مات الأمير الفارس أحمد بن سلمان... اللهم لا اعتراض، هذه حكمتك وأنت الذي أعطيت ووحدك الذي يأخذ ولا نملك إلا الدعاء له بالرحمة والمغفرة وان يتقبله سبحانه وتعالى في فسيح جناته وان يجمعه مع الصالحين الأبرار إنه على كل شيء قدير.
بموت فارس الخيل العالمي أحمد بن سلمان فقدت الفروسية قاطبة أحد دعائمها المهتمين بشؤونها والمطورين في صناعتها، ذلك الأمير الذي استطاع ان يفرض سيطرة فكر وعقلية السعودي بأحقيته في اعتلاء هرم الفهم والفكر الفروسي وارثاً ذلك الحس الفروسي النادر من أجداده.. أهل الخيل الذين لم يتعاملوا معها كملوك وأثرياء وحسب، بل كانت وسيلتهم الوحيدة التي رافقتهم في إرساء دولة شامخة أساسها الدين الإسلامي الحنيف.
لقد شاءت الأقدار ان أقابل الأمير أحمد بن سلمان -رحمه الله - في اكثر من مناسبة أذكر أهمها أثناء أحد سباقات الخيل في ميدان الملز بالرياض حينما قدم نصائح ثمينة في مجال الإعلام الفروسي. وقتها كنت محرراً لصفحة الفروسية بجريدة الرياضية وشدد -رحمه الله - على ان لغة التخصص في هذا المجال هي النقطة الأولى للنجاح وان هذه اللغة من الصعب على أي إعلامي ان يعرفها وقد أدركت القيمة الكبيرة لهذه النصيحة في مجال عملي الآن وكيف ان هذه اللغة المتخصصة تجعل للرسالة الإعلامية صدى أكبر وأوسع انتشاراً.ومن الأمور التي لن أنساها في فقيدنا الغالي الحس والعرف الفروسي الدقيق في شتى جوانب الخيل حيث كان من الماهرين في تقييم ظروف السباق قبيل انطلاقته، يفند وضعية السباق قبل انطلاقته. يحلل سلالة الخيل ومسافاتها والأقرب للفوز الأمر الذي عرفه الجميع بان ملاحظاته كانت في دائر الوضع الصحيح.
الأمير أحمد بن سلمان -رحمه الله- كما يعرف الجميع الآن هو الوحيد الذي استطاع ان يسجل اسمه كأول عربي يفوز بسباقات الكنتاكي داربي والبرينكس سيتكس والبيلمونت ستيكس الأمريكية خلال 128 عاماً من عمر هذه السباقات.
هذه الإنجازات العظيمة التي تحققت مع جواديه بوينت جيفن ووورم امبلم لم تأتِ ضمن طقوس الحظ أو جودة ونوعية الجوادين بل جاءت بالإدارة السليمة والواعية والمتفتحة التي سارت عليها شركة ثوربيرد كوربوريشن لسباقات الخيل حيث كان رحمه الله يعطي العاملين معه الفرصة دون التفريط وفي نفس الوقت يمزج بين خبرته في الخيل لكونه من أهلها مع الأسلوب العلمي الحديث حتى حققت شركته في عهد وجيز ما عجزت عنه شركات ومؤسسات مهتمة بالخيل وسبقته في هذا المجال بسنوات.
لقد كان رحمه محباً للجميع، عطوفاً على الناس همه ان يتقاسم الناس معه الفرحة، حيث تفاعل الجميع مع انتصاراته العالمية بسبب انه ضرب بمبدأ الأنانية في عرض الحائط وترك حب الذات، لذا كان رحمه الله يهدي كل فوز لأبيه وأمه وعائلته والشعب السعودي الأمر الذي جعل جياده شارب كات، بوينت جيفن، وورم امبلم وليرفان ودكتور فونج محفورة في الأذهان.
إن الحديث عن اثرغياب ورحيل الأمير أحمد بن سلمان عن الفروسية يحتاج إلى الكثير والكثير من الجهد والتقصير لابد انه يطاول الأقلام لكن علينا ان نلوم عقولنا قبل أقلامنا التي هي في الأساس وسيلة لاغير.
سكرتير تحرير مجلة السباق | 
