وصف بلدة أثري.. وآثارها
وأثري هي أيضاً محل أصغر من كاف إلا انها تفخر بالبناية القديمة القلعة المصغرة في داخل الأسوار شيء ما على طراز بيوت هارون الرشيد وهذه مبنية بحجارة سود حسنة التربيع منتظمة الوضع بدلاً من الطين المادة العربية الشائعة في البناء وعلى عتبة المدخل توجد أو بالأحرى كان يوجد كتابة بحروف قديمة ربما حميرية التي كنا سننقلها لو انها كانت واضحة ولكن الجو قد كاد يمحوها وهنا ها نحن قد أضافنا «جروان» وهو شاب عديم الترتيب بنصف ذكاء وله شعر طويل في جدائل وهو ابن مرزوقة ابنة عم محمد ذاته ومع انه لا شيء يدعو إلى الفخر به كقريب فإنا نجده مضيفاً لطيفاً يقظاً وأمه امرأة ذكية كريمة الأصل وانه ليبدو غريباً ان يكون لها ولد بهذه الصفة وأبناؤها الثلاثة الآخرون لهم ذكاؤهم مثل سائر الناس ولكنهم موضوعون في الخلفية وجاءت مرزوقة لتراني الآن بطبق كبير من التمر في يدها ووقفت لتتحدث، إن وجهها ما زال جذاباً ولابد انها كانت جميلة إلى حد كبير وألاحظ انها تلبس عدداً من الخواتم الفضية كخواتم الزواج.
وتخبرنا مرزوقة اننا سنجد كثيرين من أقرباء «ابن عروج» في الجوف وهي نفسها غادرتها صغيرة هي تتحدث عنها كفردوس أرضي من حيث انتزعت لتعيش في هذه الواحة الصغيرة التعيسة. وحقا ان اثري مكان بائس كل شيء فيها ما عدا بستان جروان وبعد مشية في بستان النخيل منعني عرجي من الانضمام وجلسنا جميعاً إلى عشاء طيب مكون من خروف وخبز وثريد. وللخبز مذاق كالفطائر الممتازة قام بتقديمه لنا جروان بشخصه وهو واقف طبقاً للأسلوب العربي عندما يأكل الضيوف وتلاحظه أمه بعناية وتخبره بما يجب ان يفعل. ومن الواضح ولو ان لديه من الحس ما يجعله قليل الكلام انه ينظر إليه كمن لا وزن له في العائلة. ويصف ولفرد المشية في البستان بأنها ممتعة نوعا فمحمد وعبدالله يلقيان خطباً طويلة ثناء على كل ما رأيا ويحكيان لرئيس رجال جروان قصصاً خارقة عن أبهة تدمر وثروتها.
وبستان جروان الوحيد في أثري يحتوي على أربعمائة نخلة كثير منها مغروس حديثاً ولا يوجد فيها شجرة يزيد عمرها عن سنة وكان من بينها نخلة من صنف الحلوة تمر الجوف الحلو استوردت من هناك واعتبرت هنا من النوع العظيم الندرة وفي هذه النقطة كان هناك ترديد حار بالإعجاب وبان اعجاب شديد بشجرات الاثل أيضاً وهي تربي من أجل الأخشاب وست سنوات من النمو يجعلها على ارتفاع عشرين قدماً.
بين القريات والجوف
وصل رجلان من الجوف بأخبار سارة وهي ان كل شيء على ما يرام بين هذا المكان وبين الجوف أي انه ليس هناك عرب بعد في وادي السرحان. لقد تأخر الموسم كثيراً والمرعى سيىء جداً بحيث ان الوادي قد هجر منذ الربيع الماضي. لن يكون هناك الآن طريق أو أثر من أي نوع. وبما ان المسافة مائتا ميل على الأقل إلى الجوف فيجب ان يكون معنا دليل ليرينا الآبار وشخص كهذا وجدنا في بدوي صغير منظره مضحك صادفناه هنا وهو سيذهب معنا مقابل عشر جنيهات.
يتبع |