Friday 31th May,200210837العددالجمعة 19 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
(ث) الثبات
د. محمد شوقي مكي

يقف المرء إعجاباً وافتخاراً بثبات الموقف السوري اللبناني الذي صرح به وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بعدم قبول الانضمام إلى الدول الموقعة على القرار 1373 قبل أن تحدد الأمم المتحدة معنى الإرهاب، وعدم الرضوخ للمهلة التي فرضتها هذه الهيئة للموافقة على القرار مع نهاية العام 2001م، ورغم قلة الإمكانات والموارد إلا أن هذين البلدين اللذين قدر لهما الارتباط في كثير من المواقف يقفان شامخين في وجه الظلم العالمي الذي تمثله الأمم المتحدة التي تساوي في قراراتها بين الضحية والجلاد، وكم يتمنى المرء أن تقف جميع الدول العربية ممثلة في الجامعة العربية في اتخاذ الموقف نفسه، كما كنا نتوقع أن تدعو الجامعة العربية أو أحد أعضائها حال صدور هذا القرار من الأمم المتحدة إلى اجتماع عاجل لمناقشة هذا القرار والوقوف منه موقفاً واحداً يطالب بعدم التسرع في إصدار قرار دولي تحت ضغط أي جهة ما لم يناقش هذا القرار من جميع جوانبه للتفريق بين الإرهاب وبين المقاومة المشروعة ضد العدو المحتل، والتي كفلتها أنظمة وقوانين الامم المتحدة نفسها، وإلا لأصبحت هذه القوانين يعارض بعضها بعضاً، وتصبح هذه المنظمة مهزلة تحركها الأهواء والنزوات، ولانتفت سيادة الدول وأصبح للدول المتسلطة حفز هذه المنظمة اوتلك للتدخل في شؤون الدول الأخرى وفقاً لمصالحها ونزواتها التي غالباً ما تكون آنية وغير إنسانية، ومؤشرات هذا الانفلات واضحة للعيان بإشاعة مواصلة مكافحة ما يدعى بالإرهاب ضد دول أخرى غير أفغانستان دون الرجوع للمنظمة الدولية.
لقد بدأت الجامعة العربية في اتخاذ مواقف موحدة حيال ما يدور على الساحة، ويظهر ذلك من دعوتها في الماضي القريب إلى اجتماع في القاهرة للمثقفين وأصحاب الرأي والقرار العرب لمناقشة موضوع حوار الحضارات، وانتهى هذا اللقاء إلى قرارات وتوصيات مهمة جداً ترفع من سمعة هذه المنظمة العربية التي يتوقع منها الاندماج الفعال في مشكلات وأوضاع المنتمين إليها، ولكن كان المؤمل قبل الاهتمام بحوار الحضارات تسليط الضوء والاهتمام على بوادر هذه التهديدات لأمتنا العربية التي تأتي تحت ستار مكافحة الإرهاب، وحتماً هي لها مآرب أخرى.
واعتقد أن كل مواطن عربي يتطلع إلى أن تقف الجامعة العربية والحكومات العربية صفاً واحداً ونبذ كل فرقة أمام هذه التحديات والخروج بقرارات أمة واحدة ترفض الذل والهوان قبل أن يتم اصطياد أي بلد عربي فريسة للانحياز والنزوات تحت طائلة مكافحة الإرهاب أو مايسمى بالقانون الدولي الذي هو قانون تسلطي استبدادي لفئة أو دولة معينة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved