Thursday 4th July,200210871العددالخميس 23 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المسلمون في الأدب العالمي المسلمون في الأدب العالمي
محمود قاسم

جون كينتل
«الدكتور إبراهيم»
John Kinntel - doctor Ibrahim
الكاتب البريطاني جون كينتل، هو واحد من الأدباء الذين رحلوا إلى الشرق، وقامت شهرتهم في الغرب على أنهم كتبوا عن هذا الشرق بشكل جمع بين الايجابي، والسلبي.
وحتى لا نكون مثل النعامة، ننظر فقط إلى من يكتبون دفاعا عنا دون النظر إلى من يرون فقط الصورة الكلية، سواء صحيحة أم لا، فانه من المهم التعرف على جون كينتل وروايته الشهيرة «الدكتور إبراهيم» فهي رواية مشهورة كتبها المؤلف في الثلاثينات، وقد ترجمت لدى العديد من الناشرين في أنحاء متفرقة من العالم، كما أنها تحولت إلى فيلم ألماني باسم «الطبيب» عام 1957.
الرواية تدور في مصر، على ضفاف النيل، وبطل الرواية هو الطبيب المصري إبراهيم، الذي تربى في أعالي الصعيد في قرية «أدفو»، والرواية تدور على لسانه، فيتكلم عن قريته بأنها تنام في أحضان الماضي القديم حين صنع الفراعنة حضارتهم هنا، وبنوا المعابد، ونحتوا التماثيل.
وإبراهيم الطفل يحلم دوما بالسفر إلى القاهرة، ويرحل إلى هناك عن طريق مركب نهري وكأنما وسيلة النقل الوحيدة من المدن والقرى هي تلك المركب، وفي الطريق يقابل نماذج انسانية متعددة، وهو لا يملك أن يرد الظلم عنها. مثل الفتاة التي يأخذها رجال الشرطة دون أن تعرف إلى أين يأخذونها.
وفي القاهرة، يلتحق إبراهيم بكلية الطب، ويذهب إلى مستشفى القصر العيني للتدريب، فاذا بالمكان مزدحم بالفقر، والمرضى في عنابر ضيقة، والباشتمرجي هو صاحب السلطة الأولى على هؤلاء المرضى، يفرض عليهم الاتاوات من أجل تدبير الأسرة لهم، وبسبب تصرفاته، فانه يحاول أن يعالج بعض المرضى، ويكون سببا في بتر ساق طفل صغير.
ويحاول إبراهيم الطالب أن يقف ضد جبروت الباشتمرجي، وعندما يعجز عن كشف سلبياته أمام المسئولين، فانه يقوم بضربه.
وعندما يتخرج إبراهيم طبيبا، يقابل حبيبته القديمة، من نفس قريته ادفو، وقد صارت راقصة، يقرر إبراهيم أن يعمل في الريف حاملا كافة المثل التي تعلمها من أجل مكافحة الأوبئة، وأمراض الريف، ويواجه الرشاوي والمحسوبية.
وينجح الطبيب المسلم إبراهيم في أجراء عملية صعبة لزوجة أحد اللوردات البريطانيين، فتذيع شهرته، وتتاح له فرصة السفر إلى لندن، لكنه يردد عندما يعرض عليه البقاء في عاصمة الضباب، «أنا لا أبحث عن الثروة ولا عن الاسم.. لقد تركت المستشفى الحكومي.. وجئت إلى قريتي من أجل أن أخدم اهلها.. انهم في حاجة حقيقية إلى خدماتي».
ومن المعروف أن الوصف الذي قدمه الكاتب البريطاني جون كينتل لمصر يكاد يكون صورة مطابقة تماما لتجربة الكاتب الكبير توفيق الحكيم في روايته «يوميات نائب في الأرياف».
كينزة مراد
«فيما يخص الأميرة الميتة»
KENIZA MOURAD
De la part de la princesse morte
تنحدر الكاتبة الفرنسية كينزة مراد من أصول تركية، وهي تعيش في فرنسا منذ ميلادها عام 1941م، وقد اعتمدت كل شهرتها في الأدب الفرنسي المعاصر على تأليف رواية واحدة فقط نشرتها عام 1984 تحت اسم «فيما يخص الأميرة الميتة».
الأميرة الميتة في الرواية اسمها سلمى، ماتت في نفس السنة التي ولدت بها الكاتبة، وغير خفي أن سلمى هي أم الكاتبة التي قررت أن تؤلف رواية عن أمها الأميرة التركية المسلمة. تقول كينزة مراد انها ظلت تبحث عن امها من خلال الوثائق لأكثر من ثلاثة أعوام، واكتشفت ان هذه المرأة «سلمى» قد تربت في قصور استانبول، فهي ابنة لأسرة من الحكام العثمانيين الذين حكموا تركيا لقرون طويلة.
لكن الأميرة خديجة تم الحكم عليها بالسجن مع زوجها الذي حاول الاستيلاء على السلطة من أخيه، وكان المنفى بالنسبة للابنة سلمى هو جزء من ميراثها بعد أن دخل والداها السجن.
لقد عاشت «سلمى» في ظروف قاسية أثناء وجودها في المنفى بلبنان، لكن الأب اطلق سراحه، وتولى الحكم لعدة أشهر لم تطل كثيرا. فما لبث كمال اتاتورك أن قام بثورته ضد العثمانيين، ووجدت سلمى وأسرتها أنفسهم في المنفى، مرة أخرى.
في لبنان عرفت الفتاة المعاناة والهوان، فقد تزوجت من أمير هندي لم يسبق لها أن رأته، انه رجل جذاب، وساحر، تعلم في بريطانيا، وله أفكاره المتحضرة، ومع ذلك فانه رجل شرقي، محافظ لدرجة غير محتملة. هذا الرجل الهندي المسلم هو والد الكاتبة كنيزة مراد والذي تقول عنه: «كان أبي صديقا للمهاتما غاندي، ولكنه كان لا يرغب أن ينسى الهنود حق المسلمين في أن تكون لهم مكانة في الدولة الهندية الجديدة».
وترى الكاتبة أن المهاتما غاندي كان هندوسيا متعصبا، وأنه لم يكن عادلا قط تجاه المسلمين.
أما سلمى فانها كانت واقعة في حيرة بين حبها لزوجها الهندي، وولائها لوطنها الذي شهد اضطرابات، فقد مات ابوها في سجون كمال أتاتورك.
وعندما حملت «سلمى» ابنتها قررت ألا تنظر وراءها، وان تكرس حياتها لابنتها، لكنها مالبثت أن انفصلت عن الزوج.
وسلمى امرأة مسلمة ترفض كل ما هو غربي، رغم أنها ولدت ابنتها في مدينة سويسرية، تقول: «كانت تقدس كل ما هو مسلم، وتحب الأجواء الإسلامية التي تربت فيها، وعندما عاشت في الهند أحبت فيها التقاليد الإسلامية».
وبعد حياة مليئة بالتقلبات بين الثراء والفقر، ماتت سلمى في شهر يناير عام 1941، في أجواء شديدة البرودة، وهي لم تتعد الثلاثين من العمر، ودفنت في مقابر المسلمين في مدينة باريس التي كانت في تلك الفترة تحت الاحتلال النازي.
تقول الكاتبة ان سلمى ماتت حاملة معها ذكريات ستة قرون من السلطة والمجد، هي المرأة القادمة من تركيا. لم يحتمل صدرها الضعيف جو باريس الشديد البرودة. وتركت ابنتها وحيدة مع القدر رضيعة صغيرة ، دون أن تعرف أن هذه الابنة سوف تنتشر حكايتها إلى العالم فتحقق أعلى المبيعات في فرنسا طوال عام ونصف من تاريخ نشرها عام 1984م.
شانتال شواف احمرار
chantal Chawaffe
الكاتبة الفرنسية شانتال شواف، المولودة عام 1947، هي واحدة من الكاتبات اللائي ينتمين إلى ما يسمى بثقافة الأقدام السوداء، أي هؤلاء الفرنسيين الذين عاشوا في فرنسا، تزوجوا من أبناء الجزائر، حين كانت تحت الاحتلال الفرنسي، فلما اندلعت الثورة الجزائرية، وانتهت برحيل الفرنسيين إلى بلادهم، فإن أبناء الأسر المختلطة لم يعرفوا لنفسهم وطنا، هل هو فرنسا، أم الجزائر؟
شانتال شواف ابنة لهذه الثقافة المختلطة، فأبوها جزائري مسلم، من عائلة شواف (من الشوف أي الرؤية)، أما أمها فامرأة فرنسية ظلت على ديانتها بعدما تزوجت من المسلم شواف وعاشت طوال حياتها فوق الجزائر. وبعد رحيل الأبوين في عمر مبكر، وجدت شانتال نفسها تسافر للتعلم ولتقيم في باريس وهناك صار امامها تحد واضح. في أن تظل مسلمة، وتمثل هذا التحدي في تأليف الروايات التي لا تكف فيها عن ذكر أنها امرأة فرنسية الجنسية، عربية الهوية، مسلمة الديانة.
بدا ذلك بكل وضوح في رواياتها القليلة، ومنها: «المذبح» عام 1975، و«القلب المزموم» عام 1976، و«بذور القمح» عام 1978 و«احمرار» عام 1979، و«غروبيات» عام 1981.
في هذه الروايات كلها كان هناك الأب «شواف» بكل ما يتسم به من صفات. ونبل أخلاق، فهي تحكي أن امها الفرنسية ماتت وهي تلدها، وتركتها لأب كان عليه أن يعتني بها، ففتحت عينيها على بيت يباركه القرآن الكريم. وتقول الكاتبة انها تألمت كثيراً لأنها كانت بدون أم، وهي التي تخيلت دوماً أن لها أماً تجدل لها شعرها، وتضع السوار حول عنقها، لكنها ما تلبث أن تنتبه إلى أنها تحلم.
أما الأب، فقد راحت في احدى رواياتها تحاوره بعد أن مات في حوار داخلي صامت انكشف فيه مدى عذاباتها وآلامها، «لقد رأت أباها يموت ببطء فوق سرير مرضه، وهو يتلو القرآن الكريم باللغة العربية التي لم تكن تجيدها. بدت اللغة العربية غريبة عليها، وحاولت أن تفهمها، وبدأت في تعليمها من أجل أن تعرف المعاني.
كان الأب قد مات، وتخلى عن دوره في ممارسة الحياة، وتركها شابة صغيرة قلبها متأهب للحب، فتبحث عن رجل له نفس صفات الأب، من هشاشة ورقة، ونبل، وتدين، وعندما تقابل هذا الشاب في فرنسا تخبره بأنها مسلمة، وانه يجب أن يدخل دينها حتى يكتسب قلبها.
ورغم أن الشاب يعلن اسلامه فإن الفتاة تهجره، لأنه لم يكن يتفاهم معها طويلا.
وأمام هذا الفشل الوجداني فإن الكاتبة في روايتها «احمرار» تعود مجددا إلى طفولتها. وتتذكر بقوة وقائع حياتها هناك. المنزل الريفي، وصوت الاذان، والمساحات الشاسعة الممتدة أمام المنزل. هذه الفضاءات جعلتها تتأمل السماء الصافية دوما، وتوصلت إلى حالة من الاندماج مع القوى الكامنة في الطبيعة. وتقول الكاتبة شانتال شواف انها عانت من افتقاد هذه الأجواء عندما وصلت إلى باريس وعاشت فيها، وبفضل الحنين إلى جذورها الأولى تحولت إلى كاتبة.
أنتوني بيرجيس
و(1984 - 1985)
Anthony Burgess (1984 - 1985)
الكاتب البريطاني أنتوني بيرجس عاش بين عامي 1917، و1994، وهو روائي وناقد، وكاتب مقال، ويعتبر أشهر كتاب عصره الذين كتبوا روايات التنبؤ السياسي، لما يمكن أن يحدث في المستقبل، ومن بين رواياته «البرتقالة الآلية»، و«أخبار نهاية العالم»، ورواية باسم «1984 - 1985» نشرها عام 1979. تمت ترجمتها في التسعينات في مصر باسم «المسلمون قادمون».
ومن عنوان الرواية نكتشف أن بيرجيس قد حاول أن يتنبأ بالصورة التي ستكون عليها بلاده بريطانيا في منتصف الثمانينات من القرن العشرين أسوة بما فعل مواطنه الروائي الشهير جورج أورويل في الرواية الشهيرة «1984».
تخيل أورويل أن النظام الشمولي سوف يحكم العالم، وخاصة بريطانيا، فترى كيف كان تخيل انتوني بيرجيس؟
كانت للكاتب وجهة نظره في المستقبل، فهو يرى أن مدينة لندن قد ازدحمت بالمسلمين من بلاد النفط بشكل خاص، وأنهم قاموا بشراء الكثير من الشقق، والمؤسسات البريطانية بسبب النفط الذي در على بعض الدول العربية الكثير من الثروات.
وفي الرواية يصبح المسلمون بأموالهم وأعدادهم قوة اقتصادية ضاربة في مدينة لندن، مما يدفع بحدوث المزيد من التغيرات السياسية. فالملك تشارلز الثالث يتولى عرش البلاد من أجل استعادة الديمقراطية، لكن البرلمان غاضب على ما حدث في لندن. ويود أعضاء البرلمان وضع حدود لنفوذ العرب الاقتصادي في لندن.
والكاتب يقصد بالمسلمين هنا عرب الخليج، بزيهم الشعبي المألوف. وثرواتهم. اذ ليس كل المسلمين في كل الدنيا أثرياء.
وتنقسم لندن إلى قسمين أساسيين، فهناك العرب يقفون إلى جوار الملك الذي يبارك وجودهم في لندن، ويحضر المناسبات الدينية المختلفة، ويصور بيرجيس شهر رمضان المعظم وقد تغيرت الحياة تماماً في لندن، فالصلوات تعم المدينة، ومكبرات الصوت ترفع الاذان، والمدينة، تكاد تخلو من المحرمات التي يحرمها الدين. ومنها لحوم الخنازير، والكحوليات.
من الواضح أن الكاتب لم يكتب كل رواياته من أجل تنبيه شعبه إلى ان التساهل في بيع لندن إلى الغرباء سيجعلها مدينة مسلمة، بل يرى أن الصراع السياسي بين السلطات، والنقابات سوف يعجل بنهاية انجلترا التي يعرفها الجميع.
الجدير بالذكر أن هذه الرواية تنتمي إلى نوع من الأدب يعرف بالخيال السياسي، وهو يهتم بتصوير المستقبل من خلال التغيرات السياسية الحادة التي قد تحدث من حولنا.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved