قرأت ماكتبه الأخ علي بن زيد القرون من حوطة بني تميم في العدد «10908» تحت عنوان «تعليقاً على حوادث المعلمات.. أقترح تنظيم جدول اسبوعي للمعلمة». وفي حقيقة الأمر فإن هذا الموضوع بحاجة إلى المزيد من البحث والتمحيص وأن يُعْقد حوله مؤتمر وطني تنفيذي لا مجرد آراء وتوصيات.
لقد تزايدت «حوادث المعلمات» في الفترة الأخيرة ازدياداً ظاهراً وملحوظاً وفي كل مرة يذهب ضحيتها معلمات «بريئات» وينتج عن كل حادث عدد من الوفيات والإعاقات.. ولقد كان حادث القصيم الأخير والذي وقع على طريق «المدينة» أحد هذه الحوادث التي هزت المجتمع وفجعته بشاعة هذا الحادث الذي وقع لمعلمات ذهبن مع ساعات الفجر الأولى للتعليم في غرب القصيم.. وها هي قوافل المعلمات تسير بطرق وعرة جداً في كل صقع من أصقاع القارة السعودية المترامية الأطراف.. وتسير بطرق وعرة في كثير من الأحيان وطرق غير مسفلتة في أحيان أخرى.
وقد انضمت القافلة الأخيرة «قافلة القصيم» إلى قوافل شهداء وزارة المواصلات وتعليم البنات.. صحيح أن هذا الحادث وغيره قضاء وقدر.. ولكن لمَ لمْ نفعل الأسباب لتلافي المزيد من هذه الكوارث المفجعة!!.. إن وزارة المواصلات تلقي باللائمة على رئاسة تعليم البنات.. ورئاسة تعليم البنات تلقي باللوم على وزارة المواصلات وكل يريد أن يتخلص من هذا الموضوع ويزيحه عن كاهله.. إن المقولة التي ترددها رئاسة تعليم البنات «ليس لنا علاقة بحوادث المعلمات» أي ليس لها علاقة مباشرة وهذا صحيح. ولكن هناك علاقة غير مباشرة سوف أتطرق لها بعد قليل.. إن الرئاسة يجب أن تنظر بأبوة وحنان لمعلمات الوطن اللائي يعلمن بنات الوطن.. ومن غير الرئاسة سيلتفت لهذا الموضوع.. إنني أستغرب هذا الصمت الرهيب على هذه الحوادث المفزعة والمؤلمة.. وعدم اتخاذ أي إجراء لحلها وأعتقد أنه في حالة الاجتهاد فسيوجد الحل والمثل الشعبي يقول «المهتوي يقطع المستوي».. إن من وطئ على الجمر ليس كمن وطئ على الرماد «ولا يحس بالجمرة إلا واطئها».. ولقد عقدت قبل فترة من الزمن ندوة حول مشكلة نقل المعلمات.. ولكنها ذهبت أدراج الرياح.. وذهبت هباء منثوراً من آخر ورقة ألقيت بهذه الندوة.. التي ظهر فيما بعد أنها حبر على ورق.. وجعجعة دون طحين..!!
لقد تجاوزت المشكلة كل الحدود.. وليست المشكلة هي رسمية فقط بل هي مشكلة إنسانية واجتماعية قبل كل ذلك.. فليس هناك أحد يرى هذه الدماء النازفة على الطرق ولا يتحرك ضميره وإنسانيته وإن لم يكن ذلك من مسؤولياته أو واجباته التي ألزمته بها الدولة.. يجب أن نتحرك جميعاً من مواطنين ومسؤولين ورجال أعمال وغيرهم لإيجاد حل لذلك.. وإنني أسوق هذه الرؤى والمقترحات للمسؤولين وغيرهم:
أولاً: يجب أن تحل «الرئاسة» هذه المشكلة جذرياً عن طريق التعيين للمعلمات في مناطقهن وفي مناطق قريبة من سكنهن.. قد يبدو ذلك مستحيلاً ولكن إذا بذلت الرئاسة جهداً ما في التنظيم والإدارة ومحاولة ارتكاب أخف الأضرار حسب برنامج محدد ودراسات مبرمجة جغرافياً وإدارياً فأعتقد أن ذلك ليس بعيد المنال.
ثانياً: إن وسائل النقل التي تستخدم في نقل المعلمات تفتقر إلى أبسط وسائل الأمان فالإطارات وهي أهم وسيلة لتفادي الحوادث بمشيئة الله وهي إطارات قديمة أو مستعملة يركبها أصحاب هذه «الصوالين» أو الأتوبيسات الصغيرة للتوفير.. وما دروا أنها سبب الكوارث والحوادث إن أهم شيء وأهم شرط يجب توفيره في هذه السيارات هو الإطارات على أقل تقدير ويجب أن تلاحظ ذلك دوريات المرور وأمن الطرق وأخذ تعهد على صاحب أي مركبة لنقل المعلمات أن يغير إطاراته كل 6 أشهر، وأعتقد أن هذا الإجراء سهل جدا ومن السهل تطبيقه.. ولكن من يعلق الجرس.
ثالثاً: إن أغلب الحوادث تحدث في طرق مفردة وسيئة وتشهد زحاماً مرورياً وعلى هذا فإن على «وزارة المواصلات» وزراً من حوادث المعلمات ويجب عليها التحرك لتحسين هذه الطرق المفردة التي تشهد نقلاً كبيرا وحركة كثيفة وليس المطلوب من ذلك هو ازدواجها وإنما وضع أكتاف لها على أقل تقدير.
رابعاً: كثير من الحوادث تحدث في الصباح الباكر.. والعجيب والغريب أن حركة المعدات الثقيلة والشاحنات لا توجد ولا تتكثف ويزداد نشاطها إلا في ساعات الصباح الباكر «6 7» صباحاً وهي ذروة الحركة والنشاط ونقل المعلمات والطلاب والمعلمين والموظفين.. فلماذا لا يتم منع سير الشاحنات الثقيلة التي إن لم تكن سبباً مباشراً في الحوادث فهي سبب غير مباشرفمعظم هذه الحوادث تحدث بسبب الشاحنات التي تسير ببطء وخصوصا على الطرق المفردة «وليست السريعة» وهي سبب في بطء وإعاقة الحركة فإذا لم تصطدم بها السيارات من الخلف فهي عائق كبير جداً أمام التجاوز ومن الصعب رؤية السيارات القادمة من الجهة المقابلة في وجود شاحنة أمامك.. فلابد من التحرك يساراً قليلاً إلى الجهة المقابلة لرؤية السيارات القادمة من الاتجاه الآخر وفي هذا مخاطرة كبيرة وسبب في الحوادث «غير مباشر من الشاحنات».
وفي بعض الأحيان نجد طابوراً متواصلاً من هذه الشاحنات يجعل سيارات الركوب تسير خلفها في طابور أيضاً. إن منعها من الحركة في ساعات الذروة على جميع الطرق هو خير حل لهذه المشكلة.
كما أنه من الملاحظات أن سيارات خدمات الطرق «صيانة الإنارة صيانة التشجير تنظيف الطرق ري الأشجار» لا تجد وقتاً أنسب لها من ساعات ذروة الحركة وكأنها تقصد أن تكون سببا في هذه الحوادث المفجعة.. فلماذا نرتكب هذا الخطأ الفاحش.. بل ورغم تسببها في حوادث مروعة فإنها لا تزال في خطئها سائرة..!.
خامساً: أعتقد أنه من الأنسب وضع شروط صارمة لوسائل النقل «نقل المعلمات» فقد أصبحت وسيلة لكسب الرزق في سيارات متهالكة ولا يقدم عليها إلا محدودو الدخل ونحن لا نحسدهم على ذلك ولكن لا يجب أن يكون الثمن دماء معلمات بريئات كما أطرح رأيا آخر آمل دراسته بعمق وقد يكون صعب التحقيق وهو نقل المعلمات بطائرات ركوب صغيرة «طائرات هليكوبتر» حيث أن بعض وسائل نقل المعلمات تحمل «15 20» معلمة وهذه حمولة طائرة ويجب دراستها بعمق وأن تحمل هذه الطائرات هؤلاء المعلمات ذهابا وعودة وبأسعار رمزية مدعومة من قبل الرئاسة.. وتكون هذه الطائرات للمناطق البعيدة الوعرة الطرق.. فعظم رحلات هؤلاء المعلمات بالسيارات تبدأ من ساعات الفجر الأولى لمسافة تزيد عن 200 أو 300 كم وتسير سياراتها بسرعة هائلة ولا تصل هدفها. نظراً لأن الطرق مفردة أو وعرة أو غير مسفلتة إنه رأي أتمنى أن يتم دراسته بعمق من قبل الرئاسة ورجال الأعمال.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني - البدائع
|