Wednesday 5th June,200210842العددالاربعاء 24 ,ربيع الاول 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

فرد العضلات من خلال أسئلة الرياضيات!! فرد العضلات من خلال أسئلة الرياضيات!!
د.عبدالله بن عبدالرحمن آل وزرة

كنت قد توقفت عن الكتابة هنا منذ أكثر من عامين، غير ان شهيتي للكتابة عادت ووجدتني أهفو إلى الإمساك بالقلم من جديد ولا يخفاكم السبب الذي جذبني بقوة للعودة إلى منطق الكلمة أبحث عن الإجابة لأسئلة كثيرة أشغلتني، ولعلكم أيها القراء الأعزاء تحسون بنفس الإحساس عندما تواجهون (اللامنطق).
التجديد والقفزة الكبيرة التي عاشتها صحيفتنا الجزيرة هي بدون شك أهم الأسباب وراء عودتي إليكم راجيا ألا أكون ضيفا ثقيلا بل بكم وبتفاعلكم سنعمل يدا واحدة للوصول إلى هدف واحد هو جعل (اللامنطق) يتحول بوقفاتنا وتساؤلاتنا إلى المنطق المقنع والذي يجب ان يكون.
ومن (اللامنطق) الذي صدمنا به جميعا خلال الأيام القليلة الماضية هو أسلوب «فرد العضلات من خلال أسئلة الرياضيات..!».
ولعلي لا أكون مبالغاً إذا قلت بأن هذا الأسلوب الذي استخدمه واضعو أسئلة الرياضيات كان سببا في إثارة موجة من الجدل والتساؤلات التي يجب ألا تمر دون توقف معها وإعادة للحسابات بالشكل الذي يضمن عدم تكرارها على الأقل.
وكانت قراءتي لبعض ما كتب خاصة ما نشر لأحد زملاء المهنة الدكتور عبدالعزيز بن سعود العمر عميد كلية المعلمين بالرياض (الجزيرة، الأربعاء 17 ربيع الأول 1423، ص15) إذ قال بكل صراحة وجرأة «يبقى اختبار الثانوية العامة نشازاً واضحاً لا ينسجم مع الصورة المأمولة لتعليمنا. اختبار الثانوية العامة أصبح الآن من أطلال الماضي». وأعجبني قوله: «لو كنت في مكان زميلي الدكتور عبدالخالق خلف مدير عام الاختبارات بوزارة المعارف لقمت بتحنيط هذا الاختبار مع كل توابعه وبعثت به إلى زميلنا الأخ الدكتور سعد الراشد وكيل الوزارة للآثار والمتاحف ليعرضه ضمن معروضات معرض تاريخ التعليم».
هذا الرجل المسؤول والمتخصص في واحد من أكبر الصروح العلمية والتربوية التابعة لوزارة المعارف يقف هذا الموقف الرائع من أساليب القياس العتيقة التي أصبحت تتنافر مع أساليب التربية الحديثة وأشد على يد الدكتور العمر عندما يذهب أبعد من ذلك فينادي بإلغاء اختبار الثانوية العامة ودمج معدلات الصفوف الثلاثة في المرحلة الثانوية في معدل واحد.
هذه كانت ردة فعل من رجل متخصص وتربوي محسوب على وزارة المعارف، يقف هذا الموقف الجميل والمتفاعل مع الأزمة التي أثيرت خلال الأيام القليلة الماضية بعد كارثة امتحان الرياضيات للبنين والبنات.
ولعلي استسمحكم أيها الأعزاء بأن أستعرض في هذه الزاوية بعض ما أثير في هذا الإطار لتتضح الرؤية لمن لم يتابع ما كتب حول هذه الزوبعة.
وهذه الأسطر أوجهها بكل حب وأمانة للمسؤولين في الإدارة العامة للاختبارات بوزارة المعارف وفي تعليم البنات، مع التأكيد أننا لا نشك في قدرتهم على الخروج بسلام من هذه الأزمة (التي ربما اعتقد بعض الناس أنها مفتعلة) وهي في الحقيقة جاءت مخيبة للآمال من خلال النتائج السلبية التي أفرزتها هذه القسوة التي ظهرت لنا في أسئلة اختبارات مادة الرياضيات التي جاءت كأنها متعمدة، وقد يذهب البعض إلى ان هذه الأسئلة أكدت جهل من وضعها ووافق عليها بالأساليب التربوية الحديثة.
لقد صدم معظم طلاب وطالبات الصف الثالث الثانوي وأهلهم ومعلميهم.. شُدهوا، واعتبر الطلاب المعنيون ان ماحدث كان كارثة حقيقية فقد عادوا بعد امتحان الرياضيات محبطين (كثير منهم انهارت أعصابه) خصوصا الجادين والمتميزين منهم، لقد كانت صدمة موجعة نفذها واضعو أسئلة الرياضيات بكل برود أعصاب، وشاركهم في تنفيذ هذه الصدمة كل من وقع موافقا على صحة تلك الأسئلة وعدالتها سواء كان عالما أو جاهلاً بمفاجآتها.
لقد كان لهذه الصدمة الموجعة اثراً سلبياً على عطاء معظم الطلاب والطالبات، في امتحانات الأيام التالية، فمن هول المفاجأة بقي الضغط النفسي و(المغص القلبي) جاثما عليهم، ولم يصحوا من ردة الفعل إلا بعد وقت ليس بالقصير، وذلك يعني أنهم لم يقدموا الامتحانات التالية بالمستوى المأمول، حيث لم يستطيعوا استذكار دروس الأيام التالية بالشكل المطلوب، بل لم يستطع بعضهم الإجابة بشكل يتناسب مع مستواه الحقيقي.
وبكل اختصار لقد نجح واضعو أسئلة الرياضيات ليس فقط في جعل الطلاب لا يحصلون على درجات عالية في الرياضيات بل حتى في المواد السهلة التي جاء اختبارها في اليومين التاليين.
الأمر (المثير للدهشة) والذي كان من الدوافع التي جعلتني أتخذ هذا الموقف المنحاز لجانب الطلاب والطالبات هو السلبية غير المتوقعة في ردود مسؤولي التعليم مما عزز الشك في ان الأمر مدبر كما يشاع، فقد صرح بعضهم بأن النتائج إيجابية لما تم تصحيحه من تلك الإجابات!!.
وطبقا لما ورد في هذه الجريدة (الجزيرة، الثلاثاء 16 ربيع الأول 1423هـ الصفحة الأخيرة) فكيف تكون الإجابات إيجابية والأسئلة أصلا بها أخطاء، فقد أكد عدد من المدرسين المتخصصين ان السؤال الثاني في أسئلة البنات في مادة الرياضيات لا يوجد أصلا في المنهج المعتمد من الوزارة.. (تصوروا سؤال من خارج المنهج) وذكر أحد الأساتذة بأن هذه المسألة جيء بها من المناهج الأردنية!! والفقرة الثانية من السؤال الثالث والفقرة التكاملية من السؤال الرابع غير صحيحتين بالصيغة التي عرضت بهما في ورقة الأسئلة (الجزيرة 16 ربيع الأول 1423هـ الصفحة الأخيرة). ومادام الأمر كذلك فإننا توقعنا من مسؤولي التعليم إما الاعتذار أو تبرير هذه الأخطاء بمبررات مقنعة أو الإعلان عن استبعاد تلك الأسئلة وإعادة توزيع الدرجة على الأسئلة الصحيحة، لا ان يقفوا موقفهم الرافض للنقد وكأنهم رسل لايخطئون!.
أما الأمر المضحك المبكي حقيقة، والذي كان أحد الدوافع القوية التي جعلتني أكتب هذه الأسطر هو تعليق مشرفة مادة الرياضيات التي قامت بوضع أسئلة امتحانات الثانوية العامة للطالبات ونفت كون أسئلة مادة الرياضيات التي قامت بوضعها غير واضحة ومبهمة أو أنها لم تراع مستوى الطالبات، (أما أنا فأقول لها: شين وقوي عين) المضحك في الأمر قولها بأن العديد من الطالبات خرجن من الامتحان وهن راضيات ومسرورات عن مستوى الأسئلة!!! أما أنا فأقول: «إنها ربما رأت عددا من الطالبات اللاتي فقدن عقولهن من هول الصدمة فخرجن يضحكن مسرورات من هول الصدمة (أو ربما رأت دموعهن من البكاء فتهيأ لها انها دموع الفرح!)». (انظر جريدة الرياض ليوم الثلاثاء 16/3/1423هـ ص16).
ثم نجدها تتباهى بقولها: «بأن اختيار المعلمة أو المشرفة حسب خبرتها الطويلة وتمكنها من المادة، وماهو معروف عنها بحرصها بوضع المقياس والمعيار للأسئلة بحيث تناسب جميع المستويات المتفاوتة بين الطالبات» والواقع بأن ماحدث يتعارض بل يتنافر مع هذا التصريح المتوقع (فهي بطبيعة الحال لن تعترف بأنها غير ما قالت عن نفسها). (وربما انطبق عليها قول المثل الشعبي: مادح نفسه....).ما ذنب الطالب أو الطالبة إذا كان قدره أنه كان في مدرسة المدرس أو مدرسة بها مستواه متدنٍ، ونحن نسمع بين وقت وآخر من بعض مسؤولي التعليم ان الحاجة تجبرهم على قبول مدرسين مستواهم متدنٍ خاصة في بعض التخصصات النادرة والتي منها بطبيعة الحال الرياضيات، وماداموا قد اعترفوا بوجود مثل هؤلاء المدرسين كان يفترض ألا يسمحوا لواضعي الأسئلة بفرد عضلاتهم بالطريقة التي حدثت، على اعتبار ان جميع المدرسين من المتميزين.

(*) وكيل كلية الآداب للشؤون الأكاديمية
جامعة الملك سعود - الرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved