Sunday 18th August,200210916العددالأحد 9 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ثم ماذا؟ ثم ماذا؟
المعماري زياد في أزمة!!
بدر بن سعود

زياد الرحيلي وهو مهندس متخصص في عمارة البيئة، بعث لي برسالة الكترونية، تعقيبا على مقال كنت قد كتبته في هذه الزاوية، حول ازمة التخصص التي يعيشها الخريجون بعد انهاء الدراسة الجامعية، تحت عنوان: هذا ما يقوله المعماري البيئي؟.. يقول زياد: تخرجت من قسم تصاميم البيئة بكلية الهندسة في احدى الجامعات السعودية عام 1997م، بحثت عن عمل يناسب مؤهلاتي فلم اجد، ما قادني بالتالي إلى تجربة العمل بالمؤسسات ذات الطبيعة الفردية والباصات والنقل العام إلى جانب القيام بأعمال خيرية مجانية، ولما ضاقت بي الأمور توجهت إلى سوق الخضار ولكن العمالة الاجنبية وقفت كالسد المنيع امام امكانات المنافسة، لقدكان الفشل بمثابة النهاية المؤلمة لكل تلك المحاولات.. فكرت ان اقوم باستثماري الخاص لتأمين مستقبلي، فأنشأت محلا لبيع الفول والأكلات السريعة، واستلفت لأجله مبلغ 250 الف ريال، بدون فائدة حقيقية، فقد فشل المشروع ولا زلت حتى اليوم اسدد هذا الدين.. زياد يتساءل بمرارة عن الأسباب وراء اهمال بعض التخصصات ومنها تخصصه، الذي يعتقد أنه يدخل ضمن احتياج البلديات ووزارة التخطيط والسياحة وحماية الحياة الفطرية وانمائها، مع العلم أن قسم عمارة البيئة كما ذكر لم يضخ إلى سوق العمل خلال السنة التي تخرج فيها سوى ستة طلبة فقط؟، والرقم بالمقياس العقلي البسيط لا يشكل عبئا يصعب استيعابه بالنسبة للجهات المشار اليها، ثم كيف يفتتح قسم جامعي له ميزانية ومحاضرون كي يقوم بتدريس ستة طلبة لا يستفاد منهم رغم علمية التخصص واهميته؟، ولا يدري زياد ربما أن الشهادة شيء والواقع شيء آخر، اذ يكفي حصوله على مقعد جامعي كامتياز يمنحه الافضلية مقارنة بخريجي الثانوية المكدسين عند ابواب الجامعات بلا رجاء ينتظر، ولا يهم بعدها أين يكون التوظيف ما دامت الورقة السحرية موجودة، يستأنس بجمالها وهي تزين غرفة الجلوس كتحفة فنية تشبه المومياء في تابوتها، يا زياد كرر المحاولة والتحق بمعاهد التعليم الفني والتدريب المهني، لتفوز بقرض وتنشئ ورشة، اذا وجدت مقعداً شاغراً طبعاً، فالمستقبل للمهنيين والفنيين وليس لاصحاب التخصصات الغريبة والدخيلة على مجتمعنا، اما لو تعطلت الفرص كالعادة معك، فهناك ابتكار جديد لجمع الأموال يسمى الهوية التسويقية، يحفظ لك بمجرد تغيير اسمك الأول ليطابق سلعة استهلاكية معينة، الحصول على خمسمائة جنيه استرليني سنوياً، او اذهب لجريدة الاقتصادية حاملا قصاصة خبر ورد بصفحتها الاخيرة يوم الثلاثاء 13/8/2002، اسألهم عما تبقى من وافدين لم يضبطوا، كي تتوجه اليهم طالباً وظيفة بأي سعر كان.. لقد اصبحت البطالة كابوساً يضايق احلامنا الوردية، فهناك كفاءات كثيرة محاصرة بين اهمال الدولة ورفض القطاع الخاص، حتى وصلت المشكلة لحدود لا نعرف أنضحك منها ام نبكي عليها، ولنلاحظ مثلا وضع الشباب الصغار «13 18 سنة» الذين قبلوا بالعمل فترات تتجاوز 17 ساعة يومياً، مقابل رواتب لا تغطي اتعابهم ومصروفاتهم الشخصية مثلما يفيد الخبر المذكور، لأن هؤلاء بالتأكيد تقف وراءهم عوائل محتاجة أو بحد اقصى تحت الفقر، والا فما الداعي للقبول بظروف عمل قاسية وغير مقبولة؟ وهنا بالذات يدق ناقوس الخطر ليشير إلى حالات اجتماعية محتملة، قد يدفعها بؤس الحال لافعال لا يمكن التنبؤ بها أو السيطرة عليها مستقبلاً، بينما تكفيها حالياً التفاتة مسؤولة تشعرها بأنها في دائرة الاهتمام العملي، إذ لا تكفي القوائم المعدة لمقابلة الخريجين بشواغر القطاع الخاص والعام المتاحة، ما دامت رغبة الاستفادة الفعلية من العمالة السعودية المؤهلة، مفقودة محلياً، يقابلها المزاحمة الكبيرة للأجانب ونحن لم نلتحق بمنظمة التجارة، ولنا أن نتصور ما سيحدث بعد الالتحاق؟، فالمسألة ليست مؤطرة بارتفاع رواتب السعوديين وعدم التزامهم بواجبات الوظيفة، وانما تخاذل وانبهار بقدرات الآخرين مهما بدت ضعيفة ومحددة، فزياد لو انجب ومثله كثير سينتهي حال ابنائه للتشرد أو بأحسن الأحوال لوظيفة عند وافد متستر عليه، أو رب عمل يستغل الحاجة ويوظفها لمصلحته، خصوصا وأن القضية تجاوزت محدودية المقاعد الجامعية لما بعد الجامعة، وشملت الصغار والكبار دون ادنى استثناء.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved