المدرسة مورد عذب ومرتع خصب للتربية والتعليم او يفترض ان تكون كذلك وهي سند للاسرة والمنزل في عملية تربية الاجيال يجب ان لا يتخرج فيها الطالب الا وقد اكتمل ونضج تربوياً وخلقياً في مرحلة الثانوية وهي ما قبل التخصص الجامعي اعداداًَ للعمل او الدراسات العليا المتخصصة، اذن هو حينما ينهي مرحلة المدارس التي تنتهي بالثانوية يكون قد مرّ بمراحل من التعامل التربوي الذي يفترض ويجب ان يكون راقياً آدمياً إنسانياً يصطبغ به هذا الكائن الاجتماعي ليتدرج به ومنه ويطوّر تعامله واخلاقياته ويرقى بها الى الافضل حيثما وهبه الله من الحكمة..
غير ان بعض المدارس الثانوية ممثلة في اداراتها واشرافها الطلابي وعدد من معلميها مازالوا يعيشون بعقلية قرون مضت ويحشرون انفسهم في زوايا مظلمة من مساحات علم التربية.. وطرق التدريس واساليب التهذيب تركت الى غير رجعه في زمان النور الهادي الى سبل لطيفة رحيمة تعامل عقل الطالب ووجدانه واحاسيسه ومرحلته العمرية بطرق تكاملية يسند بعضها بعضاً لتخرج منها عملية تربوية تهذيبية تعليمية تكوِّن شخصية هذا الانسان من جميع عناصرها ليكون فرداً فاعلاً بنجاح في مجتمعه وأمته..
في تلك المدارس ينشط سعادة المدير وجمع من الوكلاء والمعلمين ممن يتفقون مع سعادته على ان العصا والارهاب الصباحي خير وسيلة للتأديب..
والتأديب كان في زمن مضى يطلق على التعليم الراقي لكن سعادته يفهم غير ذلك ويؤمّن على اقواله وكيله وعدد من المعلمين المحنطين تربوياً بمواد لم تعرفها مومياوات الفراعنة ولتوضيح صورة من ذلك يمكن استعراض حالة مرت على طالب ذات صباح أغبر بالنسبة له فقد خرج مع اخوته ووالده صباحاً على نية التوجه للمدرسة مبكراً كعادتهم دائماًً الا ان «خردتهم» وهذا ما قسمه الله لهم فسيارتهم قديمة وتتعطل كغيرها وصار عطلها هذه المرة عن طريق دورة الكهرباء والبطارية واسلاكها فالحرص على الصيانة لا يحمي دائماً من حدوث مفاجآت كالتي حدثت ذلكم الصباح وسببت التأخير وتقتصر على ما حدث لطالب الصف ثاني ثانوي طبيعي «علمي» حينما دلف عبر مدخل المدرسة ضمن عدد قليل من الطلاب المتأخرين مثله ربما بحكم العادة او انها حالة نادرة مثل صاحبنا هذا الصباح.. وجدوا امامهم سعادته وعصابته المستأسدة تكاد تتميز من الغيظ ويطلبون منهم الادلاء باسمائهم رباعية واسباب التأخير عاجلاً رغم انهم يقاطعونهم قبل تكامل جملهم بأن هذا كذب ويستبقونهم في الكلام مفندين ومكذبين اقوالهم ثم اخذوا بضربهم علي ايديهم ضربات محسوبة بالعدل وهذه نسجلها لصالحهم ثم بدأ التفتيش البوليسي غير المحترم بداية بالكتب صفحة صفحة مروراً على الجيوب ومادونها او حولها من مناطق يظن سعادته انهم ربما يخفون فيها الممنوعات التي يجب ان تصادر كالجوالات او السجائر او الافلام او الصور.. هذا ما أتخيله انا وربما له مخيلة مبدعة في هذا الشأن .
ويقال ان بعضهم يتم توقيفه لمدة الحصة الاولى لمن تكرر غيابه أما من كان لاول اوثاني مرة فربما نال شرف العفو من سعادته وزمرته وسمح له بالالتحاق بصفه الدراسي، وعندما اصف اولئك بالزمرة او العصابة فلانهم خرجوا عن النهج التربوي السليم الذي يجب ان يراعي مشاعر الطلاب والانسانية فهم رجال المستقبل ولابد من زرع الثقة في نفوسهم وانها في عزائمهم ورفع معنوياتهم بالحكمة واللين والابوية والاخوية والصداقة والمصداقية معهم لنخرّج منهم اجيالاً صالحة يعرف الجميع ماذا سيكونون وماذا سيصنعون لوطنهم ولا يلام سعادته إن تعامل مع عينات من الطلاب تأكد انه لا ينفع معهم الا اسلوبه المشار اليه على ان الافضل في نظري في كل الاحوال ان الحكمة والملاطفة واللين المقنن مع هؤلاء الفتية يصنع مالا يصنعه عصا وعنف والفاظ نمور الورق الصباحية.
|