Sunday 25th August,200210916العددالأحد 16 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ثم ماذا؟ ثم ماذا؟
الضغط الأمريكي لن يفيد«1/3»
بدر بن سعود

اليوم ستضطر الزاوية إلى الخروج عن خطها المحلي، بسبب الممارسات الإعلامية المستفزة للأمريكيين، والتي لا يستطيع أي عاقل أن يلوذ بالصمت أمامها، فقد أصبحت السعودية منذ 11 سبتمبر هدفا مكشوفا للولايات المتحدة أو بمعنى أصح اليمين المسيحي المتطرف، صاحب الامتياز المالي في حملة الرئيس بوش الانتخابية، والداعم الرئيسي للمجازر الإسرائيلية في فلسطين، الذي تهمه بالدرجة الأولى، تهيئة الأسباب التاريخية نحو معركة «هرمجدون» المصيرية وفق التحريف التوراتي والإنجيلي لها، وبطريقة تتفق كثيرا من تنظيرات فوكوياما وهنتنجتون حول نهاية التاريخ وصراع الحضارات، إذ أن ما يجري فعلياً الآن، يؤكد بشكل أو بآخر تلك الرغبة المحمومة لإعادة تفصيل الثوب العالمي طبقا للمواصفات الأمريكية، ويقدم صورة جديدة للأزمة لا تتجاوز الصراع الحضاري من زاوية دينية خالصة، وإلا فما المبرر لكل هذه الانتقادات المتوالية فيما يشبه البرقيات السياسية العاجلة للرياض، بحيث تشكل كل واحدة منها قنبلة موقوتة قد تثير إذا ما استمرت زوابع داخلية وخارجية، لا تخدم بأي حال منطقة الشرق الأدنى أو دول الخليج والعالمين العربي والإسلامي، فالمملكة بوصفها دولة قائدة للعالم الإسلامي، وواحدة من دول اتخاذ القرار العربي، بالإضافة لثقلها الاقتصادي كمورد يحتفظ بربع الاحتياطي العالمي للنفط، بينما تشكل إلى جانب الكويت والعراق ثمانين في المائة من مخزون النفط الدولي، رغم اكتشاف منابع جديدة ببحر قزوين وولاية آلاسكا الأمريكية وأفريقيا، لا يمكن لها الرضوخ لمطالب الغرب الأمريكي، بوسيلة الضغط وتشوية السمعة الاقتصادية والاجتماعية، فقد استطاب الإعلام الأمريكي الوجبة السعودية الدسمة، واستفاد من سياسة ضبط النفس لدى رجال الدبلوماسية السعودية، ليوجه سهامه المتتابعة تجاه الداخل السعودي، ثم يعيد توجيهها مرة أخرى، على كل ما هو سعودي أياً كان موقعه، ولعلكم تذكرون النقد اللاذع للمؤسسة الدينية والتعليم الديني، جراء اشتراك 15 شخصاً قيل بأنهم متدينون ويحملون الجنسية السعودية في تفجيرات نيويورك وواشنطن، وقبلها الإثارة المتعمدة لقضايا المرأة وحقوق الإنسان والأقليات بمناسبة وبدون مناسبة، وخلال ذلك اتهام بعض المؤسسات بتمويل الإرهاب وتجميد أرصدتها، ليصل الأمر إلى حد وصم المملكة بأنها القاعدة الخلفية للإرهاب العالمي، وتوصية أحد الباحثين السياسيين بإدراجها ضمن محور الشر والدول العدوة.. وأخيراً وليس آخراً رفع دعوى بواسطة عوائل ضحايا سبتمبر، ضد شخصيات حكومية ومؤسسات ذات مكانة مرموقة وأدوار إنسانية جليلة معروفة ومرصودة بالأرقام، يطالبون فيها بدفع تريليون دولار كتعويض للأضرار التي لحقت بهم، وكأن نصف المسلمين بحسب إحصائية كير الأخيرة وبينهم السعوديون، لم يتعرضوا لمعاملة مهينة وحالات ضرب وتصفية جسدية واعتقال، أهملت أبسط معايير الإنسانية.. وأين؟ في بيت الديموقراطية الأول «أمريكا!».. هذا المبلغ بطبيعة الحال صعب السداد ما لم يكن مستحيلاً، بخلاف أن القضية كما يراها خبراء القانون الأمريكي، لا تعتمد على أدلة كافية وموضوعية يمكن بناء عليها الحكم بالإدانة في الأحوال العادية؟، وإلا فستصبح أمريكا نفسها متهمة كذلك، نظراً لكونها أسهمت بدور مشهود وحيوي في تغذية البنية الأساسية للإرهاب، بمؤازرة الأفغان والأفغان العرب وتزويدهم بالسلاح المتطور والتدريب اللازم لدحر السوفيت في ثمانينات القرن الماضي!؟، ولو تجاوزنا جميع ما قيل، كيف تستطيع السلطات القضائية الأمريكية مساءلة الغير عن تصرفات ارتكبها أشخاص مستقلين بإرادة خاصة لمجرد الظن والقرائن الاجتهادية، فجميع السعوديين المتورطين في التفجيرات، سافروا مثلما يسافر غيرهم، والتحقوا بمدارس الطيران أو سواها للدراسة على حسابهم الخاص، أي أنهم لا يمثلون جهة رسمية أو خاصة، بالإضافة لأن الأموال سواء أكانت سعودية أو أمريكية قابلة للاستغلال غير النزيه، ما دامت النوازع العدائية كامنة في النفس وما دام البشر محكومين بالظواهر التي ربما تكون خادعة أحياناً، ولعل الفضيحة الاقتصادية السياسية لعملاق الطاقة الأمريكي «انرون» وتقاطع السياسي بالاقتصادي خلالها، بخلاف «ورلد كوم» وشركة المحاسبة القانونية، توفر استشهادات طازجة للموضوع، وهي لا تلغي بالتأكيد وجود ملاحظات دقيقة، تستدعي الفحص والتحليل وصولاً لحلول توفيقية.. أما بالنسبة لمساعدات وتبرعات المملكة الخارجية، كذا واجبها الإسلامي ومواقفها العربية الراسخة وسياساتها الداخلية المختلفة، فلا مجال للتأثير عليها بأي صورة ومهما بلغت حدة الضغوط.. لأن ثوابت السعوديين وأولوياتهم لا تقبل المزايدات أو المساومة عليها والزمن كفيل بإثبات ذلك.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved