Wednesday 12th June,200210849العددالاربعاء 1 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
(أ ) الآثار
د. محمد شوقي مكي

تزخر بلادنا الواسعة بثروة حضارية لا تقدر بثمن، تلك هي الآثار والمعالم التاريخية المتنوعة. بعض هذه الآثار والمعالم قديم قدم الحضارات التي عرفها الإنسان، وبعضها الآخر أكثر حداثة يندرج من تاريخ العصر الجاهلي ثم الإسلامي حتى العصور التاريخية المتأخرة. وتعتبر هذه الآثار والمعالم سجلاً لتاريخ وحضارة الشعوب التي سكنت هذا الجزء من العالم وحتى تلك التي مرت وعبرت خلاله إلى مختلف الأنحاء. ولهذا كان حري بنا المحافظة على هذا التاريخ والاستشهاد به لمعرفة مدى التغيير الذي حققه الإنسان ليكون درساً وعبرة لنا ولأبنائنا وأجيالنا القادمة للمحافظة على الطيب من عناصر هذا التاريخ وتجنب السالب منه.
ولا شك أن جهود الأقسام الأكاديمية في الجامعات السعودية، وكذلك وكالة الآثار والمتاحف في وزارة المعارف، وحديثاً الهيئة العليا للسياحة هي أعمال مقدرة لتسجيل وحفظ هذا التراث الحضاري، ولكنها قاصرة في الوقت الحاضر عن أن تغطي كامل هذه الثروة النادرة في أجزاء الوطن، بل على العكس نجد أن هذه الجهود انتقائية تتركز في بعض الأماكن وتهمل أماكن أخرى لها أهمية مماثلة وربما تفوق أهمية الأماكن التي تمت العناية بها. وأحياناً أخرى تجد أعمال التجديد والمحافظة والتطوير تسير سير السلحفاة، بينما أعمال التدمير والنهب لهذه الآثار نشطة على قدم وساق.
وهذه دعوة لتحقيق قدر كبير من التنسيق بين الجهات المهتمة بهذه الآثار لتسجيلها والمحافظة عليها والاستفادة منها في تطوير نشاطات اقتصادية تشكل موردا اقتصادياً للناتج المحلي مثل تطوير الرحلات السياحية إلى هذه المناطق، لقد أضحت السياحة في عصرنا الحاضر صناعة تشكل جزءا مهما ومتزايداً من الدخل القومي يصل في بعض الدول إلى نحو 50% بل وأكثر. وهذا يعني أن الدعوة هنا ليس إلى الحفاظ وتجديد الآثار والأوابد التاريخية لحد ذاتها، وإنما لتحقيق العديد من الفوائد، لعل من أهمها ترابط التركيب العمراني للمراكز العمرانية، والمحافظة على الروابط الاجتماعية بين سكان المناطق القديمة المتجاورة، وتطوير الحس والانتماء لأفراد المجتمع، وتفعيل الواقع الاقتصادي لهذه المواقع.
ونقطة أخرى مهمة لابد أن يؤكد عليها وهي ضرورة الرصد والمعالجة المتوازنة في جميع أنحاء الوطن لهذه المواقع، وعدم التحيز والكرم في الصرف على بعض المواقع وتجاهل مواقع أخرى فكلها عزيز ويمثل تراب الوطن وحضارته اللذين لابد أن يعطيا الأهمية والعناية نفسها. ولذلك فإن العناية بهذه الآثار والمعالم لابد أن تربط بمختلف مستويات التخطيط متمثلة في استراتيجيات التخطيط المحلي والاقليمي والوطني. وإذا ما طورت هذه المواقع في ظل هذه الاستراتيجيات فسيصبح من الممكن حمايتها واستغلالها الأمثل، بمعنى فتح فرص للتوظيف، وفتح قنوات للاستثمار التي هي عناصر مهمة في عصب الحياة الاجتماعية والاقتصادية في وقتنا الحاضر.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved