Tuesday 25th June,200210862العددالثلاثاء 14 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

في كل عدد حرف في كل عدد حرف
«ي» اليمن
د. محمد شوقي مكي

اليمن هذا البلد السعيد الذي جذب الفضوليين وطلاب المعرفة والباحثين للاطلاع على عظمة الإنسان اليمني الذي بنى حضارات عريقة انطلقت آثارها إلى مختلف أرجاء الجزيرة العربية وخارجها، ولقد نقلت لنا الفضائيات الحديثة صوراً تزيد من الجذب والرغبة في زيارة هذا البلد العريق. وقد نشطت الفضائية اليمنية في الآونة الأخيرة بنقل صورة ساحرة لطبيعة اليمن الخضراء، ولطرز مبانيها الفريدة حيث تظهر المباني المتعددة الأدوار وهي مبنية من الحجر أو الطين اللبن ولكنها بقيت شامخة تقاوم عوامل الزمن لمئات السنين. ولكن ليس التجربة كالسمع أو مشاهدة عبر الفضائيات، ففي زيارة لي في أحد شهور الصيف غير البعيدة قمت بزيارة هذا البلد الذي يرتبط بالمملكة بعلاقات تاريخية وحضارية واقتصادية خاصة، وكم استمتعت ومرافقي بجولات كنت أكررها لقلب مدينة صنعاء وأسواقها وخاناتها القديمة لإمعان النظر والتفكير في مهارة الإدارة المحلية في ربط عناصر المدينة القديمة بالوظيفة السياحية المستحدثة في المدينة مثل تحويل بعض المباني إلي متاحف وفنادق تجذب السائحين من دول قريبة وبعيدة.
ولكن هناك ما يعكر صفو السائح يؤمل أن تهتم بها إدارات السياحة والخدمات في اليمن وهي أن الناس غير مهيئين لاستقبال السياح والزوار غير اليمنيين إلا من القلة القليلة، فدائماً ما ينظر إلى الغريب نظرة ريبة وشك وحيثما تسير في الشارع يتكرر عليك السؤال: من أنت؟، وماذا تريد من وجودك في هذا المكان؟، ويمنع عليك أخذ الصور التذكارية في هذه المناطق الجميلة، بالله كيف يمكن أن تدعو لسياحة الجماعات والأفراد وتحظر عليهم التصوير وهذا من أبسط الرغبات التي يطمح إليها السائح.
واليمن بلد غني جداً بمكتباته ومخطوطاته التي تنفرد بها هذه البلاد ولكن العناية بهذه المخطوطات وتنظيم ارتياد هذه المكتبات للاستزادة من ينابيع المعرفة فيها يحتاجان إلى مراجعة وإصلاح. ولي تجربة غريبة مع هذه المكتبات فقد كنت أسعى للاطلاع على المخطوطات الموجودة في مكتبة المسجد الجامع الكبير في صنعاء القديمة ولكن بعد توجهي لهذه المكتبة وجدتها مغلقة حتى العاشرة صباحاً فعلمت من الطلبة الذين يدرسون القرآن في المسجد أن أمين المكتبة رجل مسن لا يأتي إلى الموقع إلا قرب أوقات الصلاة وأن من يقوم على المكتبة ابنه، وتطوع أحدهم لإرشادي إلى مكان سكنه طبعاً مقابل شيء من المال ووافقت على ذلك وذهبت إليه وطلبت منه التفضل بفتح المكتبة لتحقيق الهدف من رحلتي. وبعد انتظار طويل شرف الابن وفتح المكتبة، ولكن المفأجأة أنه بعد أقل من 30 دقيقة طلب مني المغادرة والعودة في الغد لأنه مضطر للذهاب للسوق لقضاء حاجات عروسه وأتيت في اليوم التالي حسب الموعد ولكنه لم يأت إلا بعد الذهاب لقرع باب مسكنة وتذكيره بالموعد، فجاء وفتحت المكتبة ولكن أيضاً بعد دقائق اعتذر عن عدم تمكنه من البقاء في المكتبة وأنه مضطر لإغلاقها للذهاب لصرف راتبه الشهري.
فهل يعقل أن تخضع مكتبة عريقة مثل مكتبة الجامع الكبير إلى مزاجية المشرفين عليها دون أن يكون هناك نظام أو مراقبة فاعلة للعمل فيها.
إن تطوير العمل السياحي والإعلام السياحي لابد أن يسبقه تطوير البنى والخدمات اللازمة التي تقدم الخدمات للسائح الراغب في الترفيه الطبيعي أو التثقيف الفكري أو مزاولة بعض النشاطات الاقتصادية المسموح بها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved