Tuesday 18th June,200210855العددالثلاثاء 7 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
«ق»القات
د. محمد شوقي مكي

أثار انتباهي مقال نشر في جريدة الرياض في العدد 11213 بتاريخ 16/9/1421ه حول «شجرة الفردوس» أو «القات» وآثارها الصحية والنفسية والاجتماعية على مستخدميها. وأعادني هذا المقال بالذاكرة إلي عام مضى أثناء زيارة لليمن السعيد، واستعدت صورة الإنسان اليمني في كل مكان: في العمل، في المقهى، في المسكن، وفي السوق وهو يمارس عادة ما يسمى ب«التخزين».
لقد مر أمامي شريط يقارن بين الإنسان اليمني عندما كنا صغاراً في حواري مدننا القديمة في فترة الثمانينات من القرن الرابع عشر الهجري، وكان هذا الإنسان يعمل بجد ويشهد له الجميع بحبه للعمل الجاد والمثابرة على تعلم أي حرفة بل والبروز فيها. وحينها لم نكن نسمع عن القات وإنما عن البن اليمني وقشر البن الذي كان يجلبه الاخوة اليمنيون معهم لاستعمالهم الشخصي أو يتاجرون به في الأسواق التي كانت مشرعة أبوابها لهذه السلعة، بل إنني أذكر تماماً كم كان الإنسان السعودي يفضل البن اليمني على غيره من أنواع البن لأنه أولاً عربي وثانياً لنكهته المميزة.
وأرى الآن هذا الداء الذي انتشر في أرض اليمن وقطعت من أجله شجرة البن وأصبحت التجارة فيه خارج اليمن تتم بسرية وبوسائل تهريب ملتوبة. لقد أحزنني جداً منظر شيوخ أجلاء وشباب في ريعان الشباب وهم يمارسون ما يسمى بالتخزين. وترى الأفواه منتفخة في جانب واحد أو أحياناً في الجانبين معاً نتيجة هذا التخزين مما يشوه منظر الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم ليظهر كأنه معاق أو مريض. وكم يحزن مشاهدة البائعين في متاجرهم وهم يمارسون التخزين، أو الأفراد أثناء قضاء وقت الفراغ في المقاهي أو في رحبة المنزل وهم بالكاد يجيبون على استفساراتك أو مجادلتك لأنهم واقعون تحت تأثير هذا المخدر.
وقد أثرت عملية التخزين على ظهور سلوكيات غير مقبولة للإنسان المتحضر من بصق في الشارع أو في المكتب أو المسكن لبقايا عصارة النبتة بعد استخلاص المواد الكيميائية منها.
وقد تعرض المقال السابق الذكر للآثار السيئة للنبتة على صحة الإنسان، بالإضافة إلى الآثار الممتدة إلى الفتك الأسري وضياع المال. وهذه كلها أمور سيحاسبنا الله سبحانه وتعالى عليها لأنها من الإفراط في تبذير الصحة والأهل والمال، وهذه الأمور قد تسر المتربصين بأمتنا العربية والإسلامية ولذا يتوجب على الجهات المعنية محاربة هذه النبتة وتشجيع استبدالها بما هو أنفع وأصلح للفرد والمجتمع وإيجاد الحوافز المادية لهذا الاستبدال والاستثمار.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved