Wednesday 3rd July,200210870العددالاربعاء 22 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

تمثل شمعة تفاؤل وسط دوامة العنف تمثل شمعة تفاؤل وسط دوامة العنف
خطأ غياب المبادرة السعودية في خطاب بوش

إذا لم تكن قد تمكنت من الاستماع إلى خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش حول السلام في الشرق الأوسط فلن تجد صعوبة في معرفة ما جاء فيه، ولكن لكي تقيم هذا الخطاب الذي طال انتظاره فإن الأكثر أهمية هو البحث عما لم يطرحه بوش في بيانه، وبالنسبة لمن يعيشون في الشرق الأوسط أو الأمريكيين الذين يهتمون بما يجري في هذه المنطقة من العالم فإن بوش لم يطرح شيئا يمكن أن يؤدي إلى انطلاق مبادرة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
قال بوش ان تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس وجود دولتين تعيشان في سلام يتطلب من جميع الأطراف شن حرب ضد الإرهاب، ولا يمكن لأحد أن يجادل في هذا المنطق، ولكن بوش قال انه لتحقيق هذا الهدف فإنه يجب استبدال القيادة الفلسطينيةالحالية، وللأسف فهذه إجابة قاصرة ومختصرة، ولكي نفهم سبب قصور هذه الإجابة نحتاج إلى البحث عما لم يقله بوش في رؤيته للسلام.
أول هذه الأشياء الهامة التي لم يقلها بوش هو المبادرة السعودية للسلام والتي تبنتها الدول العربية جميعا في قمتها في مارس الماضي لتمثل شمعة تفاؤل وسط دوامة العنف. تقوم المبادرةالسعودية على أساس انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مقابل سلام عربي شامل مع إسرائيل، وهذه المبادرة يمكن أن تمثل نقطة بداية جيدة لمحادثات السلام. كان يجب على بوش الإشارة إلى المبادرة السعودية باعتبارها اقتراح يمكن البناء فوقه وتطرح على أساسه خطوات ملموسة لدفع عملية السلام للأمام، في هذه الحالة كان بوش سيقدم لقادة الدول العربية دافعا قويا لمواصلة جهودهم بحثا عن السلام كما أن موقفه هذا كان سيصبح مكافأة للسياسيين في إسرائيل الذين تحملوا مخاطرة قبول هذه المبادرة التي جاء الإعلان العربي عنها في ذروة تصاعد المواجهة مع الفلسطينيين.
أيضا يمثل تجاهل بوش للمبادرة السعودية خطأ كبيراً لأنه أضاع الفرصة المناسبة لكي يوضح للرأي العام الإسرائيلي أن أي اتفاق سلام نهائي ينطوي على انسحاب إسرائيلي إلى ما قبل حدود 1967 مع بعض التعديلات البسيطة التي يتم الاتفاق عليها من خلال المفاوضات وأن مفهوم شارون لدولة فلسطينية عبارة عن مجموعة جيوب متناثرة ومعزولة في الضفة الغربية وقطاع غزة ومحصورة بين إسرائيل من جهة والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة من جهة أخرى لايمكن أن يصلح أساسا جديا لسلام دائم.
أيضا أخطأ بوش عندما اسقط من خطابه الخطوات التي قطعها الفلسطينيون والإسرائيليون خلال المفاوضات التي جرت تحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. ففي هذه المفاوضات حاول كلينتون إقناع كل طرف بالتنازل عن جزء من مطالبه، فإسرائيل عليها ان تتخلى عن أغلب مناطق الضفة الغربية والفلسطينيون عليهم أن يتخلوا عن فكرة العودة الكاملة للاجئين وبالنسبة للقدس كان كل طرف يدرك أنه سيحصل على أقل مما يتمنى الحصول عليه مع استمرار المدينة موحدة ولا تخضع لسيطرة أي طرف من الأطراف بصورة كاملة.
ولكن يبدو أن بوش تعمد تجاهل النقاط الأساسية في الصراع مثل قضية المستوطنات التي اكتفى بالدعوة إلى وقف بناء المزيد منها خضوعا لمواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون.
فشارون يقول ان أي مستوطنة حتى لو كانت صغيرة ومعزولة مثل مستوطنة نتساريم في قطاع غزة مهمة بالنسبة لإسرائيل مثل تل أبيب. أيضا تحدث بوش عن ديموقراطية فلسطينية وفي نفس الوقت تحدث عن ضرورة عزل عرفات، ولم يقل بوش هل يريد ديموقراطية لا تختار عرفات؟ وهل سيرسل السفن الأمريكية إلى سواحل غزة حتى يضمن ألا يختار الفلسطينيون عرفات في الانتخابات القادمة؟ وإذا تم انتخاب عرفات فهل يتوقع بوش من السلطة القضائية الفلسطينية الجديدة والمستقلة والنزيهة التي دعا بوش نفسه إلى إنشائها هل يتوقع أن تتخلى السلطة القضائية عن نزاهتها لتعلن فوز منافس عرفات على خلاف الحقيقة؟
الخلاصة التي يمكن أن نصل إليها من قراءة خطاب بوش هي أن هذا الخطاب بتجاهله كل التفاصيل لم يقدم للفلسطينيين أي أمل في السلام، فالتدخل الأمريكي يمكن أن يغير المناخ السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالفعل ولكن هذا التدخل يجب أن يعطي للفلسطينيين أسبابا ملموسة تجعلهم يؤمنون أنهم سوف يحققون استقلالهم وتعطي الإسرائيليين أسبابا ملموسة تجعلهم يؤمنون أنه يمكنهم الحصول على الأمن الذي يحلمون به، ولكي يتحقق ذلك كان على بوش أن يتحدث بتفصيل أكبر.
عليه أن يقول كيف يمكن تسوية الموضوعات الشائكة مثل اللاجئين والحدود ومصير القدس المحتلة، وإذالم يفعل بوش ذلك فإن دعمه المفترض لإسرائيل سوف يظل دعما أجوفاً لأن السلام يظل هو أكثر مصالح إسرائيل حيوية.

جريشوم جرينبرج
لوس انجلوس تايمز

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved