*القاهرة - مكتب الجزيرة - طارق محيي:
اين دور الامم المتحدة فيما يجري في الاراضي الفلسطينية والعالم وما هي سلطاتها وقوتها في ادارة المواقف المتأزمة وتحقيق العدل والسلام والأمن في العالم، وهل فقدت مصداقيتها في ظل تداعيات الاحداث الراهنة.. هذه التساؤلات وغيرها كانت محور ندوة نظمها المنتدى الثقافي المصري بالقاهرة مؤخراً واستضاف فيها السفير عصام الدين حواس مندوب مصر الاسبق لدى الامم المتحدة بفيينا وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للامم المتحدة.
اكد حواس ان الامم المتحدة ليست سلطة مستقلة تستطيع ان تقيم السلام والامن في العالم ولكنها مؤسسة تعكس ارادة اعضائها وبقدر ما لدى اعضائها من ارادة واصرار على قيام العدل والسلام بقدر ما تكون الامم المتحدة قادرة علي ادارة المواقف المتأزمة في العالم موضحاً انه لايزال امام العالم الكثير من الوقت حتى نصل الى نظام دولي جديد غير النظام الحالي، نظام يسوده التوازن بين الدول بدلاً من هيمنة القوة والمصالح.
واوضح السفير حواس انه في ظل عالم متغير تسيطر عليه قوة القطب الواحد، قوة لا تعبأ بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتسيس الامور حسب مصالحها، وتتحكم في الهيئات والمصالح العالمية، مما ادى الى ان الامم المتحدة فقدت مصداقيتها كمؤسسة عالمية؟ خاصة لدى دول العالم الثالث التي تعلق دائماً الامال على هذه المنظمة الدولية لاخذ حقوقها في عالم لا يعرف الا لغة القوة.
مواقف مخجلة
وأضاف حواس ان هناك الكثير من المواقف للامم المتحدة مخيبة للآمال ولا تعبر عن انها هيئة أنشئت لتخدم جميع الدول وليس مصالح الدول الكبرى فقط؟ وهذا لا يقلل من مواقفها القليلة المتميزة في عمليات حفظ السلام، ومراقبة وقف اطلاق النار في مناطق التوتر في العالم.
واوضح حواس ان الولايات المتحدة استغلت الامم المتحدة، في كثير من المواقف لتستخدمها كغطاء شرعي لعملياتها العسكرية العديدة في جميع انحاء العالم كما في حملتها ضد الارهاب في افغانستان وقد تتطور الى اكثر من ذلك؟ مشيراً الى آن الولايات المتحدة استغلت مجلس الامن في اصدار قرارات كثيرة تعاقب بها من تريد من دول لا تتبع امريكا وسياستها.
وقال حواس ان امريكا تستخدم الفيتو في مجلس الامن الصالح دولة وحيدة في العالم بالطبع هي اسرائيل التي تتحدى الشرعية والقانون الدولي وحتى اذا اصدرت القرارات ضدها فإن اسرائيل ترفضها وتندد بها وتتحداها وهذا ما حدث في رفض لجنة تقصي الحقائق في جنين مؤخراً ومن قبل ذلك بكثير تتحدى اسرائيل تنفيذ قرارات مجلس الامن والامم المتحدة 242 و 388 و 1367 الخاصة بالانسحاب وعودة اللاجئين الفلسطينيين، ومع ذلك تقف الامم المتحدة موقف المتفرج بل والعاجز عن فعل شيء امام الصلف والتعنت الامريكي والاسرائيلي مما اضعفها وافقدها قدرتها على ادارة شئون العالم.
رغم ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي قامت بقرار من الامم المتحدة وكان ذلك في بروتوكول لوزان عام 1949م والذي ينص على قرار تقسيم فلسطين الي دولتين اسرائيل وفلسطين، وقرار عودة اللاجئين الفلسطينيين، وان تكون القدس تحت اشراف دولي، ومع ان هذه الشروط وضعتها الامم المتحدة لقبول دولة اسرائيل كعضو بها لكن اسرائيل لم تنفذ هذه القرارات وهي لاتزال عضواً في الامم المتحدة.
واضاف حواس ان المادة الثالثة من ميثاق الامم المتحدة تنص على أنه اذا امعن عضو في انتهاك مبادىء الامم المتحدة جاز للجمعية العمومية ان تفصله بقرار من مجلس الامن، واسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تنتهك مبادئ ميثاق الامم المتحدة ودائماً لا يصدر قرار فصلها ولن يصدر مثل هذا القرار بفضل الفيتو الامريكي الذي يعطيها دائماً الاشارة الخضراء لتفعل ما تريد لتعبث بالمقدسات الاسلامية والمسيحية وتقتل وتدمر فلن يسألها احد ماذا تفعل وان سألها فالجواب معروف مسبقاً الفيتو الامريكي او اعلان الانسحاب كما حدث في مؤتمر دربن بجنوب افريقيا حيث انسحبت الامم المتحدة عندما علمت ان المؤتمر سيصدر قراراً يدين اسرائيل ويعتبرها عنصرية وقد انسحبت تحت الضغط الامريكي والاسرائيلي.
الجانب الانساني للامم المتحدة
اشار السفير حواس الى انه رغم اخفاق الامم المتحدة في ادارة الصراعات السياسية بعدالة وحيادية الا انها استطاعت تحقيق نجاحات كبيرة على الجانب الانساني والبيئي منها اتفاقية فيينا لحماية طبقة الاوزون مارس 1985م وبروتوكول مونتريال التنفيذي سبتمبر 1987م وبروتوكول كيوتو لعام 1997م لخفض انبعاثات الغازات المؤثرة على حرارة الارض ودخل حيز التنفيذ اعتباراً من 1/6/2002م كما نجحت الامم المتحدة في جعل 175 بلداً خالية من شلل الاطفال وكذلك تم القضاء على مرض التيتانوس الذي يصيب الاطفال حديثي الولادة، واستطاعت الامم المتحدة تنسيق اكثر من منظمة عالمية لها اسهاماتها العالمية في جميع المجالات مثل منظمة العلوم والثقافة اليونيسكو ومنظمة الغذاء والزراعة «الفاو» وصندوق الامم المتحدة للطفولة «يونيسيف».
ماذا علينا ان نفعل
ودعا حواس الدول الافريقية والآسيوية ودول امريكا اللاتينية لمحاولة انشاء هيئة دولية تجمعهم على غرار هيئة الامم المتحدة الحالية ولتكن امم متحدة جديدة تخدم مصالح الدول الفقيرة، وتحاول الحد من الازدواجية والانتقائية في قرارات الامم المتحدة لصالح الدول الكبرى فقط.
وطالب حواس الدول العربية ان تعي مدى ما يمكن ان تقدمه لنا الامم المتحدة وماهو الحد الاقصى للاستفادة من هذه المنظمة؟ موضحاً اننا لابد ان نستغل كل امكانياتنا المادية والعلمية الضخمة وكذلك الامكانيات الجغرافية والسكانية حتى نستطيع تحقيق مكاسب لنا ولقضايانا ولا ننتظر الامم المتحدة لتحل لنا كل مشاكلنا وهمومنا؟ وعلى العالم ان يعمل لاصلاح هيكل ومؤسسات الامم المتحدة؟ حيث نبدأ بتطوير مجلس الامن واصلاحه؟ وكذلك تزويد عدد الاعضاء الممثلين فيه عن 15 عضواً حاليين، وان يكون تمثيل الدول النامية والفقيرة اكثر من ذلك؟ وبعد ذلك نحاول الغاء قرار الفيتو المقتصر فقط على خمس دول كبرى اضافة الى السعي لاقامة ديمقراطية العلاقات الدولية بين الدول الاعضاء وبين الامم المتحدة واجهزتها المختلفة، وكذلك العمل علي تعديل ميثاق الامم المتحدة الذي بدأ بتوقيع 50 دولة منذ نشأتها عام 1949م ولان عدد الاعضاء الآن وصل 190 دولة بانضمام تيمور الشرقية هذا العام، مما يستدعي بالضرورة تعديل الميثاق بما يتماشى مع التطور العالمي والدولي وبما يمثل مصالح جميع الدول وطموحاتها.
| 
