اعتدنا أن نقصر مفهومنا عن التسول على الصورة النمطية التي تمثل رجلاً يقف على قارعة الطريق أو امام جمع من الناس ليسألهم مالا، وعادة ما يفعل المتسول ذلك وهو في حالة من الذل والإنكسار يستدر بها عطف وشفقة الناس. ومع ان هذا هو الوجه الصريح والمباشر للتسول إلا أن هناك وجوهاً أخرى للتسول إليك طرفا منها:
أولاً: التسول بقصيدة: وهنا يقف قائل القصيدة أمام كل من يرجو خيره مسبغا عليه أسمى الصفات وأجلها.
ثانيا: التسول بمقال: وفيه يتوجه الكاتب بمقاله إلى ذي الجاه والسلطان ليمتدح شخصه وأفعاله بأمل أن يشمله بعطفه وخيره عندما تحين الحاجة.
ثالثا: التسول بالثديين: وهنا نذكر مقولة «تموت الحرة ولا تأكل بثدييها».
رابعاً: التسول بذي الجاه: وفيه يقوم المتسول (وغالبا ما يكون موظفاً طامحاً في السلطة) بالتسلق على كتفي أحد أصحاب الجاه والسلطان ليخطف الأضواء فيراه الناس وتتحقق له المنفعة.
خامساً: التسول أمام ذي الجاه والسلطان: وهنا يقف المتسول أمام المحسن مستخدما كل سبل التزلف والنفاق الاجتماعي ليحصل على مراده، وهو غالباً فرص عمل أفضل أو مركز وظيفي متقدم، ويستمري المتسول هذا الأمر كلما وجد قبولاً من المحسن.
كم سيكون تعليمنا مميزاً وفاعلاً لو أنه عزز لدى الناس إيمانهم بأن قيمة ومكانة الفرد تنفرد في ضوء ما يقدمه لمجتمعه وأمته لا بما يحيط نفسه به من هالات وطقوس اجتماعية، نريده تعليماً حقيقياً يعلم الناس ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات ويحصنهم بالتفكير العقلاني الذي يعينهم على البحث عن الحقيقة ويمنع استغفالهم ببهرجة أو خطاب منمق.
* كلية المعلمين بالرياض |