Wednesday 22nd May,200210828العددالاربعاء 10 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وشهد شاهد من أهلها وشهد شاهد من أهلها
أطروحة جامعية تفضح تاريخ إسرائيل الدموي

  * القدس المحتلة - خدمة الجزيرة الصحفية:
من غير المحتمل أن يصبح تيدي كاتز أكاديميا شهيرا - أو نموذجا سيئا له - وذلك اعتمادا على الطريقة التي ينظر بها أحدنا إلى ذلك ولكن الجدل حول ما إذا كانت أطروحته لرسالة الماجستير هو الذي كان أحد أعضاء الكيبوتز في أواخر الخمسينيات استنزف الأكاديميين لمدة عامين تقريبا.
بدأ مسلسل السيد كاتز في التكشف في شهر يناير من العام الماضي حين نشرت صحيفة إسرائيلية مقاطع من أطروحة قدمت إلى جامعة حيفا حول مصير قرية الطنطورة الفلسطينية التي دمرت في إحدى معارك حرب 1948.
خلال بحثه جمع كاتز شهادات من فلسطينيين قالوا: إن المسلحين اليهود في مرحلة ما قبل إنشاء إسرائيل قتلوا 200 مقاتل عربي بعد أن ألقوا سلاحهم وبعد استسلام قريتهم في مايو 1948.
وقد اكتشف الباحثون مجازر أخرى في حرب 1948 - أهمها دير ياسين الواقعة قرب القدس حيث قتل نحو 120 قرويا غير مسلح في حادثة تحولت إلى رمز للنكبة - والتي تعني حرفيا كارثة النزوح والاقتلاع الفلسطيني حين أقيمت الدولة اليهودية في العام 1948.
وقد كانت هناك تقارير عربية مبكرة عن حادث الطنطورة فقد أزيلت تلك القرية الساحلية عن الأرض في شهر يونيو عام 1948 وأقيم على أنقاضها كيبوتز وبركة للسباحة.
ولكن تأثير بحث كاتز كان مدويا فقد رفع قدماء المحاربين اليهود في كتيبة ألكساندروني وهي الكتيبة التي قال كاتز انها ارتكبت المجزرة قضية عليه في المحكمة وجرت القضية سلسلة من الأحداث في الساحات الأكاديمية والقضائية.
في المراحل الأولى من المعركة القضائية أنكر كاتز علنا أطروحته - ثم تراجع بعد 12 ساعة قائلا إن حكمه كان قد أضعف بجرة قلم فحولت القضية إلى المحكمة العليا.
وفي تلك الأثناء كانت لجنة أكاديمية في جامعة حيفا تراجع عمل السيد كاتز وفي هذا الشهر أمرت بتجميد الأطروحة وأعطته ستة أشهر لتقديم نسخة منقحة.
بالنسبة للسيد كاتز فإن أطروحته التي بدأ في كتابتها في العام 1998 كوفئت بعلامات مرتفعة جدا ولكن على المستوى الشخصي فإن ما رافقها من إشكاليات كان مدمرا.
بالنسبة لعلماء الاجتماع في إسرائيل الذين واصلوا مشاحناتهم حول الأطروحة على شبكة الإنترنت لأشهر فإن الضجيج حول الحقائق المكتشفة يمضي إلى عمق الصراع الدائر حول كتابة تاريخ الدولة اليهودية.
كانت التواريخ الأولى التي كتبت عن إسرائيل الحديثة قد وضعت بتوجيه أيديولوجي صهيوني وقد هيمنت عليها مذكرات الجنرالات الذين شاركوا في حروب الدولة.
كانت تلك قصصا عن أبطال يهود وليس لمدنيين فلسطينيين كانوا قد أخرجوا بقصد من منازلهم في أعمال تطهير عرقي أو أنهم هربوا بعد سماعهم بالمذابح في قرى أخرى.
وقد برز عدد من المؤرخين خلال العقد الماضي ليصححوا السجل بمن في ذلك أولئك الشبيهون بكاتز أو بني موريس وهو أشهر من يعرفون بالمورخين الجدد في الخارج، من خارج المؤسسة الأكاديمية.
ولكن بعد أكثر من عقد فإن أغلبية زملائهم يواصلون التشبث بالرواية التقليدية القديمة.
وعلى الرغم من أنها دفنت قبل خمسة عقود فإن قصص الطنطورة وأكثر من 400 قرية فلسطينية دمرت لدى إقامة الدولة اليهودية تهدد في صورة كبيرة المجتمع الإسرائيلي الراهن.
إن مصير قرى مثل هذه قضية مركزية بالنسبة لمطالب الفلسطينيين بحق العودة لنحو 308 مليون مسجلين باعتبارهم لاجئين إلى ما يعرف اليوم بإسرائيل.
إن الضغوط من أجل التلاؤم مع السائد قد بدأ يقوى منذ انتقال إسرائيل نحو اليمين بعد نشوب الانتقاضة الفلسطينية الدامية قبل نحو 14 شهرا ولقد جعل المناخ الحالي الأكاديميين الإسرائيليين يجدون صعوبة أكبر في تحدي الأساطيرالمؤسسة للدولة اليهودية.
لقد كان عمل كاتز الأكاديمي إشكاليا بطرق أخرى فقد بنى أطروحته على شهادات شفوية لأحياء نجوا من مجزرة الطنطورة القريبة من مدينته حيفا.
وقد نفيت التقارير باعتبارها غير موثوقة من جانب بعض الأكاديميين الإسرائيليين وتحديدا لأنه اعتمد على مصادر فلسطينية.
«هذا غير عادل» كتب إيلان بابه وهو عالم اجتماع في جامعة حيفا كان قد برز مدافعا عن كاتز كما كان من طلائع المطالبين بإعادة تقييم تاريخ إسرائيل.
إن الشهادات الشفوية للفلسطينيين على النكبة - مثل شهادات اليهود على الهولوكوست- يجب أن تعامل باعتبارها مصادر مشروعة سواء في المحاكم أو في المناقشات العلمية.
وقد وجدت اللجنة الأكاديمية التي راجعت عمل السيد كاتز سبعة اختلافات بين الأشرطة التي سجلت عليها المقابلات والنتائج التي توصل إليها في أطروحته.
كما أن عددا من الأكاديميين قاموا بتخطئة كاتز على منهجه الشبيه بمناهج الهواة.
وفي المقابل فإنه أعلن عن ندمه على تراجعه المبكر عن أطروحته وهو ما فعله لكي يدفع عن نفسه الضرر الذي تسببه التكاليف الباهظة للدعوى المرفوعة ضده.
على أي حال فعلى الرغم من مثل هذه الهفوات فإن العديد من الأكاديميين يعتقدون ان جوهر الاكتشافات التي تضمنتها أطروحة كاتز لم تنقض بعد.
«إن السؤال عما إذا كانت جنود كتيبة ألكساندروني قد قاموا حقا بقتل سكان الطنطورة وموقع الحادثة في العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين يبقى قائما» يقول المؤرخ توم سيغيف في مقالة له نشرتها صحيفة هاآرتس ويضيف قائلا: وقضية الطنطورة ليست هي المشكلة، المشكلة هي أن معظم الإسرائيليين لم يعترفوا بعد بحصتهم من المسؤولية عن صنع المأساة الفلسطينية وحتى يفعلوا ذلك فليس هناك من فرصة للسلام.

* عن «الجارديان» البريطانية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved