Sunday 21st July,200210888العددالأحد 11 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أودعتك الله أودعتك الله
شعر: د. حيدر الغدير

مهداة إلى كل أم فلسطينية
إلى الأم الفلسطينية البطلة التي جاء ابنها يستأذنها ويودعها قبل انطلاقه الى عملية استشهادية، فشجعته ودعت له وربطت على قلبه، وهي في غاية السعادة والثبات. ذلك أنها على يقين أنه ذاهب ليموت فيحيا..
إلى الأم الفلسطينية البطلة التي جاء ابنها يستأذنها ويودعها قبل انطلاقه الى عملية استشهادية، فشجعته ودعت له وربطت على قلبه، وهي في غاية السعادة والثبات. ذلك أنها على يقين أنه ذاهب ليموت فيحيا..


بل أنت في عزة الإيمان أسماء
وأنت - واليوم صنو الأمس - خنساء
فتاك فادٍ وفيه الجود أكرمه
يدري وتدرين أن الجود أعباء
والجود بالنفس أقصى غاية عرفت
والباذلوها العرانين الأعزاء
أتاك مستأذناً باع الدنى رغباً
وأنت كابنك إيثار وإعطاء
ودّعته وهو منك الروح في فرح
وسار عنك وفيك البذل آلاء
يغليك يعليك يُغْني كل جارحة
بفرحة ما لها يا أم أمداء
تنداح كالنور والدنيا بها شغف
ترنو إليك وللأفلاك إصغاء
يركضن يسألن من هذي وكيف أتت
وكيف أهدت فتاها أهي حمقاء
كلا ولكنها أم تملكها
يقينها وهو أطياف ولألاء
فباعت الله أغلى ما حباه لها
وقلبها بالرضا مسك وأنداء
أتاك يرجوك عيناه مطامحه
يرنو إلى الله والآمال غراء
يقول يا أم في بردي أمنية
كل المنى بعدها لهو وأهواء
هي الشهادة أرجوها مجنحة
وقد دعتني إليها وهي حسناء
حسناء، كلا، فكل الحسن خالصه
هباتها وهي أفراح وأضواء
قد لوحت لي ونادتني وما فتئت
والوصل ما بيننا جَهْر وإيماء
والعزم فِيَّ جواد سابق أرن
في حلبة الموت ميمون وعداء
حلمي الشهادة علَّ الله يكرمني
إذا صدقت ولي في الصدق إسراء
إلى عوالم لا أدري مطارحها
لكنها رحبة كالنور علياء
تبرجت لي فشاقتني مفاتنها
وفي مفاتنها طهر وإغواء
وبيننا خطوة كالبرق دانية
ومَهْرها طعنة عجلى ونجلاء
دمي يسيل بها يرقى لخالقه
أما الثياب فبيضاء وحمراء
أتأذنين وسال الدمع مؤتلقاً
والصمت بوح وإغماض وإغفاء
وللعيون ابتهالات وأدعية
وللسرائر إخفاء وإفشاء
قالتْ وما نبستْ أغضتْ وما سكتتْ
وما عراهن فيما قلن إعياء
والدمع يملي وللأشواق لهفتها
وللسؤال كما للروح إملاء
أذنتُ، كلا، نعم: قلبي يحدثني
أني سأفقده والخوف إزراء
إذن تلين قناتي وهي شامخة
والإذن كالمنع ضرَّاء وسراء
من قال أفقده إني سأربحه
إني أذنت ولا عود وإبطاء
إني أذنت، وقل لي، كيف أمنعه
من عشقه وهو إعتاق وإرضاء
وَهْو الجدير بما يرجوه وَهْو فتى
في هجعة الناس قوّامٌ وبكّاء
يا موت خذه فتى يحمي عرينته
وموته عرسه والسعد مشّاء
في عرسه سوف تلقوني مزغردة
وفي يميني التي ربته حِنّاء
ويا بني انطلق سهماً له ظفر
تقفو خطاه ملايين أشداء
«من فتية لا تنال الأرض أدمعهم»
إلا وهم سجّد والخطب أنواء
«لو لم يسودوا بدين فيه منبهة»
لسوّدتهم سجاياهم كما شاءوا
أودعتك الله جل الله يا ولدي
والملتقى جنة زهراء غناء
وخَرَّت الأم للرحمن ساجدة
تبكي وتضحك والحالان نعماء
وروحها في سماوات عَلَوَنَ بها
وحولها الملأ الأعلى وقد جاءوا
والطير تشدو لها والسعد توأمها
والبشر من حولها روَّاح غدَّاء
قالت أيا رب إن ابني به ظمأ
الى الشهادة فهي الحلم والماء
إن الشهادة حسناء تعشَّقها
والعشق توق وأفراح ولأواء
يعتاده فهو مجنون به كلف
وللجنون ابتهالات وإيحاء
ورِيّه دمه إن ينسكب عبقاً
على ثرى القدس والأعضاء أشلاء
هبها له إنه أهل لها وبها
يساكن الطير جذلى وهي خضراء
وإن ينلها فإني فرحة سرحت
وبسمتي كالذي الفيحاء فيحاء
أما رضاك فأغلى ما نؤمله
وهو المنى البيض جادتهن سحَّاء
إذا ظفرنا به فالكون في يدنا
والبشريات امتدادات ودأماء
وفرحة القلب مثل الشمس عالية
والروح كالقلب كالأفراح بيضاء
تهون من بعده الدنيا بما حفلت
وكل شيء على الغبراء غبراء
لله أنت وتبقين المدى مثلاً
يروى وتتبعه هند وشيماء
شجاعة أنت لا بل أنت أشجعنا
برئتِ من وهننا إذ غالنا الداء
والوهن موت الفتى من قبل موعده
ومن قضوا في سبيل الله أحياء

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved