Sunday 8th September,200210937العددالأحد 1 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/7 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/7 48)
مقدمة للبحث في الصبغيات الفكرية «خالد الشخص / النص»
عبدالله نور

إذا تذكرت (منتدى خالد الأدبي) وتذكرت الحياة الاجتماعية وأوضاع الأدباء النفسية قبل 35 عاما أتذكر الآن (مؤسسة الفكر العربي) والحياة الاجتماعية في الوطن العربي وأوضاع المفكرين من الناحية النفسية أيضا، وأرى الفرق شاسعاً وواضحاً للعيان، لقد كانت الحياة والأدباء في أيام المنتدى بسيطة وساذجة والحركة الدينامية فيها ذات إيقاع ريفي قروي بسيط وساذج، بينما تختلف الحياة العربية في ديناميتها اختلافا كبيرا لايمكن قياسه بالتفكير السطحي المجرد وأوضاع المفكرين في العالم العربي خير مؤشر على ذلك الاختلاف.
إن الناظر للفكر العربي المعاصر لا يحوزه الدليل على الحكم عليه بالتأزم الشديد والمركب وحالة الانكسار النفسي التي يعاني منها كل مفكر عربي بادية للعيان، وقد انحسر العمل الإبداعي من عقول المفكرين والمثقفين والفنانين وصار محصوراً في الدرجة الدنيا، أو المتوسطة، وانزوى عن الساحة المبدعون الحقيقيون أو بالأحرى فإن الحياة العربية نفسها لم تعد منتجة لذلك النوع الراقي من المبدعين الرواد الذين كانت الساحات العربية تكتظ بهم في الخمسينات والستينات من القرن العشرين.
ولئن كان في وسعك ان تحضر أي اجتماع ثقافي لأصغر أو أكبر عدد من مفكري الأمة العربية فإنه لن يكون في وسعك ان تسعد منهم بلقاء مثمر يدوم أكثر من بضع دقائق لتراهم قد هاجوا وماجوا وانقلبوا إلى شجار وصراخ ثم إلى شتائم وسباب ثم إلى ما لا يحمد عقباه.
هل هذا مرض نفسي أم هو مرض عصبي أم هو مجرد اضطراب من أحداث الحياة الراهنة، وما يكتنفها من المشاق المادية والاجتماعية أم هي متاعب ذات علاقة بالمزاج الثقافي لدى المفكرين؟ حيث هو ليس بخافٍ معاناة أكثرهم من العزلة، أو الإدمان، أو العمل، أو من طبيعة التركيب الخاص للمجتمع العربي في خصوصياته وعمومياته. أو ان هناك خلل في البناء الجسمي للمفكر نفسه مما أدى إلى خلل في مزاجه النفسي وبنائه الوظيفي، ثم ما علاقة هذا كله أو جزء منه بالإبداع نفسه وما علاقة الإبداع بالمرض النفسي أو العصبي أو ما يسمى بالجنون أو الشذوذ؟!
سيحتاج الأمير إلى وقت ليس باليسير لكي يقود دفة مثل هذه السفينة التي يتواجد فيها المفكرون العرب وأرجو ان لايكون مضطرا إلى انزال الكثيرين في مسيرة الرحلة حيث قد يفاجأ من حيث لم يكن متوقعاً بشيء من التقلبات الوجدانية والمزاجية الغريبة ممن لا يتوقع منه ذلك، ولابد وانه سيرى كثيرا من الصراع على الأدوار وكثيرا من مساوئ التأويلات وعدم القدرة على تجاوز الحدود الذاتية الضيقة، وضعف القدرة على تكوين العلاقات وبناء التواصل السليم فيما بعضهم البعض.
ولكن مهما طال الزمن، فإن الأمير خالد قادر على امتلاك ناصية الأمور وقيادة السفينة إلى الميناء بنصر وسلام، وهناك أسباب تقود إلى التفاؤل بنجاح الأمير في مهمته وعلى رأس هذه الأسباب كونه أميراً مستقلاً في فكره، إن استقلال الأمير ميزته الأولى والرئيسة، ثم إن تجربته الحياتية في أمريكا وأوروبا، ومعايشته لبعض رموز الفكر العربي حينذاك قد زودته بثراء من نوع خاص، أضف إلى ذلك ما عند الأمير من مواهب قيادية وإدارية يشهد لها الجميع بالتفوق والفرادة والإبداع ثم وانه لايخلو الميدان من مفكرين مبدعين موهوبين بأعظم موهبة يوهب بها إنسان وأعني موهبة (الحكمة) وإن كانوا من الندرة بمكان!!
وكثيرون من المفكرين الذين كانوا يعانون من الصراعات فيما بينهم ويعانون من عزلتهم ومن عدم القدرة على التعايش وبناء العلاقات السليمة قد تجاوزوا كل هذه الأمراض، تجاوزوا هذه المتاعب فأدهشوا مجتمعهم بامتلاكهم لأهم القدرات النفسية والعقلية وإذا هم بيننا ذوو مهارات وكفاءات ذهنية عالية، مواهب جديرة في التعامل مع النقد، مزايا نفسية في التعامل مع الغضب والثورات الجامحة، هذا إلى جانب التوفيق بين كل الصراعات وتركيزهم النادر في أعمالهم مع الاستغراق فيه بكل ما لديهم من مواهب وطاقات.
وللأمير خالد ميزة قيادية خارقة تدعو إلى الإعجاب في كل نواحيه، وأعني مقدرته على تحمل الضغوط بشتى أنواعها، مقدرته على احتمال المتنافرين والمختلفين، مقدرته على الإحساس بالمسؤولية إزاء هؤلاء النفر من المفكرين، وبالطبع فإن تفتح ذهنه وتواضعه وهدوءه وشخصيته المستقلة كما ذكرت آنفا هذه كلها قادرة على إحداث التغييرات العميقة في الفكر العربي المعاصر، ولربما يقف إلى جانب الأمير في هذه السفينة كون كل مفكر مبدع هو قبل كل شيء وبعد كل شيء متفائل ومثابر من أجل التغيير إلى الأفضل.
أجل إذا تذكرت (منتدى خالد الأدبي) قبل 35 عاما، ثم تذكرت الأمير خالد الآن وأمامي (مؤسسة الفكر العربي) أتذكر أهم شيء في قضايا الفكر العربي المعاصر ألا وهو حاجة هذا الفكر إلى (منقذ) إلى (مخلص)، لقد جاء في نظام المؤسسة بأنها أول مؤسسة فكرية عربية يتضافر فيها شيئان اثنان المال، والفكر، أو الفكر والمال، وفي نظري إن هذا لايكفي، فالفكر نفسه في حاجة إلى مفكر من طراز جديد في الفكر العربي، في حاجة إلى (قائد) من نوعية ووزن الأمير خالد الفيصل، وأعتقد ان أميراً مثل خالد ومدعوماً من رجالات ميامين من الأسرة المالكة وعلى رأسهم الملك الفهد وولي عهده الأمير عبدالله، والنائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فإنه لابد وان يكون مظفرا وميمون النقبية ومحمود العواقب.
وطبيعي ان مأزق الفكر العربي الراهن لا يقف عند حد المفكرين ممن هم يكون في سفينة الفكر الذي يقودها الأمير، هناك مظاهر كثيرة من مآزق هذا الفكر، وأهم المآزق ما ندعوه ب (المقاومة الثقافية)، إذ المعروف في صورة كل حركة ثقافية متغيرة لابد وان تتشكل فيها صورة (مقاومة) للحركة، ولهذه المقاومة آليات نظرية وفلسفية واجتماعية قادرة على الإرباك والعرقلة وزعزعة الصفوف، ولكن لاتحظى بالقدرة على الثبات أمام دينامية الفكر القادر على البحث والاستقصاء والتحليل والابتكار، وليس لديها علم بالفكر الفلسفي والعقل التأملي والتجريبي أو العلم الكلي، إنها بدون حكمة ولذا فإنها بدون فكر، ولا تحمل بذور البقاء.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved