في الاقتصاد
خدمات ما بعد البيع
د. سامي الغمري

تتطلب بعض السلع الاستهلاكية المنتجة محلية كانت أو مستوردة الى خدمة ضرورية تعرف باسم خدمة ما بعد البيع والطرح في الاسواق. ذلك ان سلعاً مثل الاجهزة المنزلية والآلات المعمرة والسيارات تحتاج في معظمها الى صيانة دورية لها بين الحين والآخر دون الحاجة الى تغيرها أو التخلص منها كلية . واهمية خدمة ما بعد البيع تتمثل في قيام مراكز تسويقية تقوم بأعمال الصيانة والتركيب وتوفير قطع الغيار وتلقي شكاوى العملاء والعمل على حلها بشكل جيد. كما ان توافر هذه المراكز يعد امراً اساسيا لتوليد الثقة لدى العملاء وضمان اقبالهم على شراء السلع الاستهلاكية من شركات معينة دون الأخرى. وفي حال فقدان ثقة العميل والتي لا يفترض ان يستهان بها من قبل الشركات فإن معدلات مبيعات المنتج سوف تنخفض على المدى البعيد وبخسائر أكبر عما جنته من عدم تقديم خدمة ما بعد البيع. لذا فقد تستخدم هذه الخدمة كأحد الاغراءات المهمة التي تشغلها الرسالة الاعلانية والترويجية عند الاعلان عن السلعة في الاسواق. وتحمل الشركات محلية كانت أو أجنبية مسؤولية اقامة هذه المراكز أو نقل عبء ذلك الى المستورد أو الوكيل الممثل لها في المملكة وعدم تركها كلية على غير ذوي التخصص ليؤدوا دورها وتحمل اعباءها المالية والفنية. كما يجب هنا ان تتمشى خدمة ما بعد البيع مع شروط الضمان المقدم لان ذلك يقوي من مكانة التصور الذهني المطبوع للمشتري لها ومما يزيد من معدلات تكرار شراء منتجاتها. ويلاحظ ان توفر هذه الخدمة حتم على العديد من الشركات في التسابق والسعي في الوقت الحاضر الى اقامة مراكز الخدمة لها وتوزيعها بين فروعها المنتشرة مستهدفة من ذلك رسم صورة ذهنية جديدة لمنتجاتها ولتميزها الواضح عن الشركات المنافسة في ارضاء العميل وليس فقط بيع منتجاتها عليه. فتحاول البعض منها متابعة خدماتها باستخدام وسائل الاتصال والمراسلة فيما تحاول الاخرى في ان تتغلب على صعوبة انشاء فروع لشركاتهم خارج منطقة الانتاج بتعيين واعتماد وكلاء موزعين لمنتجاتها حول العالم على ان يقوم هؤلاء بمهمة الترويج والبيع المحلي لتجار الجملة أو تجار التجزئة وظهر من الواضح ان المنتج امام امرين احدهما اما ان يقدم خدمة مراكز ما بعد الخدمة وتشغيلها بذاتها على ان تضمن الى حد كبير سيطرتها على التسويق وامكانية تحقيق ارباح افضل من تلك المراكز التي انشأتها.
واما اسناد مهمة خدمة ما بعد البيع الى الوكيل الموزع المحلي وفي الحالة الثانية فان الوكيل سوف يجد نفسه امام متطلبات ونفقات عديدة منها تكاليف النقل وتدريب الافراد الذين سيتولون العمل بتلك المراكز فضلا عن صعوبة ضمان تقديم هذه المراكز للخدمة بالمستوى الذي تأمله الشركة خاصة اذا كانت اجنبية وهنا تبدأ عمليات التكيف والملاءمة مع الاعباء المالية الجديدة والتي في اغلب الاحيان يقوم العميل بدفع ثمنها من جيبه الخاص.. وهذا ما يلمسه المستهلك العادي وما يجده معظم المشترين خاصة السلع المستوردة منها اضافة الى ان ظاهرة تسرب السلع المقلدة في الاسواق والتي تشابه الى حد كبير السلع الاصلية في الشكل وليس في المضمون يزيد من الحاجة الاكيدة لمثل مراكز خدمة ما بعد البيع وانتشارها في معظم مدن المملكة وعدم اقتصارها على المدن الكبيرة.. وقد تساعد الحملات التوعية الشرائية على توجيه وترشيد المستهلك في ان يتفحص مقتنياته قبل الشراء وان لا ينظر الى الفارق البسيط في السعر مما يسببه من اضرار وتكلفة معنوية ومادية هي أعلى بكثير عما اكتسبه بشراء سلع لا مراكز خدمة لها ولا ضمان.