Wednesday 12th June,200210849العددالاربعاء 1 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

قلق المنافي قلق المنافي
لميس منصور

لست أول ولا آخر من وصل إلى هذه المحطة
كانت كل الطرق التي سلكتها في زمني الماضي، توحي بأني إليها واصلة لا محالة! وثمة ومضات من تحت رماد الحاضر يشي وميضها بأن هذه هي محطتي الأخيرة!؟
وما تلك السحابة الرمادية الهاطلة من سماء الحزن المغلف بعذابات السنين إلا مؤشر لهذا.
طول الطريق لم أتحرك من مقعدي.. كنت أتأمل الأسماء الغريبة لكل قرية أمر بها.. وفي نفس الوقت أغبط ساكنيها على الاستقرار والهدوء والطمأنينة!
وأنا تلعب بي يد الترحال.. أقبع بطرف قصي من الأرض المنسية أعاني من غربة الأمكنة كطائر أقلقته المنافي.. وعبثت الأسفار ببساط راحته. استرخى السهر والأرق فوق شطآن عينيّ وطاب لهما المقام! لم أعد ذلك المتخفف من كل شيء، بل ينوء بي ثقل الأزمان المتعبة حملتني أجنحة العودة إلى حيث تقع الأوطان... وتسكن النفوس اللاهثة... بعد طول عناء!
وطئت قدمي أرضاً عانيت من قسوتها كثيراً!
رحلتني في سفر طويل في ليل الأحلام المزروعة على طرقات فجائعي وغرست الموت في دروب رحلتي التي طال أمدها. وأوقدت نيران الحسرة.. في أحداق صبري.
عدتُ... ومرارة الهزيمة تتمدد داخل شراييني... وتوقف دماء الحياة في أوردة الأمل...!
حتى بت لا أعلم هل أنا من الأحياء فأتعايش مع واقعي حتى وإن صفعتني حقيقته... أم من الأموات... فاهجر المدن وتكون القبور لي سكنا.
عدتُ....
ورائحة الماضي المؤلم تفوح من مسام جسدي الميت...
فخرجتُ من جسدي لأنبعث من جديد... وأنزرع هيكلاً مجنونا في أرض صحراء... طوقها الجفاف وأحاط بهار الهجير... وأفزعها لهاث السراب... وأنين الأسفار وأنهكني الترحال... فلم يزدني إلا شقاءً وتعباً... وإرهاقاً... وقلقا
كان هو زادي طول رحلتي!!

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved