Sunday 1st September,200210930العددالأحد 23 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل كيف ؟ خالد الفيصل كيف ؟
مقدمة في الصبغيات الفكرية خالد الفيصل/ الشخص/ النص
عبد الله نور

يحلو لي أن أزعم أنه من مواليد شهر (آذار) وفيه ما فيه من القول الحميد والمجيد، والمؤكد أنه من مواليد مكة المكرمة وفيه مافيه من القول المبارك والفأل الحسن، عرفته عن كثب في العام الميلادي 1987م وكان لتوه قد فتح صالونه الأدبي الثقافي في منزله في الرياض، وكان يوم الأربعاء موعداً لرواده من الأدباء والمثقفين يجيئون بعد صلاة العشاء وينصرفون قبل منتصف الليل بعد تناولهم طعام العشاء وانقضاء المسامرات التي بدأت بدون نظام معين، ثم تحولت إلى نظام للمحاضرات وإلقاء القصائد المختارة، وحين انقضى عام صار يوم الخميس موعداً لرواد الأدب والشعر الشعبي على نحو المنتدى الأول.
وحين أكمل المنتديان العمر الثالث لثلاثة أعوام متواصلة وشعر الأمير خالد بضرورة تحويل ذلك إلى (منتدى رسمي) تنفق عليه الدولة ويخضع للأنظمة المعتبرة، لم يتم أو لم يستتم ذلك له حيث صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين سموه أميراً على (منطقة عسير) فانتقلت روح المنتدى إلى هناك وانبثقت من مجلسه عدة منتديات أدبية وثقافية وعلمية وإدارية واجتماعية، بل صارت كل ليلة في منزله في أبها موعداً لواحد من منتديات الفكر في شتى مجالاته الثقافية والعلمية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، زيادة على منتدى (شيوخ القبائل) أونحوهم.
على أن انتقاله إلى عسير قد ترك بصمات واضحة في ثقافة أهل الرياض، بل في ثقافة المملكة بأسرها وتلك الإنجازات الثقافية التي رافقت تاريخ ظهور ناديه الثقافي في الرياض قد آتت أكلها وأتبعت ثماراً يانعة، إذ المعروف أنه وهو يؤسس لناديه في منزله قد أمر بتحويل الأندية الرياضية إلى أندية رياضية واجتماعية وثقافية وخصص لكل ناد ريعاً مادياً يصرف حسب النقط التي يحصل عليها النادي. واستمر الأمر كذلك إلى حين نقله إلى عسير، ولم تكد تمضي بضع سنوات قلائل حتى هطل الغيث العميم بإعلان المرحوم الأمير فيصل بن فهد قيام الأندية الأدبية في المملكة على مانراه الآن قائماً اليوم.
هذه مقدمة سريعة خاطفة عن الأمير خالد الفيصل في دوره الثقافي والفكري في المملكة، ولكن كيف صار هذا الدور، أو بالأصح كيف صارت هذه الأدوار، وكيف عرفت أو كيف فهمت ذلك، أو كيف كيف فإن لكل كيف ولكل كيفية كيفيات وتحت أو فوق أو أمام أو وراء كل كل كيفية كيف؟
خالد: في بنائه الجسماني:
ليس بالطويل ولا بالقصير إنه فوق الرّبعة بقليل إذا مشى يتصبَّبُ كأنه سيل منطلق في أرض حماد. يبدو وكأنه يعتمد في مشيته على القدم اليسرى، والسعادة تبدو دائماً على محياه وفي تعاون سائر أعضاء بدنه، وكل كيانه معبأ بالطمأنينة والرضا فصار منسجماً في جميع أجهزته بنظام واتقان وتكامل، إنه سعيد أو هكذا يبدو ولكن بكل تأكيد فإن الناظر إليه لابد وأن يشعر كما لو أنه مغمور بالبهجة والحبور.
حين شاهدته لأول مرة أدركت صدق الذين عرفوه أكثر مني بمراحل عميقة وأبعد غوراً، فهم يقولون عن صفاته الجسمانية بأنه قد أخذها في مجملها عن والده الفيصل ولكن في التفاصيل ففيه من أجداده وأعمامه وأخواله صفات منتقاة، ومنتقاة بعناية شديدة وليس سراً أنه قد أعطي لكل عضو فيه أحسن ماورثه أقرب قريب إليه، ومن أجل ذلك صار أحدوثة في مهارات (العرضة النجدية). ومهارات (كرة القدم) مهارات (لاعب الهجوم) من حيث التخطيط والتنفيذ والفتل والختل والروغان والجولان والمباغتة والموادعة، والصعق، والانتصاب، والنقب، والخطف، وغير ذلك من الفنون التي لايقدر عليها إلا ذوو الأجسام الرياضية الخاصة، والذي هو أهم من هذا كله أنه مسيطر على أعضاء بدنه في كل حركاته وسكناته، ومن أجل ذلك صار واضحاً انه مسيطر على جميع أفكاره الكبيرة والصغيرة، إذ لم أره قد فرح أو غضب أو حزن فخرج عن طوره، وأفكاره مثل طريقته في السير تنبع مثل ماء العين حين يسير ليصبح مثل الغدير، تنبع بهدوه وتسير في هدوء، وإذا عاقته بعض الأفكار السلبية لا يأبه لها إلا بأسرع مايقلبها في صالحه، وفي معظم أحواله فإن جميع عاداته مبنية على أفكاره التي يسيطر عليها بمقدرة فائقة ظاهرة للعيان، على أنه معدود بين أبناء جيله شخصية ذات خصوصية مظهرية في نزاكته وأناقته وعنايته الخاصة بخصوصية لباسه، وسايكلوجية التفصيل المتميز لها، المنسجمة مع سايكلوجية أشيائه الأخرى كنوع المساعة، ولونها، وموديلها، ونوع الأحذية، ولونها، وموديلها.
إذ هو فيما يبدو زاهد في كل شيء يلفت الأنظار إلى النوع، أو القيمة أو مايدل على الانتماء إلى أية طبقة من الناس، إنه متطلب دوماً إلى العراقة في كل شيء، والاعتدال في القيمة ثم هو -بلا جدال- فخور بكل شيء يعيش طويلاً ويحمل ذكرى عزيزة ذات معنى.
أيضاً هو في كل أفكاره موزون مثل أشعاره، مثل سائر أعضاء بدنه، مثل طريقته في بث حكاياه وذكرياته، وكذلك هو في أسلوبه حين ينتصب وينخفض ويتهادى في عرضته النجدية، أو حين يخطب، أو حين يركب خيله، أو حين يريد أن يعترض أو حين يصمت ويستعرض خواطر شاردة دائماً هو في حالة انسجام وتوازن وإن كانت هناك في خطوط جبهته بقية من حزن قديم، وفي صوته بقية من جرح عفّت عليه السنون، غير أنه كما قلت قادر على السيطرة. إن أية محاولة لقراءة جينات (صبغيات) أفكاره لابد وأن تحظى بمقدمة للحفر أو للبحث في هيكل شخصية الأمير خالد.
الفكرة أصل الشخص، وهي أصل الحياة، إنها منشأ التكوين إنها (خالد الفيصل/ الشخص/النص).

يتبع

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved