Friday 16th August,200210914العددالجمعة 7 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الخرج مجرى الماء والواحة الخضراء الخرج مجرى الماء والواحة الخضراء
الخرج مرتع خصب لأمم تعاقبت طمعاً في وفرة مياهها وخصوبة أرضها6/2
1319هـ بايع أهل الخرج الملك عبدالعزيز وعين الحقباني أميراً لها
«طسم وجديس» أمم سادت في الخرج ثم بادت في القرن الخامس قبل الميلاد - بطش الأخيضريين اضطر السكان للهرب إلى مصر والسودان

  اعداد: مسفر القحطاني
في الحلقة الثانية من حلقات الخرج سلة الغذاء نواصل تتبع تاريخ المنطقة الذي تشير المراجع التاريخية انها كانت مسرحاً للعديد من الامم التي سادت ثم بادت.
وفي هذه الحلقة نعرج بشيء من الاختصار على تاريخ السيادة في هذه المنطقة، ومراحل التغير التي حدثت حتى انتهت بالاستقرار في الدولة السعودية الثانية التي كانت بداية الاستقرار الامني والمعيشي لهذه المنطقة التي تنعم كسائر مناطق المملكة بالرخاء ومشاهد التنمية الشاملة.
المتتبع لدراسة تاريخ الخرج وما تم تسجيله من مقتطفات عن تاريخ هذه المنطقة يجدها مرتعا خصبا لأمم سادت ثم بادت وامم بعدها تعاقبت على هذه المنطقة وذلك بسبب وفرة مياهها وأرضها الخصبة، والإنسان بطبيعته يحب البقاء والعيش والاستقرار متى توفرت أسبابه في أرض تناسبه، ويعد قرب موقع الخرج من حجر اليمامة المشهور«مدينة الرياض حاليا» ما حولها وادي حنيفة الذي ينحدر من شمال الرياض ويتجه جنوباً حتى يصل إلى الخرج، يعد رابطابين حكام حجر اليمامة وبين«جو» الخضرمة«الخرج حالياً» والذي كان عامراً بالعيون والمياه الجارية وكثرة خيراته، ولذا نجد التاريخ لايكاد يفصل بين حجر اليمامة وبين الخضرمة«جو» الخرج وزعامة اليمامة هي بين حجر وبين الخضرمة ويمكن تلخيص بعض مما يحكيه التاريخ عن منطقة الخرج:
طسم وجديس:
طسم وجديس من العرب العاربة البائدة التي سادت ثم بادت واندثرت أو انتشرت وتفرقت بين الأمم المجاورة حوالي القرن الخامس قبل الميلاد طسم وجديس اخوان، الغلبة والقوة لطسم في اغلب الأوقات، جديس تسكن الخضرمة«جو» الخرج حالياً وطسم يسكن الخضراء أي الواديين الوتر والعرض«وادي االبطحاء» ووادي حنيفة ويذكر الشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه الله بأن سبب هلاك هاتين الأمتين يرجع إلى قصة هي أقرب للخرافة وهي: أن طسما له القوة وحكم على جديس بألا تزف امرأة بكر إلى زوجها حتى تدخل عليه فاستثارت امرأة من جديس نخوتهم ولضعفهم عمدوا إلى الحيلة بأن دفنوا سيوفهم وأسلحتهم ودعوا طسما وقومه إلى وليمة، فلما حضر هو وقومه اخذ الجديسيون سيوفهم من تحت الرمال وفتكوا بهم وبعد ذلك استجار الطسميون بأحد ملوك اليمن وهو حسان اسعد ابو كرب فغزا نجداً وأوقع بجديس في مقر اقامتهم وملكهم بالخرج «جو الخضرمة» وقعة منكرة وخرب البلاد وهدم الحصون.
ومما أوردته كتب التاريخ وجاء فيه ذكر لبعض الاماكن الواقعة في الخرج ولها علاقة بالقصة السابقة قصة أخرى، وهي:
كانت زرقاء اليمامة متزوجة من قوم جديس وهي من طسم وكانت هذه حادة البصر ترى من بعد وقد رأت الجيش اليمني من مسافة بعيدة وأنذرت جديسا ولم يصدقوها فصبحهم الجيش وفتكوا بهم، وزرقاء اليمامة التي سمي باسمها الإقليم حسب ما تذكره كتب التاريخ«يمامة» قد نظرت على رأس الكلب الجيش اليمني من مسافة بعيدة ولكن الجديسيون لم يصدقوها.
الحنفيون يحكمون الخرج:-
ويذكر الهمداني أن بني حنيفة سكنوا المنطقة قبل الإسلام بما يقارب قرنين من الزمان أي في عهد قريب من العهد الذي غزا فيه الملك اليمني«حسان بن أسعد أبو كرب» قبيلة طسم وجديس وهؤلاء قدموا من عالية نجد وأطراف الحجاز يتقدمهم عبيد بن ثعلبة بن يربوع الحنفي وهذا هو الأب الرابع لمجاعة بن مرارة الحنفي ومجاعة هذا أدرك الإسلام وأسره خالد بن الوليد في حرب اليمامة.. وبنو حنيفة هؤلاء اتخذوا من حجر اليمامة «الرياض حاليا» وجو الخضرمة«الخرج حاليا» قاعدة لهم.
الخرج في صدر الاسلام:-
بعد وفاة رسول الله صلى عليه وسلم وفي خلافة ابي بكر رضي الله عنه ارتد بعض بني حنيفة وكونوا جيشا كبيرا لمحاربة الدين الإسلامي بزعامة الكذاب الذي تنبأ يقول الاستاذ: عبدالعزيز بن عبدالله الرويس حدثني الشيخ حمد الجاسر«مشافهة بأن معاوية بن ابي سفيان أول خليفة اموي كان إذا ذكرت له أرض صالحة للزراعة يمكن الاستفادة منها أرسل لها من يعمرها وانه أرسل الصعافقة إلى السيوح عيون الخرج لاسالتها وشق الترع والاستفادة من الاراضي الصالحة للزراعة ووصل عددهم إلى ما بين ثلاثة آلاف إلى اربعة آلاف من الصعافقة لإسالة هذه العيون ولم يحدد كم هي واسماؤها، وهذه العيون لم تملك لأحد وجعل ريعها لبيت المال».
وهو أول من شتت الصعافقة وسباهم بعدما ضعف سلطان الدولة في وسط الجزيرة العربية، وفي الخرج موقعتان بين نجدة بن عامر الحنفي وبين والي الخليفة الأموي وتسمي شعاري وموقعة أخرى تسمى موقعة يوم المجازة وقعت بينه وبين جيش عبدالله بن الزبير وتم الانتصار في هذه الموقعة للحنفي نجدة بن عامر الخارجي.
الحفصيون:
يقول الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب مانصه«وقد ملك الخضرمة بعد بني عبيد من حنيفة آل أبي حفصة».. انتهى. وكما سبق فالخضرمة يقصد بها الخرج والحفصيون ملكوا الخضرمة بعد بني عبيد من حنيفة وسبق وأن تناولنا حكم بني حنيفة.
وقال الهمداني ما نصه«وقد ملك الخضرمة بعد بني عبيد بن حنيفة آل أبي حفصة ثم غلب عليها الأخيضر بن يوسف العلوي فسكنها والأخيضريون حكموا اليمامة واتخذوا جو الخضرمة «الخرج» حاليا قاعدة لملكهم وحكموا مدة تزيد عن قرنين من الزمان.
ويحسن بنا أن نذكر بعضا من تاريخ الأخيضريين، ومن أين قدموا لطول حكمهم بالمنطقة- يقول الشيخ حمد الجاسر«الأخيضريون أسرة علوية من بني موسى بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثار أحدهم المدعو إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم في مكة 251 هـ واستطرد قائلا ومات إسماعيل وهو ابن اثنين وعشرين سنة، فقام أخوه محمد الأخيضر وإليه ينتسب الأخيضريون وكان أسن منه بعشرين سنة، وثار باليمامة وملك أمرها، وله من الولد محمد وإبراهيم ويوسف وعبدالله وهم باليمامة ودار ملكهم الخضرمة وولي يوسف مكان أبيه فولد ليوسف بن محمد بن يوسف«إسماعيل والحسن وصالح ومحمد» فأما إسماعيل فاشركه أبوه يوسف بن محمد معه في الأمر في حياته ثم انفرد بولاية اليمامة بعد موت أبيه ثم مات فولي بعده ابنه أحمد بن الحسن.
ويقول ابن حوقل في كتابه«صورة الأرض» وأما اليمامة فواد والمدينة به تسمى الخضرمة دون مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي أكثر نخيلا وتمرا من المدينة ومن سائر الحجاز.
وكانت قراراً لربيعة ومضر فلما نزل عليها بنو الأخيضر جلت العرب منها إلى جزيرة مصر فسكنوا بين النيل وبحر القلزم وقرت ربيعة ومضر هناك وصارت لهم ولتميم كالدار لم يزالوا بها»..انتهى
وكان حكم الأخيضريين يتسم بالقسوة والبطش وحاربوا أهل اليمامة من موقع مركز القوة الخضرمة«الخرج» وفرقوهم بظلمهم وتعسفهم حتى تفرقوا وتشتتوا بعضهم سافر إلى مصر والسودان وشمال أفريقيا والشام واندمجوا مع أهل هذه الديار، أما زوال دولة الأخيضريين فيرى كثير من المؤرخين كما يذكر الشيخ حمد الجاسر كان على يد«القرامطة» وهؤلاء حكموا البحرين من آخر القرن الثالث الهجري حتى منتصف القرن الخامس وعلى وجه التحديد عام 467هـ ،وجرت بينهم وبين الأخيضريين سنة 317هـ وقعة كبيرة قتل فيها كثير من مشاهير الأخيضريين، وهناك اختلاف في تعيين قاعدة الحكم فأبو بكر الحازمي المتوفى سنة 584 يقول جو اليمامة قصبة اليمامة ويقال لبلدها«الخضرمة» وبزوال الأخيضريين لم تحكم اليمامة التي من ضمنها
  الخرج«الخضرمة» حكما قويا وأصبحت اليمامة عبارة عن امارات تخضع للحكم في شرق الجزيرة العربية«الأحساء» مثل القرامطة والعيونيين والجبريين الذين منهم أجود بن زامل الجبري وبهذا أصبح الحكم في المنطقة غير مستقر وجهل تاريخها قرونا طويلة.
ويذكر ابن بطوطة الذي زار المنطقة في القرن الثامن الهجري في العام 732 هـ بأن سكانها طوائف من العرب أكثرهم من بني حنيفة وهي بلدهم قديما وأميرهم طفيل بن غانم، ويذكر الشيخ حمد الجاسر بعض من يسكن اليمامة في القرن الثامن وأن جلهم من بني حنيفة من بني يزيد ومزيد ويهمنا هنا في هذا البحث المزايدة وهم الذين يسكنون ويحكمون الخرج ومما قاله مانصه: المزايدة دارها: البخراء- وحرمة- وسيحة الدبيل- والحلوة والهريم والبريك ونعام والخرج.«3». انتهى.
ونعرف أن السلطة عادت لبني حنيفة في هذه الفترة المتأخرة وبعد انتهاء نفوذ الأخيضريين وبقي لبني حنيفة نفوذ حتى أوائل القرن الحادي عشر إلا انه بعد الاطلاع على شعر للشاعر راشد الخلاوي الذي يخاطب ممدوحة منيع بن سالم أحد أمراء الأحساء الذين يتولون امارة الخرج أثناء حكم الاحسائيين كما تقدم ذكره في آخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر أي قبل الدور الأول للدولة السعودية وظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، والشاعر راشد الخلاوي عاش في هذه الفترة كما يقول الشيخ عبدالله بن خميس، ويقول الشاعر:


فلياك بير باليمامة تيممه
عنها وعن بير الخطا لا تسايل
إصغه يسار صوب«وادي حنيفه»
تلقى بها المرعى وهجل المخايل
دار لأبو سالم فتى طال شبره
شيخ الكمام ومنتدى كل سايل
شيخ سما ماداس في الناس زلة
فتى زانته يردى بها كل عايل
فلا جيت في «جو الثليماء» بنزلة
وقد لم جال الماء رجال القبايل

مما تقدم يتضح أن حكم الاحسائيين ظل في المنطقة إلى قرب ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والدولة السعودية الأولى.
الخرج في الدولة السعودية الأولى:
قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومؤازرة الأمير محمد بن سعود بن مقرن لهذه الدعوة كانت الخرج تحكم من قبل امراء الأحساء. وبعد انتهاء حكم الأحساء وأصبحت الخرج عبارة عن إمارات تحت الحكم المحلي والغلبة للقوى مثلها مثل مناطق نجد الأخرى حيث كانت الفتن والقلاقل وعدم استتباب الأمن وذلك قبل ظهور الدعوة وانتشارها.
يجمع كثير من المؤرخين ان بداية الدولة السعودية الأولى من عام 1157 إلى 1233هـ .وفي بداية ذلك اتفق كل من الأمير محمد بن سعود بن مقرن مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب على نصرة الدين والشريعة ومحاربة البدع والخرافات وقرب منطقة الخرج من حجر قديما و«الرياض» حديثا أعطاها مكانة قوية ولذا لابد أن تدخل هذه المنطقة في السمع والطاعة ومؤازرة الدعوة.
وفي العام 1189هـ قدم زيد بن مشاري بن زامل أمير الدلم ومعه وفد من أهالي الدلم على الإمام عبدالعزيز والشيخ محمد بن عبدالوهاب وبايعوا على دين الله ورسوله والسمع والطاعة.
وفي العام نفسه 1190هـ قدم حسن البجادي أمير اليمامة ومعه وفد من أهلها إلى الامام عبدالعزيز والشيخ محمد بن عبدالوهاب وبايعوا على السمع والطاعة وعلى دين الله ورسوله.
وأصبحت الخرج تحت حكم الإمام عبدالعزيز سامعة مطيعة، وعين على الخرج أميراً هو سليمان بن عفيصان.
الخرج في الدولة
السعودية الثانية:
يتفق المؤرخون على أن بداية فترة الدولة السعودية الثانية كان في العام 1236 إلى 1309هـ بقيادة الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود وقد استرد حكم آبائه وأجداده.
وفي العام 1420هـ أرسل الإمام إلى أمير اليمامة كليب البجادي يدعوه إلى المبايعة فبايعه هو وأهل بلده على السمع والطاعة، وهكذا أصبحت الخرج كلها سامعة مطيعة تحت حكم الإمام تركي بن عبدالله.. وعين الإمام تركي بن عبدالله عمر بن محمد بن عفيصان أميراً على الخرج وعين القاضي الشيخ عبدالرحمن بن حسين بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب قاضياً في الخرج.
الخرج في الدولة السعودية الثالثة:
بعد فتح الرياض في العام 1319هـ من قبل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه قدم أهل الخرج ومعهم أميرهم عبدالله بن ناصر الحقباني وبايعوا الملك عبدالعزيز على السمع والطاعة وعلى شريعة الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأقر الملك عبدالعزيز إمارة عبدالله بن ناصر الحقباني وتحكيم الشريعة الإسلامية من قبل قاضي الخرج عبدالعزيز بن صالح الصرامي.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved