Friday 17th May,200210823العددالجمعة 5 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

استلهامات من توجيهات سمو ولي العهد استلهامات من توجيهات سمو ولي العهد
د. سليمان بكر سندي

مما لاشك فيه أن التوجيهات والأوامر السامية التي يصدرها صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني تأخذ طريقها الى التنفيذ عبر مجلس الوزراء بمختلف وزاراته. حيث تصل الى كافة الادارات الحكومية، حتى الادارات الصغرى منها، في صورة تعاميم سامية لتصبح كما اشار اليها صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، «منهاجا للعمل ونموذجا لقياس مصداقية الأداء ومعيارا للمحاسبة».
ومثل هذه التعاميم انما تمثل خطوط التماس والتواصل بين صاحب السمو الملكي ولي العهد وبين جميع المسؤولين في مختلف الوزارات والادارات الحكومية حتى اصغر هذه الادارات، كي يتمكن جميع المسؤولين صغيرهم وكبيرهم كل في نطاق عمله ومجال مسؤوليته من التعاون على اداء المسؤولية والامانة الملقاة على عاتقهم تجاه أبناء شعبهم الكريم ووطنهم المفدى، تلك المسؤولية التي اعتبرها صاحب السمو الملكي ولي العهد الامير عبدالله عهدا وميثاقا يحتم على كل مسؤول، صغيرا كان ام كبيرا ان يؤدي الامانة الملقاة على عاتقه دون اهمال. وهذه التعاميم اذا اردنا ان نعرف وظيفتها ومغزاها وهدفها فعلينا ان نبحث في موضوعاتها حتى نعلم ان هذه الموضوعات انما تنشد الصالح العام وتهدف الى صالح الوطن والمواطن، وكل ما يتعلق بمصالح المواطنين في مختلف الادارات والجهات الحكومية، فعلى سبيل المثال فان التعليمات والاوامر والتوجيهات التي اصدرها مؤخرا صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد والتي اخذت طريقها الى الادارات الحكومية في صورة التعاميم الاخيرة، ركزت في موضوعاتها على ضرورة مراعاة الامانة، وعدم الظلم والقضاء على المعاناة، ورفع معاناة الموظفين والمواطنين من جراء تأخير معاملاتهم.
وكذلك طلب سموه من الجهات الحكومية مراقبة الله، واداء الامانة حقها ومراعاة الامانة في الاداء، وعدم تأخير ما لديها من مواضيع للبت فيها. وهذه الامور وان كانت تبدو بسيطة في ظاهرها الا انها تنم عن تلمس سموه بأحاسيسه الرهيفة لما يعانيه العديد من المواطنين وصغار الموظفين في مختلف القطاعات والمؤسسات الحكومية وغيرها، مما حدا بسموه الى هذا التعميم الاخير النابع من القلب، والذي يدل على ماهو معهود في سموه من احساس بالمسؤولية، وشعور بما يعانيه المواطن من مشكلات، وخوف من ان تسير الامور على غير ما قدر لها، او ان توضع الامور في غير نصابها، وكذلك الخشية من ان تضيع الامانة بين اهلها الذين حملوها، فقد استشهد سموه في خطابه التعميمي الأخير بقول الحق تبارك وتعالى: إنَّا عّرّضًنّا الأّمّانّةّ عّلّى پسَّمّوّاتٌ وّالأّرًضٌ وّالًجٌبّالٌ فّأّبّيًنّ أّن يّحًمٌلًنّهّا (ّأّشًفّقًنّ مٌنًهّا وّحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ (72)} [الأحزاب:(72)
ويضيف معقبا: هي الامانة بكل صورها واشكالها، نأت عن حملها السموات والأرض والجبال، وحملها الانسان تكليفا يحاسب عليه، ولا سبيل للانسان الى أدائها على اكمل وجه الا باخضاعها لميزان العدل وفاء والتزاما لوجهه الكريم.وهذه الامور الادارية السلبية التي نوه عنها سموه في تعميمه الاخير ربما تعد جانبا من سلوكيات ادارية سلبية عديدة، تترك في مجموعها اثرا سيئا على الاداء الاداري العام، وتعطل مصالح المواطنين، وتؤدي الى ضياع الحقوق، وتفتح طريقا للتذمر، فعلى الرغم من وجود اجهزة رسمية رقابية تقوم بمهمة الرقابة والتحقيق والمتابعة، مثل ديوان المراقبة العامة، وكذلك هيئة الرقابة والتحقيق، الا ان ضعف الرقابة والتهاون في كثير من الامور ادى الى عدم الاخلاص في العمل والتهاون في الأداء وضعف في الاشراف، مما ادى الى تغيير المفاهيم، وقلب الحقائق وتغيب الصدق والصراحة لصالح شيوع الكذب والخداع والنفاق، وضياع الأمانة وانتشار الخيانة، وهذا ما أنبأنا به نبي الهدى صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف حيث قال: «بين يدي الساعة سنون خداعة، يصدَّق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق، ويخوَّن فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن». ولعله من الملاحظ في الآونة الأخيرة ان كثيرا من الادارات الحكومية حتى العليا منها يسير العمل فيها احيانا بأسلوب الأخذ بالظن والشك دون اليقين وأحيانا كثيرا لتحقيق مآرب ومصالح شخصية، والانصات الى الوشاة او البطانة السيئة التي احاطت نفسها بها في تقييم الأداء دون الاستناد الى تقارير رسمية تقوم على تقييم حقيقي صادق يتسم بالأمانة والصدق، وتقدير مسؤولية تقييم اداء الغير، والعمل في سبيل الصالح العام لا للمصلحة الشخصية، والنية الصادقة في عدم تعطيل مصالح المواطنين وحقوقهم وارساء قيمة العدل، ورفع الظلم والقضاء عليه، مما حدا بسمو الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد لأن يستشهد على ذلك بكثرة التظلمات وان يعتبر سموه هذه التظلمات دليلا على ان صاحب الحاجة قد استنفد كل السبل وطرق كل الأبواب.
«ما من احد يتولى أمر عشرة الا جاء يوم القيامة مغلولة يده الى عنقه فكَّه عدلُه، أو أوبقه ظلمه».
والمسؤولية التي يحملها على عاتقه كل مسؤول كبيرا كان ام صغيرا هي أمانة عظيمة، وطالما ان اي مسؤول قبل ان يحمل هذه الامانة فليتحمل المسؤولية عنها وليؤدها حقها، فمحك الامانة كما يشير سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في تعميمه هو الاخلاص لها، ومحك المحاسبة هو الاستهانة بها، اي بالأمانة والمسؤولية - كما يشير سموه في تعميمه فان على كل مسؤول صغيرا ام كبيرا ان يدرك بثاقب بصره بأنه اذا ما فتح باب من الخير عليه «بتوليه لأي مسؤولية أو منصب» ان يبادر بالاخلاص والنية الصادقة في هذا الباب، خدمة لوطنه وشعب أولاه الله أمر خدمتهم.
وكما يضيف سموه في تعميمه: «ان من جَانَب ذلك فانه واهم أو متوهم فهو لا يعلم متى يقبله القادر - جلت قدرته عليه، ولن يبقى له من ذلك كله غير ما خلفه وراءه من تجربته مع الامانة فان كانت خيرا فقد كسب خير الدنيا ذكرا، وحسن العافية في آخرته ان شاء الله.. فصيانة الأمانة تعبدلله وحده، والانصراف عنها وعن أدائها تقصير في تلك العبادة واستهانة بها».
ويحذر سموه أمثال هؤلاء في تعميمه:ولا مكان لأمثال هؤلاء في مملكة حكَّمت شرع الله، وأقامت وحدتها على كلمته العليا، ودولة كهذه لن يعجزها بحول الله وقوته ان تستبدل القوي الامين بمن اختبرته الأيام فأعجزته كفاءته وجار على امانته وعزف عن مرضاة ربه. وفي النهاية نسأل الله تعالى ان ينفع الجميع بهذه الاوامر والتوجيهات ويوفق الله الجميع لما فيه خير البلاد والعباد انه على ذلك لقدير.

(*) مدير عام الشؤون المالية والإدارية
بجامعة أم القرى

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved