفكرية ولا الحركية، ولا حتى الشعورية... «فطفح الكيل»، وبدل النواح، والصراخ...، بات الإنسان في بوتقة صهرٍ... ربَّما يتفجَّر وإن لم يفعل فلسوف تنفجر به كافَّة وسائل التعبير: إمَّا الصوت فيصرخ، وإمَّا الدموع فيبكي، وإمَّا البوح فيتكلم...، وإمَّا الإحساس بالجنون فيجري دون توجُّه، أو يهدر دون معنى...، ولأنَّ الإنسان ذكي، فإنَّه لن يفعل شيئاً آخر أكثر من أن يفتح نوافذ شعوره، ويوظِّف أفكاره، في قوالب تعبيرية مدرَّة للضحك، جالبة للسخرية، باسطة لأيِّ إحساس نابع من مصدر ما من مصادر هذا الشعور: الحقد على العجز، الاكتئاب ممَّا يكون، الرَّغبة في الإيذاء رداً على الإيذاء، التعبير عن العجز بمنطق شخصي للقوة |
![]()
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |