Wednesday 3rd July,200210870العددالاربعاء 22 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

معركة البحر الأصفر تعكر صفو المونديال معركة البحر الأصفر تعكر صفو المونديال
هل ساهم كأس العالم في تحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية؟

* طوكيو- القاهرة - كوكو كوبوتا - د.ب.أ - أ.ش.أ.:
مع انتهاء مباراة البرازيل وألمانيا الاحد الماضي في يوكوهاما أسدل الستار على نهائيات كأس العالم التي دامت شهرا بالكامل والتي استضافتها كوريا الجنوبية بالاشتراك مع اليابان وهي النهائيات التي انطلقت في سول في الحادي والثلاثين من الشهر قبل الماضي ومع ذلك لا يزال الكثير من اليابانيين يتساءلون عما إذا كان هذا الحدث الكبير قد ساهم في توثيق العلاقات بين الدولتين المضيفتين من عدمه.
فقد قال شينيا فوجيوكا (29 عاما): لقد كان يحدوني الامل في أن يؤدي الاشتراك في استضافة كأس العالم إلى تحسين العلاقة بين اليابان وكوريا الجنوبية غير أن ذلك لم يكن بالامر اليسير.
وأضاف فوجيوكا قائلا: إنه لم يكن سعيدا للغاية بصعود الفريق الكوري الجنوبي للدور قبل النهائي من الكأس، وأردف يقول: أدرك أن كثيرين من مواطني كوريا الجنوبية ما زالوا يكنون الكراهية لنا وهذا هو عدم شعوري بالابتهاج بفوز الفريق الكوري.
كما قال سوسومو سوزوكي (28 عاما): إنه غير سعيد أيضا بالانجاز الذي حققه الفريق الكوري الجنوبي في الكأس وقال إنه كان يشجع الفريق الالماني عندما فاز على كوريا الجنوبية في المباراة التي أقيمت يوم الثلاثاء الماضي في الدور قبل النهائي والتي انتهت لصالح الالمان 1/ صفر.
وتابع سوزوكي يقول: إن المشاعر بين اليابانيين والكوريين الجنوبيين لا تزال غير طيبة بسبب الخلفية التاريخية فالكوريون يعتقدون أنهم منافسون أقوياء لليابانيين.
جدير بالذكر أن اليابان استعمرت كوريا الجنوبية من عام 1910 إلى 1945، وحتى عام 1998 كان الشعب الكوري الجنوبي ممنوعا من مشاهدة الافلام اليابانية أو الاستماع للاغاني اليابانية.
غير أن رئيس الوزراء الياباني آنذاك كيزو أوبوتشي والرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونج وقعا إعلانا مشتركا في تشرين الاول/ أكتوبر عام 1998 أعرب فيه أوبوتشي عن «ندمه العميق» وعرض تقديم اعتذار صادق عن «الآلام والاضرار» التي ألحقتها اليابان بالشعب الكوري.
وبعد هذا الاعلان المشترك قامت حكومة كوريا الجنوبية برفع الحظر المفروض على الثقافة اليابانية جزئيا، ورغم ذلك لا تزال القيود موجودة مثل فرض حظر على بيع الاسطوانات المدمجة اليابانية في كوريا الجنوبية ولا يزال يشعر الكثير من مواطني كوريا الجنوبية وخاصة كبار السن منهم بالضغينة تجاه اليابان.
بيد أن مينا أسوتا (35 عاما) لديها وجهة نظر مختلفة إذ تقول: أعتقد أن كأس العالم ساهم في جعلنا نهتم بدرجة أكبر بالكوريين.
واستطردت أسوتا تقول إنها لم تكن تهتم بكوريا أو الشعب الكوري عموما قبل كأس العالم وكل ما كانت تعرفه عن كوريا الجنوبية اللحوم المشوية والمخللات الكورية غير أنه بفضل التلفزيون الياباني الذي بث العديد من المسلسلات التي اشترك في إخراجها أو تمثيلها ممثلون يابانيون وكوريون قبل عدة أشهر من انطلاق نهائيات كأس العالم في مسعى للنهوض بعلاقة الصداقة بين البلدين صار لديها إلمام أكثر بطبيعة حياة الكوريين الجنوبيين وثقافتهم وعلى سبيل المثال صار الممثل الكوري الجنوبي الشهير وون بين يتمتع بالشعبية في الاونة الاخيرة بين صفوف الشابات اليابانيات بعد ظهوره في مسلسل اشترك في إنتاجه التلفزيون الكوري والتلفزيون الياباني وتم عرضه في اليابان هذا الربيع.
ومن غير المألوف بالمرة أن يحب اليابانيون الممثلين أو المطربين الكوريين الجنوبيين فاليابانيون يميلون إلى الممثلين والمطربين الغربيين، وظهر وون بين في العديد من المجلات النسائية اليابانية كما وقع أيضا عقدا مع وكالة ترفيهية شهيرة يابانية تسمى هوري برو.
وقال سايكيكو موري (25 عاما) بسبب وون بين صارت كوريا الجنوبية أكثر قربا لي وكنت أنا وأصدقائي نشجع الفريق الكوري الجنوبي بعد خسارة الفريق الياباني وخروجه من الكأس.
وبالنسبة للكوريين الجنوبيين أيضا فثمة أزمة سياسية قد عكرت صفوهم قبل ان تكتمل فرحتهم بالمونديال الذي جنت من ورائه أرباحا مالية وتجارية وسياحية وشهرة دولية واسعة فضلا عن دخولها المربع الذهبي لأول مرة في تاريخها فقبل ان تكتمل فرحتها بانتهاء المونديال عكرت جارتها وشقيقتها (اللدود) كوريا الشمالية صفو هذا المهرجان العالمي بافتعال معركة بحرية لم تكن في الحسبان واطلاق النار على سفن الدوريات الكورية الجنوبية واغراق احداها مما أدى إلى مقتل أربعة جنود كوريين جنوبيين واصابة ستة عشر آخرين.
هذه المعركة البحرية الصغيرة أدت إلى توجيه انظار الكوريين الجنوبيين إلى (البحر الأصفر) الذي دارت في مياهه هذه المعركة بدلا من مدينة (دايجو) الكورية الجنوبية التي شهدت وصول فريق كوريا الجنوبية لاول مرة إلى ما قبل النهائي في تصفيات كأس العالم لكرة القدم.
يقول الكوريون الجنوبيون ان اختيار هذا التوقيت الحساس لافتعال هذه المعركة قبيل عدة ساعات من انتهاء هذا المهرجان العالمى الكبير يعبر عن مدى حنق وغيظ النظام الحاكم في كوريا الشمالية من هذا النجاح الكبير الذي حققته كوريا الجنوبية.
وإذا كان الشعور بالفخر هو المسيطر على جميع مواطني كوريا الجنوبية ( كما تؤكد الصحف الصادرة في سيول) بعد ان تمكنت بلادهم من الوصول بهذا المونديال إلى بر الامان وأعطوا خلال هذا الشهر كل مالديهم وحصدوا ثمار هذا العطاء بنجاح عظيم لهذا المونديال يشهد التاريخ عليه بذلك.. فإن الشعور بالاحباط واليأس هو الظاهرة العامة لدى الكوريين في الشمال الذين يعيشون داخل سجن كبير ويسعون بكل السبل للفكاك منه كما تؤكد ذلك أنباء محاولات الفرار عبر الحدود أو طلبات اللجوء إلى سفارات الدول الاجنبية.
وإذا كان هذا المونديال قد جعل كوريا الجنوبية محط انظار العالم أجمع مما سيكون له أبلغ الاثر في ازدهارها ونموها الاقتصادى والسياسي.. فإن الحصار الدولي المفروض على كوريا الشمالية يزيد من عزلتها الدولية وتدهور احوالها الاقتصادية والاجتماعية.
ويؤكد الكوريون الجنوبيون على صحة وجهة نظرهم بالقول ان كوريا الشمالية رفضت طلبا من كوريا الجنوبية بالاعتذار عن هذه المعركة.. وبلغ الأمر إلى حد وصف الصحف الشمالية لهذا الطلب بأنه (منتهى الحماقة)، وهذا الوصف كما يقول الجنوبيون لا يبعث على السلام ولكن يعبر عن الحقد.
ومن جانبها تعتقد بيونج يانج أن خط الحد الشمالي البحري الذي يزعم الجيش الكوري الجنوبي أن سفنها انتهكته ليس إلا خطا وهميا تم ترسيمه من جانب واحد عقب انتهاء الحرب الكورية عام 1953 التي انتهت بتقسيم شبه الجزيرة إلى دولتين في الشمال والجنوب.
ويرى المحللون ان كوريا الشمالية أرادت ان تثأر للمواجهة البحرية التي وقعت قبل ثلاث سنوات بين الجانبين وأسفرت عن مصرع واصابة عدد من جنود البحرية الشمالية وابلاغ رسالة إلى الشطر الجنوبي بأن حالة (اللاسلم واللاحرب) ليست هى الحل الامثل وان استئناف مفاوضات تطبيع العلاقات هي أفضل السبل لتحقيق السلام.
وتتهم كوريا الشمالية جارتها الجنوبية دوما بالاستجابة للضغوط الامريكية التي تهدف لدفع العلاقات بين الجارتين إلى حافة الهاوية ورفض الضغوط الشعبية التي تدعو إلى تطبيع العلاقات وفتح الحدود ولم شمل العائلات.
ويستبعد المراقبون امكانية اندلاع حرب شاملة بين الكوريتين رغم تعالي الاصوات في واشنطن التي تطالب بتوجيه ضربة وقائية إلى كوريا الشمالية التي تعتبرها واشنطن احدى دول (محور الشر).
ويرى هؤلاء المراقبون ان الوقت غير مناسب بعد لنقل ميدان الحرب الامريكية ضد الارهاب إلى شبه الجزيرة الكورية لتأديب نظام بيونج يانج واجباره على التخلي عن سعيه الدائب لامتلاك اسلحة الدمار.. فبالرغم من ان واشنطن سارعت إلى اتهام بيونج يانج بأنها هي التي تسببت في هذه المعركة ووجهت تحذيرا شديد اللهجة إلى كوريا الشمالية من مغبة معركة البحر الأصفر التي تمثل انتهاكا لاتفاقية الهدنة الموقعة عام 1953.. فإنها دعتها في الوقت نفسه على لسان الجنرال ليون لابورت قائد القوات الامريكية في كوريا الجنوبية إلى الاستجابة لطلب قوات مراقبة الهدنة باجراء مباحثات بين ممثلين عن الجانبين بهدف نزع فتيل الازمة.
وإذا كانت أجواء الحرب الباردة قد سيطرت على شبه الجزيرة الكورية فإنها قد عكرت في الوقت نفسه صفو المونديال الذي اشاع جوا من البهجة ليس في كوريا فقط بل في العالم أجمع.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved