السلام وليس عرفات مفتاح القضية الفلسطينية
يعد الجيل التالي من العرب المسلمين هو العنصر الأكثر قوة في تحديد مستقبل الشرق الأوسط ولا يمكن لأمريكا أن تتحمل عواقب الوقوف لمتابعة هذا الجيل وهو ينمو كارها لها وكذلك لا تستطيع إسرائيل تحمل ذلك. إننا نواجه الآن لحظة فريدة للوصول إلى هذا الجيل وبناء المستقبل معه وربما يكون ذلك أكثر شيء مؤكد يمكن للولايات المتحدة القيام به لضمان أمن إسرائيل وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني. يجب أن تتخلى الولايات المتحدة عن السياسات التي تعزلنا كأمريكيين عن المجتمع الدولي. إننا نواجه الآن فرصة وكارثة في نفس الوقت ولا يوجد خيار ثالث بينهما. يحتاج الشباب الفلسطيني أن يرى مستقبله في دولة فلسطينية مستقلة وتعيش في سلام وأمامها فرص اقتصادية حقيقية ومؤسسات ديموقراطية فعلية، فإذا لم يجدوا ذلك ورأوا بدلا من ذلك العنف والتدمير كسبيل وحيد أمامهم للمضي قدما في الحياة، فإن العواقب طويلة المدى ستكون رهيبة يمكن أن نخسر الجيل القادم من العرب والمسلمين ومستقبل الشرق الأوسط كله ليقع في قبضة السياسات المتشددة والعداء لأمريكا.
وهذه التطورات سوف تهدد استقلال حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بما في ذلك استقرار إسرائيل ذاتها وتهدد العلاقات العربية الأمريكية وهي علاقات حيوية بالنسبة للمصالح الأمريكية.
هذه هي الأسباب التي تفرض علينا عدم تحويل قضية السلام في الشرق الأوسط رهينة لموضوع ياسر عرفات. لا يمكن للولايات المتحدة أن تلوم ياسر عرفات بسبب فشله في القيادة وعجزه عن إظهار خيارات قوية للسلام ولا يمكن لأي قيادة بديلة أن تمضي قدما وفقا للمنظور الأمريكي - الإسرائيلي الخاص بإبعاد عرفات فالتغيير يجب أن يأتي من داخل الفلسطينيين.
يجب أن تفهم الولايات المتحدة أن العالم العربي ينظر إلى القضية باعتبارها قضية فلسطين وليست قضية عرفات وعندما نسمح بتحويل عرفات إلى قضية في العالم العربي فإننا بذلك نترك الفلسطينيين والعالم العربي لكي يتعاملوا مع عرفات بطريقتهم وهذا يؤثر سلبا على الإصلاحات الفلسطينية المطلوبة ويدفع السياسات الفلسطينية نحو التشدد. إننا بذلك نعطي المتطرفين فرصة لا نريدهم أن يحصلوا عليها.
يجب على الولايات المتحدة قيادة عملية دبلوماسية لوقف دائرة العنف المغلقة والوصول إلى تسوية دائمة للصراع بقيام دولة فلسطينية مستقلة وضمان أمن إسرائيل.
ولا يمكننا أن ننتظر حتى يحقق الفلسطينيون ديموقرطية كاملة ومثالية قبل أن تساعدهم على ذلك عملية السلام ذاتها ويجب على إسرائيل اتخاذ خطوات توضح التزامها بالسلام ولكن لا يمكن للإصلاحات الفلسطينية أن تمضي قدما في الوقت الذي يستمر الاحتلال والنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
إذن يجب أن تجسد السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال الشهور القادمة نموذجا أمام الجيل التالي من العرب والمسلمين في الشرق الأوسط يجسد لهم رغبة أمريكية في توفير الأمل لهم فالولايات المتحدة أمام فرصة كبيرة لقيادة المنطقة نحو تحول سلمي وديموقراطي كبيرين وبالطبع فالمهمة صعبة ومعقدة وستظل كذلك ولكن الهروب منها يعرض أمن امريكا وحلفائها في الشرق الأوسط لمخاطر مدمرة.
كوك هيجل /عضو مجلس الشيوخ الأمريكي واشنطن بوست |