Sunday 26th May,200210832العددالأحد 14 ,ربيع الأول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

إضاءة إضاءة
لماذا طفلي أنا؟
سامي السقا

هل حدث أن تساءلت «لماذا أصبح طفلي معوقا؟» إذا كان هذا قد حدث فاعرف أن السؤال هذا يطرح نفسه على معظم الآباء الآخرين وليس عليك وحدك. فكثيراً ما يتساءل الوالدان: كيف حدث هذا ولماذا؟ هل حدث خطأ ما؟ من المسؤول عنه؟ ألم يكن بالامكان تجنب ما حدث؟.
إن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة ليست «بنعم أو لا» فذلك تبسيط للأمور ولكن الإجابة العملية والموضوعية هي تلك التي تتضمن فهم الحقائق المتصلة بالإعاقة ومن هذه الحقائق نذكر:
1- أن الإعاقة كانت موجودة في الماضي وهي موجودة الآن وستبقى موجودة في المستقبل، فيما نعلم بصرف النظر عن أية متغيرات قد تحدث، كما أن أشكال الإعاقة قد تتغير وكذلك أسبابها ولكنها حقيقة موجودة والبرامج الوقائية على أهميتها، لا تمنع حدوث الإعاقة كاملاً، فكل ما تفعله أنها تخفف من نسبة انتشار الإعاقات أو أنها تخفف من شدة الصعوبات التي تنجم عن الإعاقة، باختصار.. أنك لست أول شخص يرزق بطفل معوق، والواقع أن هناك ما يزيد على «500 ـ 600» مليون إنسان معوق في العالم وما يقرب من «15» مليون إنسان معوق في الدول العربية.
2- إن الإعاقة ظاهرة تعرفها كل المجتمعات البشرية دون استثناء مرة أخرى، ما يختلف هونسبة انتشار وطبيعة أسباب الإعاقات وما إلى ذلك من المتغيرات أما الإعاقات المعروفة «السمعية، البصرية، العقلية، الجسمية، السلوكية، الانفعالية» فهي موجودة في كل المجتمعات الإنسانية بدون استثناء.
والرسالة هنا واضحة كل الوضوح في ضوء الحقائق التي ذكرناها وحقائق عديدة لا يتسع المجال لذكرها هنا نقول إن الإعاقة ظاهرة تحدث بنسب متفاوتة في كل مكان وزمان فهي لا تعرف حدوداً تقف عندها أي أنها لا تميز بين الناس اعتماداً على عرقهم، أو فئتهم الاقتصادية أو الاجتماعية، أو مستوى ثقافتهم وما إلى ذلك فالاعاقة تحدث لدى الذكر والأنثى ولدى الأبيض والأسود ولدى الغني والفقير، ولدى المثقف والأمي ولعل من نعم الله سبحانه وتعالى علينا في هذه البقاع الطاهرة أن هدانا للإيمان وقبول مشيئته فنحن نريد والله يفعل ما يريد والمؤمنون بقضاء الله وقدره يعقلون ثم يتوكلون فليس فيما نقول دعوة لعدم فعل أي شيء بل إن مسؤوليتنا كآباء وأمهات أن نحرص كل الحرص على سلامة أطفالنا وصحتهم الجسمية والنفسية، ومسؤولية الأطباء أن يقدموا أفضل رعاية ممكنة لهم ومسؤلية التربويين أن يطوروا البرامج التعليمية الفعالة والقادرة على تحسين أدائهم إن الأسرة لوحدها غير قادرة على مواجهة كل التحديات الناجمة عن الإعاقة، فهي بحاجة إلى الدعم والإرشاد ولذلك يجب عدم النظر إليه على أنه مؤشر على عجز الأسرة أو ضعفها أبداً. فالإعاقة البصرية مثلاً أكثر انتشاراً في بعض الدول منها في دول أخرى وزواج الأقارب أو تعاطي الكحول مسؤولان بنسب متفاوتة عن الإعاقة في الدول المختلفة ولكن مجتمعاً ما لا يخلو من الأطفال المعوقين عقلياً أو الأطفال المصابين بالشلل الدماغي،.. الخ. بعبارة أخرى لست وحدك الذي لديه طفل معوق إنهم موجودون حولك قد لا تعرفهم ولكنهم هناك.
3- إن الأسباب الحقيقية للإعاقة بمختلف أشكالها غير واضحة في نسبة كبيرة من الحالات صحيح أن بعض الإعاقات يمكن تحديد عوامل عضوية محددة كأسباب لها ولكن إعاقات أخرى قد لا يعرف لها سبب معين، ولعل هذه الحقيقة توضح صعوبة الوقاية من الإعاقة. ونعترف أن بعض الناس قد يعتقدون أن إعاقة الطفل قد تعني بالنسبة لهم شيئاً ما يتصل بوالديه. ولكنهم يحملون مثل تلك الاعتقادات لأنهم لا يعرفون أن الإشارة بإصبع الاتهام إلى أحد الوالدين أو كليهما أو إلى أسرتيهما عند تفسير الإعاقة ظلم كبير. لا يحقق أي هدف ذي معنى، فمعظم حالات الإعاقة، كما هو معروف تنتج عن عوامل مثل نقص الأوكسجين عن دماغ الطفل أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو الولادات العسرة أو الأمراض المعدية الخطرة وما إلى ذلك. صحيح أن ذلك يعني ضرورة رعاية الأم الحامل ورعاية الأطفال وحمايتهم من المخاطر الصحية البيئية. ولكننا لا نجد المشكلة أبداً من خلال البحث عن الأسباب في تاريخ العائلة، اللهم إلا إذا كان هناك ما يبرر الاعتقاد بأن الإعاقة وراثية فعندئذ يصبح هناك حاجة للإرشاد وليس للاتهام. فهل يحق لنا أن نتهم شخصاً على وراثته؟ أهو الذي حدد طبيعة جيناته بيديه؟
4- إن من أكثر الأشياء المؤلمة والمحزنة فيما يتعلق بالإعاقة والأطفال المعوقين وبخاصة في الدول النامية، اعتقاد الكثيرين بأن الأسرة التي تنجب طفلاً معوقاً أسرة بحاجة إلى أن تندب حظها وسبب ذلك هو الاتجاهات السلبية نحو المعوقين. فكأن الطفل المعوق من نوع أو جنس آخر، أو كأن الإعاقة يجب أن تعني نهاية كل شيء في هذا العالم السليم إلا من هذا المعاق.

*المدير التنفيذي للمركز

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved