Saturday 29th June,200210866العددالسبت 18 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

«الجزيرة» تنشر بالتزامن مع «السياسة» حديث الملك عبدالله الثاني لأحمد الجارالله: «الجزيرة» تنشر بالتزامن مع «السياسة» حديث الملك عبدالله الثاني لأحمد الجارالله:
مبادرة السلام العربية لم تمت وما نريده دولة فلسطينية ناجزة بكل معنى الكلمة
مستقبل عرفات يقرره الشعب الفلسطيني وحين يقرر هذا الشعب يجب أن نحترم رأيه
ليس سهلاً على أمريكا وحدها ضرب العراق

  ** اكد العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بأن تحسنا كبيرا قد طرأ على الاوضاع في الاردن وأنه عازم على السير قدما في اجراء عمليات التحديث في شتى مناحي الحياة وأنه بدأ هذه الخطوات بتزويد المدارس بأجهزة الكومبيوتر لتحسين اوضاع المواطنين حتى يحصل التقدم.
وأوضح جلالته في حديثه الهام للأستاذ أحمد بن عبدالعزيز الجارالله رئيس تحرير السياسة التي تنشر الحديث والجزيرة معها متزامنا أن الشعب الاردني شعب مثقف وانه يعمل على اعطاء مثقفيه الفرصة لخدمة بلدهم من خلال ضخ دم جديد.
وكشف جلالته في حديثه لرئيس تحرير السياسة أن الاسلوب السابق في الاردن كان يتم فيه تغير الحكومات كل ستة أشهر، وأن هذا النهج ينفر المستثمرين. وأشتكى العاهل الاردني من الصالونات التي تريد حصر العمل في اشخاص وفرض رؤيتها والهيمنة على الوظائف العليا.
وعن تقييمه للرئيس الأمريكي جورج بوش قال ان الرجل متحمس ومقتنع بالدولة الفلسطينية وانه قوي جدا ولا يخاف إلا انه يريد ان ينجح في تحقيق تسوية تقبل من الطرفين العربي والاسرائيلي.
وعن مستقبل الرئيس ياسر عرفات قال الملك عبدالله الثاني أن أمره يقرره الشعب الفلسطيني فقط ولا يمكن لأحد أن يقرر أمرا نيابة عن الشعب الفلسطيني الذي انتخب قائده وقبل به.
واكد العاهل الاردني أن كل جهوده مكرسة في سبيل حشد الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، وأن كل لقاءاته مع قادة دول العالم منصبة على ضرورة المساعدة في جلب السلام الى منطقة الشرق الاوسط،
**
المصافحة الحارة في بداية الاستقبال
* أنت شاب، وجديد، وتحكم.. هل استطعت البداية مع القديم، هل استطعت التعامل مع الجيل الذي خدم في عهد والدك الراحل؟
استطيع أن أقول أن الجيل الجديد من الحكام، وأبناء الحكام اصدقائي، في (الويك اند) أذهب إلى البحرين مثلاً.
الفرق بين الجيلين هو ان الجيل الجديد أصدقاء فأنا اتوسط عند الشيخ زايد، رئيس دولة الامارات، من أجل دعم الجيل الجديد.. حكام الجيل الجديد يحتاجون الى دعم أمام شعبهم، ونحن كحكام جدد بدأنا جميعا نتحدث لغة واحدة.
الرئيس السوري بشار الأسد من جيل هؤلاء الحكام الجدد، وأنت ترتاح منه لأنه يعرف ما المطلوب لبلده، وأعانه الله على تحقيق أفكاره المتقدمة.
على كل حال، لو راجعت ما تم تحقيقه عندنا في السنوات الثلاث الماضية، فالحمد لله تستطيع أن تقول ان تحسنا كبيرا قد طرأ. لولا شغل الوالد لما كنا نستطيع التقدم الى الأمام، كل ما في الأمر ان (السيستم) يختلف. خلفية المفاهيم لدى الجيل القديم مازالت الحرب الباردة، أي الاتحاد السوفياتي وأميركا، انا عقليتي وخلفيتي مختلفة.. أنا أتطلع الى الناس، خذ عندك مثلا فأنا حين أردت تحسين حياة هؤلاء الناس طلبت تزويد المدارس بأجهزة الكومبيوتر، فاعترض الجيل القديم وقال ليت عبدالله يجلب الطعام والأكل بدل الكومبيوتر، هذه فقط إشارة الى العقلية واختلاف (سيستم) التفكير، الفقير اذا اعطيته امكانات ليحسن اوضاعه فسيتقدم، هو سيستفيد وأنا سأستفيد، انك هنا تعطيه السنارة ليصيد دائما بدلا من أن تعطيه السمكة مرة واحدة.
في الحكومة هناك اناس يفهمون أننا نريد ان نمشي الى الأمام، أما الآخرون فلا. من هنا ترى انك تريد وقتا حتى يعم هذا المفهوم.
* جلالة الملك.. كلامك يشير إلى أن بعض الوزراء لم يطوروا فكرهم لخدمة الفكرة التي تريد، دعنا نوضح هذا الجانب.
في داخل عمان تجد (هوشة) بين الأب والابن، الابن يعرف ما المطلوب والأب يقول له (شو بدك بها الشغلة) نحن جيل جديد، ومع ذلك هناك شباب ما زالوا يفكرون في الوساطات والمحسوبية، أنت بحاجة إلى سنة أو سنتين لاقصاء هذا التفكير. من جهتي أقول لهم، أنا ضد الفساد والواسطة، هل أنتم جاهزون لتفكروا معي؟ تلك هي القضية.
* جلالة الملك.. أكثر ما ألاحظه هنا هو طغيان اللعبة السياسية والبعد عن فكر التنمية، ولذلك تجد الاردن مجموعة من الصالونات السياسية. في هذا الجو كيف تستطيع أن تعمل؟
صالونات عمان هذه هي أكبر حاجز لمنع تطوير الاردن، وترى كل واحد فيها يطعن في الثاني. هي صالونات ضد بعضها البعض وليست ضد النظام، ترى كل صاحب صالون يريد أن يصبح رئيساً للوزراء، وكل صاحب صالون آخر يطعن به، ولا يريده أن يصل الى مبتغاه، هذا لا ينفع البلد، فأنت مثلا تأتي لتستثمر في الاردن، فبدلا من أن يرحب بك جماعة الصالونات تراهم يسألون ولماذا أنت قادم للاستثمار، هؤلاء مافيات، واذا قمت بالرد عليهم فلن تعمل شيئاً.
* لكن هل تعيق هذه الصالونات عملك، وهل أنت قادر على تجاوزها؟
لا.. لا.. هذه الصالونات لا تعيق عملي، وكل ما في الأمر هو أن اصحابها لا يعجبهم أن لا يكون لهم دور، أنا انتقيت شخصية من القطاع الخاص ليكون سفيراً لنا في واشنطن.. شاب مؤهل، يتحدث الانكليزية بطلاقة، فجن جنون أصحاب الصالونات وقالوا (ليش يجيب واحد من بره؟) يعني لماذا لم يقع اختياري على واحد منهم أو من جماعتهم؟! انا اخترت واحداً من عالم الأعمال، وأريده هناك لمهمات سياسية واقتصادية، تعلم في أميركا وقادر على ان يعقد الاجتماعات واللقاءات لتحقيق مصالح الاردن، فهناك فرص متاحة لي هناك، ولو أمسكت 01 ،1 من السوق الأمريكي لكان ذلك انجازاً، لقد جن جنون أصحاب الصالونات لأن من وقع اختياري عليه ليس منهم، كما قلت، أو من جماعتهم، وتساءلوا لماذا؟
أنت بحاجة الى دم جديد، عندنا شعب مثقف يجب ان نعطيه فرصة. لذلك لا ارد على الصالونات، وأمضي في قراري.
  * جلالة الملك.. هل هذه هي مقدمة لتشكيل حكومة جديدة؟
المشكلة في (السيستم) القديم اننا كنا نغير حكومات كل ستة أشهر واذا أتبعنا الآن هذا النهج وأخذنا نغير حكومات كل ستة أشهر كيف سنعمل، وهل بإمكاننا أن نعمل؟
أنت كأجنبي ستمتنع عن الاستثمار عندنا حين تجد أمامك حكومة جديدة كل ستة أشهر، سنتان أو أكثر، أو حتى أربع سنوات، مدة ضرورية لا يجاد آلية عمل، من واجبي أن اضعها في الطريق الصحيح، وساعتها إذا أردت ان أغير حكومة أغيرها للأفضل، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن من الأفضل أن أبقي على من أعرفه أي على رئيس الوزراء لأن حسناته أكثر من سيئاته، أما القول ان هذا الوزير مش نافع، قول لا يكفي، وأرد عليه اعطوني البديل.
* إذن أنت تهدف إلى استقرار المنصب الوزاري، عبر أشخاص أنت تتفاهم معهم ذهنيا لاجتياز مرحلة التنمية وتحمل أعبائها؟!
لا.. المسألة ليست فقط هكذا، وخصوصا فيما يتعلق بتحقيق التنمية عندما ذهبنا إلى الصين وجدت هناك ان المحافظ لا يعمل بالشكل الذي نعهده عندنا، ان له دوره الاقتصادي المتصل بمحافظته، لذلك أنا أريد ان اعطي المحافظ هنا صلاحيات اقتصادية على صعيد محافظته.. الحكومة لوحدها لا تكفي للقيام بمهام التنمية.
* يقولون هنا أن للملك رأيه في تأخير اجراء الانتخابات العامة في الاردن.. ما الحقيقة فيما يخص هذا الاستحقاق الديمقراطي خصوصا وأن الصالونات السياسية بدأت تتحدث عن هدف معين كأن تسفر الانتخابات عن مجيء لون معين من الناس؟
المشكلة أن جماعة الصالونات لا يعرفون الاتجاهات من ذلك، وأن عرفوا فسيعارضون ويحتجون وهنا تكون المشكلة أكبر.. دعنا منهم ولنعد الى موضوع الانتخابات، فأنا قلت انه يجب زيادة عدد النواب حتى تزداد الشفافية، في المرحلة الأولى قررنا زيادتهم الى 104 أعضاء ولا ننسى أن الديمقراطية درجات إلى أن تكتمل، قلت أريد اجراء انتخابات وأن تتم بشفافية لذلك طالبت باستحداث البطاقة الانتخابية الالكترونية لكل ناخب حتى لا تتدخل الحكومة في مجرى العملية وتؤثر على النتائج، والدولة الاردنية لا تخشى المعارضة، لذلك طلبت مهلة ستة أشهر حتى يصبح لكل ناخب بطاقته الالكترونية، الحمد لله انجزنا ما نسبته 85 الى 95 في المائة من هذه المهمة، لأن أفراد القوات المسلحة عندنا لا ينتخبون وبالتالي غير محسوبين على مجهودات العمل.
* جلالة الملك.. الاردن كان لعبة التغييرات الحكومية والصالونات والأجهزة والواجهات السياسية.. في عهدك هل تتوقف هذه الرواية وتتوقف معها لعبة الصالونات؟
يجب أن تتوقف. الصالونات التي تعمل بشكل ايجابي لا مانع عندي في وجودها أما التي تحارب بعضها البعض فلا. أنتم في الكويت عملتم شيئاً إيجابيا، صالونات فيها الجميع، من كان مع الحكومة، ومن كان ضدها، والناس تتنقل هناك من ديوانية إلى اخرى، عندكم شبه برلمان، وليتنا نتعلم منكم.
* جلالة الملك.. الرئيس الامريكي بوش استقبلك حتى الآن خمس مرات، ألا ترى في ذلك بادرة ملفتة للنظر؟
كل رئيس أمريكي يخاف من الدخول إلى قضية الشرق الأوسط.. قلت للرئيس بوش ستدخل المنطقة ومشكلتها.. الرجل متحمس ومقتنع بالدولة الفلسطينية لكنه يقول لك لا اريد أن أكون مثل الرئيس كلينتون، فعندما ارمي (كرت رئاسي) فيجب أن أنجح، المشكلة في السيستم الامريكي. الرئيس بوش عليه ضغوطات.. انه قوي جدا ولا يخاف، لكن الحرب بالنسبة لنا كسياسيين ليست هنا بين اسرائيل وفلسطين، مرات تكون في واشنطن.. الرئيس بوش يرى الوضع الداخلي والخارجي وتأثير اسرائيل في أمريكا، لكنه في قلبه يعرف ما هو مطلوب.
* دعنا من الرئيس بوش لنسأل عن تفكير الإدارة الامريكية تجاه الاردن وملك الاردن؟
الحمد لله.. استطيع أن أقول أن علاقاتنا مع أميركا ومع العالم جيدة أسأل الحكومة وأسأل الاجهزة عن ذلك، والحمد لله الجميع يقول ذلك.
علاقتنا بالكونغرس مئة بالمئة ونحن هنا لا نتحدث عن الاردن الا بمقدار يسير، أغلب الحديث يتركز على فلسطين والعراق، التقي مع الرئيس بوش 40 دقيقة، 37 منها عن فلسطين واشقائنا العرب، وعند الباب ساعة الخروج نقول لهم يا جماعة عندنا الوضع الاقتصادي ليتكم تساعدونا فيه.
* جلالة الملك.. هل استفاد الاردن من علاقتكم الحميمة مع أميركا؟
نعم.. المساعدات ارتفعت من 30 مليون دولار عام 1999 الى 400 مليون دولار حسب ما نتوقع هذا العام.
* إعطاء اميركا الاردن امتيازات الدولة الاولى بالرعاية هل استفاد منه القطاع الخاص الاردني؟
طبعا هناك استثمار في البلد وفي الشمال المرأة بدأت تعمل وأصبحت تتقاضى راتباً يساوي راتب زوجها.. هناك تحسن بالطبع.
* جلالة الملك.. اتفاق السلام في المنطقة هل تراه قريبا ام ما زال بعيدا؟
اراه قريبا.. فنحن كدول عربية واسرائيل والعالم لا نريد 15 سنة أخرى من الصراع، فبعد مبادرة الأمير عبدالله بدأ الشعب الاسرائيلي يعرف أن هناك مجالا لتسوية المشكلات.
  من جهتنا فنحن نتكلم مع الجميع ونقول لهم اذا كنتم تريدون اقامة دولة فلسطينية على اربعين في المائة من اراضي الضفة وغزة لا تكونوا قد حللتم المشكلة، اذ بعد سنتين سنرجع الى المشكلات نفسها، هناك وعي في كل الدول على ما هو مطلوب، وبالنسبة للرئيس الأمريكي فهو عارف انه يجب أن يتدخل وما هو المطلوب منه، لكن أحب ان اطمئنك أننا حين نذهب لرؤية بلير أو شيراك أو شرويدر، أو بوتين أو زيانغ زيمين في الصين او كوفي عنان، فإننا اصبحنا نتكلم جميعا لغة واحدة، ولا نريد لأميركا أن تكون بعيدة عن أمر من صميم عملها وكلما تحدث بوش مع رئيس في العالم قال له هذا الرئيس على طريق فلسطين عليك ان تعمل كذا وكذا.. أولاً، ثانيا، ثالثاً، وقبل ستة أشهر تحدث معي الاوروبيون وقالوا لي عندما تتكلم أنت يا عبدالله مع بوش فأنت تحكي باسم الاوروبيين، للمرة الاولى الموقف الاوروبي والعربي واحد.. وكنت أقول للرئيس الامريكي العالم العربي والغرب هكذا يتكلم.
الحمد لله.. هناك تركيز على القضية.
* الدول العربية كلها بما فيها الكويت ضد شن الهجوم على العراق، لنفرض أن أمريكا هجمت ماذا سيكون الموقف؟
يجب أن تحسب حسابا أن كل العالم أخذ الموقف نفسه بالنسبة لفلسطين، والموقف نفسه بالنسبة للعراق، ليس من السهولة على اميركا لوحدها ان تضرب العراق.. لا توجد قناعة في أوروبا وروسيا والصين بهذه الضربة.
* جلالة الملك.. وماذا عن مستقبل عرفات وسلطته الفلسطينية؟
مستقبل الرئيس عرفات أمر يقرره الشعب الفلسطيني فقط ولا يمكن لأحد ان يقرر أمرا نيابة عن الشعب الفلسطيني الذي انتخب قائده وقبل به.. اذا تم القبول بمثل هذا الطرح ان يفكر الآخرون عن الشعوب فهذا أمر خطير ومرفوض، حين يقرر الشعب الفلسطيني ماذا يريد وبماذا يفكر يجب ان نحترم رأيه ونسانده، هذا موقفنا في الاردن ندعم ونؤيد قيادة الشعب الفلسطيني المنتخبة ونضع كل امكاناتنا إلى جانب الفلسطينيين حتى يقرروا مستقبلهم بأنفسهم ويأخذوا حقوقهم على أرضهم وبناء دولتهم المستقلة التي سندعمها ونساندها دولة عربية شقيقة كاملة السيادة.
* عودة الأوضاع في الضفة الغربية وغزة إلى ما كانت عليه قبل اندلاع حرب 1967، هل تعتبر من الاحتمالات الواردة؟
كل جهودي مكرسة في سبيل حشد الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، وكانت كل اللقاءات مع قادة دول العالم منصبة على ضرورة مساعدتنا في جلب السلام الى منطقة الشرق الاوسط وانهاء المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ومنح الامل والمستقبل الآمن للفلسطينيين والاسرائيليين معا. وفي ضوء المتغيرات الدولية من حولنا كان لابد من البحث عن مخرج للوضع المتأزم الذي بات يهدد المنطقة كلها واستنفد كل طاقاتها ومواردها، وأخذ بعد عام ونصف العام من اندلاع الانتفاضة والتصعيد العسكري الاسرائيلي منحى عدوانيا طال المدنيين والمؤسسات والبنية التحتية في الأراضي الفلسطينية، لذلك كان لابد من التحرك على مختلف الصعد لانقاذ الوضع، وبدأت اتصالاتنا مع الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا ومع جميع القوى الدولية الفاعلة لتحفيزها من أجل قضية السلام، ومنع تفاقم الوضع وامتداده وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
يجب ان نعترف انه من دون مساعدة هذه القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة لا يمكن ان نتمكن من التحرك. ورغم كل ما يجري إلا أننا لم نفقد الامل في تحقيق السلام واعتقد ان الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي سئما حياة القتل والدمار المستمرة وهما مستعدان ان يصغيا الى صوت السلام والى نبذ العنف الذي لم يجلب الا الألم واليأس والاحباط.
وعليه فان طروحاتنا تتمثل بإعطاء الفلسطينيين الامل باقامة دولتهم المستقلة القابلة للبقاء والاستمرار الى جانب دولة اسرائيل التي لابد ان نعترف كعرب بضرورة ان تعيش بأمان وضمن حدود آمنة ايضا. وهذه الخطوط عبر عنها العرب في مبادرة السلام العربية التي طرحها سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتبناها العرب في قمة بيروت وهي مبادرة جريئة وشجاعة وضعت الكرة في المرمى الاسرائيلي وعبرت عن رغبة حقيقية لدى العرب في صنع السلام.
* عودة الضفة الغربية، وقطاع غزة الى الولايتين الاردنية والمصرية.. ما مدى تأثير ذلك على استئناف المفاوضات السلمية مع إسرائيل؟
كما سبق وان ذكرت، الفلسطينيون هم أصحاب القرار بمن يحكمهم، نحن لا نريد اي دور للاردن في الضفة الغربية، ودورنا يتركز في تقديم الدعم والاسناد للاشقاء الفلسطينيين حتى يتجاوزوا المحنة التي يتعرضون لها وينتهي الاحتلال الاسرائيلي وكما قدمنا لهم الدعم في مختلف الظروف التي مروا بها سنبقى ندعمهم ونساندهم بكل امكاناتنا اما الحديث عن دور الاردن يستبدل فيه الجندي الاسرائيلي بجندي اردني، فهذا امر لن اسمح به على الاطلاق وشعبي الاردني متضامن معي في هذه المسألة.
* جلالة الملك.. دعني اسألك بصراحة هل طغيان الاكثرية الفلسطينية عدديا ينفي وجود مجتمع اردني ويؤكد على وجود تجمع بشري؟
طغيان الأكثرية الفلسطينية ليس صحيحا ولكن دعني اوضح لك ان تميُّز الاردن وقوته يكمنان في تنوع مجتمعه فالاردنيون من مختلف أصولهم ومنابتهم سواء اكانوا من أصول فلسطينية أو عربية أخرى ما دام قبلوا بهذا الوطن وطنا لهم وقدموا واجباتهم وحصلوا على حقوقهم فهم قوة الاردن ومنعته وتقدمه، وان غايتي وهدفي في الحياة هي توفير العيش الكريم لهم والمستقبل لابنائهم وبناتهم.
* ما علاقة استرجاع أراضي الضفة الغربية والولاية على القدس بضمان وجود الاردن وبقائه كدولة وضمان انتهاء الاحتلال الاسرائيلي لجميع الاراضي الواقعة غرب النهر؟
كما اسلفت ان استرجاع اراضي الضفة الغربية هو هدف نعمل لاجله مع اشقائنا العرب، اما عن العلاقات بين الاردن والدولة الفلسطينية التي ستقوم على الاراضي الفلسطينية فهي ستكون علاقات اخوة وجوار وسنكون السند والظهير للدولة الفلسطينية المقبلة ندعمها ونؤازرها لتكون أمل الفلسطينيين ومستقبلهم بعد ان كافح هذا الشعب وناضل فانه يستحق أن يكون له كيان على الخريطة العالمية. اما الحديث عن خطر يهدد الاردن في حال قيام الدولة الفلسطينية، فهذا هراء وأمر يراد به التشويش على عدالة القضية الفلسطينية.
* الهاشمية كعقيدة وانتماء والتزامها بقيادة الاقطار العربية نحو الوحدة القومية والسياسية.. اين اصبح هذا الاندفاع اليوم؟
نحن دعاة وحدة وتضامن ورؤيتنا ان وحدة العرب وتضامنهم كفيلان بحل جميع مشكلاتهم، والوحدة التي ننظر اليها لا تكمن فقط بأن تكون الدول العربية مجتمعة بدولة واحدة، فلكل قطر عربي خصوصية يجب احترامها من قبل الجميع.
والاوروبيون بكل تناقضاتهم حققوا الآن وحدة اقتصادية فريدة، فلماذا لا نقتدي نحن العرب بالدول الاوروبية ويكون الاقتصاد عنوان وحدتنا وتكاملنا وتضامننا لان عالم اليوم اصبح يعترف بالتكتلات الاقتصادية.
وفي ظل سياسة العولمة التي طغت على الاقتصاد العالمي لابد أن يكون لدى العرب تكتلهم الاقتصادي الذي يعزز التجارة البينية ويزيل العوائق امام انسياب حركة التجارة بين الأقطار العربية، وبالتالي نحقق لشعوبنا الحياة الكريمة ونعيد للشباب العربي الامل بالمستقبل الزاهر الذي يحقق طموحاتهم.
وفي هذا السياق لابد من التأكيد على أن تقديم الفكر المستنير والنماذج الناجحة والاهتمام بتنمية الإنسان يساهم في قيادة الدول العربية نحو التقدم والازدهار الذي هو مفتاح الوحدة السياسية والقومية مهما كانت.
* الأردن الولايات المتحدة على ماذا يلتقيان ويختلفان بعد احداث 11 سبتمبر الشهيرة؟
نلتقي على أمور كثيرة وقد نختلف على بعض القضايا ولكن علاقاتنا بأمريكا تظل قوية ومتينة، على الصعيد السياسي يجب ان نعترف بأهمية دور الولايات المتحدة وثقلها السياسي العالمي. وإذا اغفلنا هذا الدور فلن نتمكن من تحقيق السلام في منطقتنا لأن جزءا كبيرا من اوراق الحل هو بيد الولايات المتحدة، ومنذ كامب ديفيد اتخذت الادارات الامريكية المتعاقبة نهجا قويا يؤكد ان حل القضية الفلسطينية لا يمكن ان يتأتى إلا عن طريق الحل السياسي وهذا هو موقف العرب ايضا. ولذلك فإن دور الولايات المتحدة في عملية السلام دورحيوي ومركزي لا يمكن لأحد أن يتجاهله أو يرفض التعامل معه.
أما على صعيد علاقاتنا بالولايات المتحدة في المجال الاقتصادي فهي قوية ووطيدة. فأميركا تقدم مساعدات كبيرة للاردن في المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية، ووفرت اتفاقية التجارة الحرة التي وقعها الاردن مع الولايات المتحدة للاردن مجالا حيويا امام زيادة التعاون بين البلدين، والأردن يعد رابع دولة توقع هذه الاتفاقية بعد كندا والمكسيك وإسرائيل، وفتحت هذه الاتفاقية أكبر سوق عالمي امام الصادرات المنتجة في السوق الاردني، ونأمل خلال السنوات المقبلة أن يشهد الاردن المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية التي تسعى إلى الدخول للسوق الاميركي من خلال الأردن.
اما على صعيد الحرب على الإرهاب التي تخوضها الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، نحن أعلنا موقفنا بأننا ضد الإرهاب بجميع أشكاله لأننا عانينا من الإرهاب وكنا كوطن وشعب أحد ضحاياه، وأكدنا على أكثر من صعيد أن الحرب على الارهاب يجب ان لا تختلط فيها الأمور وتصبح حربا على الإسلام لأن الإسلام بريء من الذين يحاولون التستر خلفه لتحقيق مآربهم، وما جرى في 11 سبتمبر لا يقره الإسلام ولا أي دين آخر فكيف لنا نحن العرب ضحايا الإرهاب أن نؤيد هذه الجرائم؟
لدينا مصالح مع الولايات المتحدة نعمل على المحافظة عليها، والولايات المتحدة إضافة إلى ما ذكرت تقدم للأردن مساعدات من المتوقع ان تبلغ 400 مليون دولار.
* الدعوة الامريكية لإقامة دولة فلسطينية ومستقبل وجود هذه الدولة.. ما مدى جدية الطرح، وهل سترى الفكرة النور؟
الولايات المتحدة وحسب ما أعلن الرئيس بوش ووزير الخارجية الامريكي كولن باول ملتزمة برؤيتها لإقامة دولة فلسطينية تعيش إلى جانب دولة اسرائيل. وخلال لقاءاتي بالرئيس بوش اوالإدارة الامريكية كان تركيزي دائما على انه ما لم يتم معالجة المشكلة السياسية للقضية الفلسطينية على أساس سياسي وليس أمنياً، وما لم يتم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي الفلسطينية وخلال فترة زمنية معقولة تتفق عليها الأطراف المعنية، فإن دوامة العنف ستستمر وأن إقامة الدولة الفلسطينية هي الكفيل بإنهاء العنف في الأراضي الفلسطينية.
أما الحديث عن دولة فلسطينية دون ان يرافقه حديث عن إطارزمني لها وتعريف لهذه الدولة فهذا امر غير مقبول، وخلال الأيام الماضية أصبح الحديث عن دولة مؤقتة وهو مصطلح جديد في القاموس السياسي إن ما نريده هو دولة ناجزة بكل معنى الكلمة.. دولة تقوم وفقا لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و1397.
على أية حال لقد جاء بيان الرئيس بوش منسجماً مع الموقف الاردني حول تعريف الإطار العام للحل وتحديد الجدول الزمني لإعادة اطلاق المفاوضات.
واعتقد ان دعوة الرئيس بوش لاقامة دولة فلسطينية تعد أمرا ايجابيا ونحن نرحب بهذا الموقف ونؤيد قيام دولة فلسطينية تقوم على أساس حدود عام 1967. هذه المبادرة الأمريكية تشكل بداية لنهاية الصراع بين العرب والاسرائيليين، وكما ذكرنا نحن في الاردن على استعداد للعمل مع كل الاطراف للتوصل الى السلام في المنطقة والى اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل.
ونأمل انه بهذه المبادرة الجديدة يتحقق الهدوء في الاراضي الفلسطينية ويتوقف العنف وإن شاء الله ان اسرائيل ستستجيب لما جاء في بيان الرئيس بوش لكن اريد ان اقول انه من اللازم اشراك جميع الأطراف وخصوصا سوريا ولبنان في عملية السلام حتى يكون هذا السلام شاملاً.
* المؤتمر الدولي المقترح واستبعاد سوريا ولبنان من المشاركة فيه هل سيكون له نصيب من النجاح؟
حتى الآن لم يتبلور شيء عن المؤتمر الدولي سواء في جدول أعماله أو طبيعة المشاركين فيه. موقفنا في هذه المسألة واضح وهو يجب أن توجه الدعوة لجميع الأطراف المعنية للمشاركة فيه وأن يكون جدول أعماله واضحاً ومحدداً.. لابد من الاعتراف أن هناك احباطاً ويأساً في المنطقة وما لم يعالج المؤتمر المقترح جوهر الصراع ويجد الحلول الناجعة للمشكلات الحالية فسنعود للمربع الأول ونبقى ندور في حلقة مفرغة. على المؤتمر ان يتعامل إضافة للمسائل السياسية مع المسألة الاقتصادية والمعاناة المريرة للشعب الفلسطيني وان يتعامل مع الحاجات الاقتصادية والسياسية للفلسطينيين.
* مبادرة السلام العربية.. أين أصبحت؟
اعتقد أن مبادرة السلام العربية لم تمت، فكل الخطط والمبادرات والأفكار المطروحة حاليا تلتقي مع المبادرة العربية وغايتنا في النهاية أن نحقق مسعى واحدا وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف مسلسل القتل اليومي، وإعطاء الفلسطينيين الذين بلغت معدلات البطالة في أوساطهم 75 في المائة ويعيش 65 في المائة منهم تحت خط الفقر، الأمل والأمن والاستقرار، فالسبب الذي يدفع للتضحية بأرواحهم هو فقدانهم الأمل بمستقبلهم.
اذا تمكنا من تحديد ماذا نريد من مؤتمر السلام واتفقنا على آلية واضحة لتنفيذ بنود المؤتمر ضمن جدول زمني محدد نكون قد وضعنا الأساس لحل هذا النزاع الذي استنزف طاقات شعوب المنطقة كافة.
* ماذا عن مستقبل العلاقة الأردنية العراقية في ضوء المتغيرات الدولية المستجدة، وامكانية توجيه ضربة أمريكية للعراق؟
علاقتنا بالعرق جيدة جدا ونأمل ان تتطور إلى الأمام بما يخدم مصالح الشعبين ومصالح أمتنا العربية بشكل عام. نحن ما زلنا نطالب بأن حل الخلافات بين العراق والولايات المتحدة والأمم المتحدة يستدعي بدء حوار عملي وجاد وتفاهم يجنب المنطقة المزيد من الكوارث والمآسي التي ما زلنا نعاني منها جميعا .ضرب العراق كارثة ليس للعراق وحسب بل للمنطقة كلها.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved