تسابق مسؤولو إدارة تعليم الرياض في تصاريح صحافية على رفع راية التهديد والوعيد للمدارس الأهلية التي تحتفظ بملفات ونتائج الطلاب الذين لا يلتزم أولياؤهم عن دفع الرسوم لمخالفة ذلك لمواد التصريح الممنوح للمدرسة.. ولما يسبب هذا من آثار على الطالب في مسيرته التعليمة.. وعلى المدرسة اللجوء للجهات المختصة لتحصيل حقوقها.
ولقد أثار هذا الموضوع جملة من الاستفهامات حول مستوى عقلية مسؤولي التعليم بالرياض وكيفية إدارتهم للقضايا التي تطرأ عليهم.. حيث إنهم يبرزون في تصاريحهم هذه رؤيتهم نحو فلسفة الوزارة نحو رسالة التعليم.. على أنها رسالة تخريج طلاب لديهم تحصيل علمي «نقول إنه مقبول» كما أن لديهم تحصيلاً عالياً جداً في فن المماطلة وخبرة مبكرة في فن تضييع الحقوق ومعتمدة من وزارة المعارف، من خلال هذه التصاريح المخالفة للدين أولاً وللفلسفة التعليمية ثانياً والعقل والواقع ثالثا.
أما الدين فنتفق على أن ديننا الحنيف يحثنا على مناصرة المظلوم ودحر المماطلين والمخالفين للعهود ومن ذلك نقتطف إشارات سريعة. قال تعالى {فّرٌهّانِ مَّقًبٍوضّةِ}، وقال الرسول الكريم عن علامات المنافق «وإذا وعد أخلف» وفي الشرع «الغنم بالغرم».
وأما مخالفتها للفلسفة التعليمية فنعلم أن الدولة متكفلة بتعليم مواطنيها بالمجان من خلال المدارس الحكومية.. وتدعم مالياً المدارس الأهلية لأهمية دورها في المسيرة التعليمية هذا من جانب.. والجانب الآخر أين أهمية بث التربية والأخلاق عندما يتمنطق المسؤول بهذه التصاريح وكأن لسان حاله يفتح عقول الطلاب إلى مبررات للمماطلة والتسويف وشرعية تضييع الحقوق بمباركة المسؤول الذي يتكئ على المادة ذات الرقم 29 «وعلى المتضرر اللجوء للقضاء».
أما مخالفتها للعقل والواقع فندرك جميعاً ما يحدث عندما يطالب أحدنا خصما عن طريق الجهات المختصة لا نقول ضياع الحقوق ولكن متى نحصل عليها ونحن تائهون في دوائر المطالبات.. ومواعيد الجلسات وكيفية تنفيذ الأحكام بمعنى آخر وبمباركة هذه المادة المفسدة لاقتصاديات التعليم ستجبر المدارس على توجيه اهتمامهم من تطوير العملية التعليمية إلى مطاردة تحصيل حقوقهم المالية وخصمهم يرتع ويتنعم في مدرسته وخدماتها.. ومن جانب آخر فإن الذي لا يستطيع دفع الرسوم الدراسية فأبواب التعليم المجاني مفتوحة.. كنت آمل من أصحاب هذه التصريحات الرنانة أن يتقوا الله تعالى بمراعاتهم حقوق أصحاب المدارس أن يشدوا على أيديهم في تحصيل حقوقهم وأن يجعلوها ضمن دور الوزارة لإنجاح رسالتها.
وليس هدفنا أن ندعو إلى أن تتحول الوزارة إلى جباية للمدارس.. إنما هناك ضوابط كثيرة تحفظ حقوق المدارس وفي الوقت نفسه لا تؤثر على الطالب من الجوانب النفسية أو التعليمية.. مثل أن الطالب الذي لا يستطيع دفع الرسوم يحول إلزاميا إلى مدرسة حكومية في الفصل الثاني ويكمل دراسته على ألاّ يمكن من شهادته عند النجاح إلا بمخالصة من المدرسة.. كما يخصم عليه في درجات السلوك لمخالفته الأخلاق الإسلامية والتعليمية. أليس يخصم من الطالب إذا بدر منه سلوك غير تربوي مع المدرسين أو الطلاب كذا الحال فإن التعامل المالي يندرج ضمن هذا السلوك ولا يخلو الأمر على طلاب المسائي الذين هم أولياء لأنفسهم وغيرهم بمعنى آخر أن يكون للوزارة دور فاعل بحماية اقتصاديات التعليم.. ووقف مثل هذه التصريحات غير المسؤولة.
محمد العنزي |