جبلت قلوب ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، على حبّ الخير، ومناصرة المظلوم، والوقوف مع القضايا الإسلامية في كل مكان، سجيّةٌ تلك فيهم غير محدثةٍ.. كما قال الشاعر،
والمسلمون في كل مكان يجدون من هنا، العون في المساجد وبنائها، وفي المدارس وما تحتاجه من كتب ومصاحف، وفي الدراسة والمنح الدراسية. والمساعدات ومناصرة قضاياهم.
ذلك أن الله سبحانه وتعالى خص هذه البلاد بمكانة كبيرة، إذْ كانت الأماكن المقدسة، في مكة المكرمة، والمدينة المنورة واتجاه وجوه المسلمين في أي موقع على وجه الأرض، إلى الكعبة المشرفة، التي تحتل مكانة رفيعة عند المسلمين، لأن الله عظَّمها، وجعلها مهوى الأفئدة، فكانت بمنزلة ا لقلب من الجسد.
فكان المسلمون يجدون المناصرة والتفاعل في حل قضاياهم، والوقوف بجانبهم، مثلما أنهم يطمئنون لعلماء المملكة في الفتوى، ويقتنعون لما يصدر عنهم، لأنه مدعوم بالدليل الواضح من الكتاب والسنة.
ذلك أن هذه البلاد منذ أن أرسى دعائمها، وثبت أسسها الملك عبدالعزيز يرحمه الله في رحلة البناء والتوحيد، التي أخذت منه ومن رجاله جهداً ووقتاً.. فقد حرص بأن يكون دستور بلاده القرآن الكريم، الذي قدم نسخة منه، لأول مؤتمر قامت بموجبه هيئة الأمم المتحدة.
وأصرّ بعزم وثبات عن عدم الزحزحة أو التراجع لأعداء الإسلام الذين حاولوا ثنيه عن هذه النية الصارمة، بل قال: هو دستورنا، ومنهج عملنا، لأنه شرع الله الذي شرع فيه لعباده ما ينفعهم، وحذرهم مما يضرهم، صالح في كل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة.. وقد أغضب عمله هذا الصهيونية العالمية، وأعداء الإسلام.
فكانت بذلك المملكة العربية السعودية هي الوحيدة من ذلك التاديخ على وجه الأرض، التي تطبق الشريعة الإسلامية: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتطبق الحدود الشرعية.
* .
صمدوا على هذا المبدأ في وجه التيارات والتحديات.. والشبهات التي تطرح: مرة باسم حقوق الإنسان، ومرة باسم منظمة العفو الدولية، ومرة باسم المرأة وحقوقها، كما في مؤتمري: بكين بالصين ومؤتمر القاهرة، ثم إن أصواتاً إعلامية صهيونية برزت مع الأحداث الدولية الأخيرة، صدرت تلك الأصوات في الصحف الغربية، تدعو إلى التدخل في المناهج الدراسية، والاعتراض على آيات كريمات من كتاب الله عز وجل وأحاديث صحيحة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغبة من الدافعين لذلك الأمر، مسخ القرآن الكريم، من قلوب المسلمين، الذين يرون مثلهم المطمئن، في المملكة ومنهج قادتها الإسلامي، المعتدل في كل أمر، كما هي وسطيّة هذا الدين، حيث جعل الله أمة محمد، وسطاً بين الناس.. مع سائر الأمم في كل أمر.
ونرجو الله أن يثبِّتهم، وأن يعينهم على التصدي لأعداء دين الله، وأعداء البشرية.
ونرجو الله أن تكون هذه البلاد محفوظة بحفظ الله، من كيد الأعداء، وتربص المغضوب عليهم،وأن يكونوا ومن يسير على نهجهم المستمد من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تركها في أمته بعد وفاته عندما قال قبل وفاته عليه الصلاة والسلام: «تركت فيكم أمريْن لن تضلُّوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله وسنتي».
وإن الشبهات التي تطرح في الوسائل الإعلامية، ضد المملكة، وضد تعاليم الدين، وفي مقدمتها، الاعتراض على تطبيق الحدود الشرعية، والرغبة في زعمهم: تحرير المرأة..
ويراد من ذلك نبذها للحشمة والوقار، والبعد عن التبرج ومخالطة الرجال في أعمالهم، ونزع الحياء الذي هو تاج على رأس المرأة المسلمة، وغير ذلك من شبهات تطرح، وآراء يراد منها زعزعة الإسلام، من قلوب أبنائه ونسائه.
وهي شنشنة قديمة، تحركها الأهواء بين وقت وآخر، والخوف من الإسلام أن يحاصرهم في ديارهم فكل فرد يعبر عما يراه مخفضاً لمكانة الإسلام من قلوب أبنائه.. فهذا رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية، يقول هذا الرجل واسمه: غلاستون: لن تستقيم حالة الشرق، ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن، هذا عن الحجاب،ويقول صموئيل زويمر الذي قيل إن أصله يهودي، وأوصى عند موته بأن يدفن على طريقتهم يقول عن العقيدة والعبادة: لن يهدأ لنا بال حتى نمزق القرآن من قلوب المسلمين ونجعل بجوار الكعبة كنيسة.
وبغض النظر عن هذه المقولة أو تلك، فإن الذي يجب أن يعرفه كل مسلم: أن وراء ذلك من لعنهم الله وجعل منهم القردة والخنازير، أهل الكذب والبهت، قتلة الأنبياء، وغير ذلك من الصفات التي أوضحها القرآن الكريم عنهم، إنهم اليهود، الذين هم وراء كل شرٍّ ومصيبة حلت بالبشرية، ونرى أثرهم في فلسطين: قتلاً وتدميراً وإرهاباً.
وما ذلك إلا أن تاريخ اليهود، ما هو إلى سجل حافل بالغدر والبهتان، والخيانة والتآمر، منذ كتب الله عليهم الذلة والصغار والهوان.
فقد خانوا عهدهم مع أفضل خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم، وحاولوا قتله، ووضعوا له السم، في عضد شاة،وسحره لبيد بن الأعصم اليهودي.. فكيف يكون مع غيره.. يقول أحد زعمائهم في العصر الحاضر «مناحم بيجين» في كتابه الثورة، قصة الأرجوان: لن يكون هناك سلام لشعب إسرائيل، ولا في أرض إسرائيل، ولن يكون هناك سلام للعرب، ولا في أرض العرب، وستستمر الحرب بيننا وبينهم، حتى ولو وقَّع العرب معنا معاهدة صلح «نظرة في الأمن الإسرائيلي ص17».
*، وهذا ما نشاهده من شارون وعصابته، حيث نراهم يتحايلون ويفتعلون مفاهيم متعددة لأي بند أو اتفاقية، حتى تنحلَّ ليستمروا في عدوانهم.
لا أحمد إلا الله:
جاء في كتاب غرر الخصائص: أن الحجاج أتى بقوم ممن خرجوا عليه، فأمر بهم فضربت أعناقهم، وأقيمت صلاة المغرب، وقد بقي من القوم واحد، فقال لقتيبة بن مسلم انصرف به، حتى تغدو به عليّ.
قال قتيبة فخرجت والرجل معي، فلما كنا ببعض الطريق قال لي: هل لك في خير؟
قلت: وما ذاك؟
قال: إني والله ما خرجت على المسلمين، ولا استحللت قتالهم، ولكن ابتليت بمن ترى، وعندي ودائع وأموال، فهل لك أن تخلي سبيلي، وتأذن لي حتى آتي أهلي، وأردّ على كل ذي حقٍّ حقّه، وأوصي ولك عليَّ أن أرجع، حتى أضع يدي في يدك، فعجبت له وتضاحكت لقوله، ومضينا هنيهة، ثم أعاد عليّ القول،وقال: إني أعاهدك الله، لك عليَّ أن أعود إليك.
فما ملكت نفسي حتى قلت له: اذهب.. فلما توارى شخصه أُسقِط في يدي فقلت: ماذا صنعت بنفسي؟.
وأتيت أهلي مهموماً مغموماً، فسألوني عن شأني فأخبرتهم، فقالوا: لقد اجترأت على الحجاج.
فبتنا بأطول ليلة، فلما كان عند أذان الفجر، إذا الباب يُطرق، فخرجت فإذا أنا بالرجل، فقلت أرجعت؟ قال: سبحان الله جعلت لك عهد الله عليَّ أفأخونك ولا أرجع، أما والله إن استطعت لأنفضك، وانطلقت به حتى أجلسته على باب الحجاج ودخلت.
فلما رآني قال: يا قتيبة أين أسيرك؟ قلت: أصلح الله الأمير بالباب ، وقد اتفق لي معه قصة عجيبة، قال: ما هي؟ فحدثته الحديث. فأذن له فدخل، ثم قال: يا قتيبة أتحب، أن أهبه لك؟ قلت: نعم. قال: هو لك. فانصرف به معك.
فلماخرجت به قلت له: خذ أي طريق شئت، فرفع طرفه إلى السماء وقال: لك الحمد يا رب. وما كَلَّمني بكلمة، ولا قال لي: أحسنت ولا أسأت، فقلت في نفسي: مجنون والله -، فلما كان بعد ثلاثة أيام جاءني، وقال: جزاك الله خيراً، أما والله ما ذهب عني ما صنعت، ولكن كرهت أن أشرك مع الله وحمده، حمد أحد (ص20).
|