Thursday 12th September,200210941العددالخميس 5 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/11 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/11 48)
مقدمة للبحث في الصبغيات الفكرية «خالد الشخص / النص»
عبدالله نور

الناس في أبها يصفون مدينتهم بقولهم: أبها مدينة الفن، أبها مدينة الثقافة، لأنها في كل عام تحتفل بعدد وفير من المهرجانات الثقافية، وفي وسط أبها قرية (المفتاحة) تلوح للناظر من بعيد مثل شيخ مهيب يسكب حنانه براحتيه على بيوتات تقف تلقاءه وإزاءه وبين يديه مثل أولاد له وكلهم يتطلعون إلى الأفق البعيد. كانت قرية صغيرة مبنية من الطين وأوشكت البلدية على إزاحتها كالعادة في إزاحة كل شيء قديم ولكن كان حظها في البقاء أن الأمير خالد حين رآها عارية من كل شيء خلع عليها عباءته فازدانت وسكب عليها من روحه فصارت قرية نموذجية تضم في أعطافها متاحف للتراث، ومركزاً ثقافيا (مركز الملك فهد) ومسرح المفتاحة، وأجنحة ومعارض ومساكن للرسامين والفنانين التشكيليين.
وفي قرية (المفتاحة) مسرح يسع لثلاثة آلاف شخص، ومعرض للكتب، أقيم فيه المعرض الرابع للكتاب، وأقيم على المسرح بعض فعاليات (رجال ألمع) وبعض فعاليات مهرجان أبها.
أما (نادي أبها الأدبي) فهو على مساحة كبيرة جدَّاً تتسع لتكون وزارة للثقافة، وعدد مافيه من القاعات يزيد عن تعداد قاعات كل أندية المملكة. وليست نشاطاته أدبية بحتة، بل هي ثقافية متنوعة ولا بد من تخصيص مقالات عن النادي ومقالات عن قرية المفتاحة.
ولكن هل هذا يكفي لتكون أبها عاصمة للفن والثقافة، طبعاً فإن الثقافة بمعنى أشمل منشورة في كل جنباتها، هناك مؤسسة عسير، هناك جامعة الملك خالد، هناك قرية ابن حمسان التراثية، هناك أنشطة ترفيهية مثل الطيران الشراعي، مثل رياضات التسلق، مثل المسيرة الخاصة بعرض الوزارات والمؤسسات للرموز التي تحكي قصة إنجازاتها في أبها.
لقد أسعدني أني تجولت في جميع أرجائها وأسعدني أكثر أنني وبينما أنا أطوف بقرية الفنانين التشكيليين وأرى الإخوة الأشقاء العرب وهم يرسمون ويرومون إصلاح بعض اللوحات، أسعدني أني التقيت بالرسام السعودي العالمي الاستاذ عبدالحليم رضوى، انه يسكن هنا، ويقوم على شؤونه بنفسه مع أن القرية قد هيأت كل أسباب الراحة له ولغيره، كان يتكلم بكل مافي جسده من طاقة وحيوية، وبصوت مبحوح وصدره مملوء بالفخر، وهذا عندي معلوم وأكثر من معلوم، إذ لا يعرف أحد غيري أنه بعد تخرجه من ايطاليا أراد أن يعرض أول مرسم له في الرياض فخاف من الشنآن، فذهبت معه إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز فتبرع سموه بأن يفتتح بنفسه معرضه الفني وكان هذا حماية له وبداية لانطلاقة المعارض الخاصة بالرسم آنذاك.
أما الندوات والمحاضرات في الجوامع والمراكز الأخرى فليس يحصرها في هذا المقال إلا مقال آخر في حديث آخر، ولكن المهم أن أعرض بعض الأسباب التي جعلت الناس يصفون أبها بأنها مدينة الفن والثقافة.
حدث هذا في الفترة الوجيزة بدءاً من تأريخ انتقال الأمير خالد إلى أبها أميراً على عسير إلى هذا التأريخ، وقد جاء إليها ولم يفرغ بعد من مناقشة أول خطة خمسية لرعاية الشباب في الرياض، فلم يستتم له ما أراد هناك وحين جاء إلى عسير واجه كل التحديات في بناء منطقة عسير ويا لها من تحديات، منطقة وعرة، عاصمتها أبها تضاء بواسطة (مولدات كهرباء) إذا تلف (المولِّد) يؤخذ إلى جدة لإصلاحه، وليس فيها غير مستشفى قديم متواضع وبعض مستوصفات تدار بواسطة ممرض، ورجالها الأغنياء راحلون عنها ويستمثرون أموالهم في غير عسير، وكلها مبنية من الطين، أو الحجارة، أو من الصفيح والصنادق، أما التعليم وما أدراك ما التعليم فالحديث عنه قد أوجزه الأمير حين حكى كيف أنه في ذات مرة طلب من إحدى الجامعات تزويده بمستشار متخصص بدرجة (استاذ/ دكتوراه/ ليستشيره في أمر هام فكان ان جلس بين يديه هذا المستشار المتخصص ليقول للأمير بأنه قد شاهده وهو طفل كان قد اصطف مع الأولاد في الطريق لاستقباله في اليوم الأول لمجيئه أميراً على عسير؟!
على أن الأمير وهو يبني كل هذه الإنجازات في أبها لم يغفل بناء إنجازات ثقافية كبرى في الرياض، فلقد أسس (دار الفيصل الثقافية) ومنها صدرت مجلة (الفيصل) وأسس المؤسسة الكبرى الخالدة (مؤسسة الملك فيصل الخيرية).
هذه بإيجاز شديد لمحة سريعة عن حياة الأمير الثقافية، أوجزناها لنقوم بالحديث عن (مؤسسة الفكر العربي) ثم نحاول في عرض الكلام تقديم مايصلح للبحث في الصبغيات الفكرية، عسانا نكون محظوظين في لملمة أطراف الموضوع مما بين يدينا من المصادر المتاحة ومن المرويات الشفاهية الأخرى، ومما نستنتجه أو نختطفه من الفضاء الثقافي بشتى الإمكانات والوسائل الأخرى.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved