انطلقت الأماني المشروعة في عالم أكثر أمناً واستقراراً مع تدشين المحكمة الجنائية الدولية، حيث تواضعت دول العالم فيما بينها على أن تكون هذه المحكمة أداة لضبط السلوك الجامح نحو العنف سواء كان من دول أو جماعات.
ومع بدء المحكمة لأعمالها علينا أن ننظر حولنا لنرى ماذا انجزت الكيانات الدولية الكبرى مثل مجلس الأمن بكل ما لديه من سلطات وقوانين ملزمة تجاه النزاعات الدولية، وذلك قبل اطلاق العنان للخيال في عالم يسوده العدل.
ومن الوقائع القريبة أن مجلس الأمن الدولي اضطر تحت الضغوط الإسرائيلية إلى تسريح لجنة تقصي الحقائق في المذابح التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مخيم جنين قبل بضعة أشهر، وانفضت اللجنة قبل أن تبدأ مهمتها بسبب الضغط الإسرائيلي والصمت الأمريكي تجاه التطورات التي انتهت إلى فشل المهمة.
وبالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية فهي أول هيئة قضائية دائمة مكلفة النظر في عمليات الإبادة وجرائم الحرب، غير أن الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعترفا باختصاص هذه المحكمة حيث طلب واشنطن باستثناء مواطنيها من الخضوع لإجراءات المحكمة فيما أعربت إسرائيل عن خشيتها من تسييس أعمال المحكمة.
هذا الخروج الإسرائيلي الأمريكي من الاجتماع العالمي حول الهيئة القضائية الدولية، التي أنشئت بموجب اتفاقية روما التي وقعتها 139 دولة وصادقت عليها حتى الآن 74 دولة قد يحد حقيقة من فاعلية المحكمة خصوصاً إذا خضعت لمبدأ استثناء مواطني هذه الدولة أو تلك بما يجردها من صفة العدالة التي ينبغي أن تتحلى بها أي محكمة.
ومع ذلك فإن تأييد الدول ودعمها لهذه المحكمة قد يضعها في الموقع المناسب ويزودها بالأهلية الكاملة للاضطلاع بمهام عديدة ومستعجلة تتعلق بانتهاكات واسعة خلال الحروب التي تشهد عمليات إبادة يندى لها جبين الإنسانية خجلاً فضلاً عن الممارسات الفظيعة لسلطات الاحتلال وبالذات الاحتلال الإسرائيلي.
 |