Monday 16th September,200210945العددالأثنين 9 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/14 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/14 48)
مقدمة للبحث في الصبغيات الفكرية «خالد الشخص / النص»
عبدالله نور

أقول، والكلام ما يزال عن الأمير خالد وهو يتجول في معرض الكتاب الرابع بأبها، أقول بأنني رغم حضوري لم أكن من المحظوظين الذين هم في الصفوف الأولى والأمير يتفحص الكتب المعروضة ولكني تدافعت بمهل فاقتربت لأسمع توجيهاته أو تعليقاته أو نقداته، وقلت بأنه توقف طويلاً في القسم الخاص بالثقافة والفكر العربي وتحدثت بإيجاز عن بعض الكتب التي أظن أنها أعجبته وأنها كانت في حوزته رغم سؤاله عنها لأن الأمير، وهذا ما أدهشني قد تجاوز ما كنت أتخيله عنه في قراءاته للمفكرين العرب المعاصرين فقد أتاحت له (مؤسسة الملك فيصل أن يسبر أغوار الفكر الإسلامي والعربي وله إلمام واسع بإدراك الفجوات العلمية والثقافية والفكرية التي هي واقع مؤسف ومتسع باطراد رهيب بيننا كمسلمين وكعرب وبين العدو الاسرائيلي، وكنت قد ذكرت سلفاً أنني لم أسمعه ذات مرة في (منتدى خالد الأدبي) يتحدث عن حياته يوم كان طالباً في أمريكا وأوروبا وهذا صحيح، ولكن كان ينطلق ولا يلوي على شيء عندما يتحدث عن الفارق الحضاري بين واقعنا وواقعهم، ولم يكن يتحدث بتأفف وقرف شأن الناس المتأمركين، بل يتحدث وعيناه شاخصتان إلى المستقبل بأمل وتفاؤل كبيرين، بكل أمل مشدود إلى واقع عربي يتحرك ببطء غير منظور، وبكل تفاؤل مشدود إلى فلسفة الزمن والتأريخ والحياة.
لقد وقع بصره على كتاب الدكتور أحمد بن محمد الضبيب وعنوانه (اللغة العربية في عصر العولمة) وهو كتاب هام وأكثر من هام ولا ينبغي أن تخلو منه أية مكتبة صغيرة أو كبيرة، في الجامعات والمعاهد والمدارس ونحوها، وفي الدواوين والمؤسسات ومنازل المثقفين والمتعلمين على حدٍّ سواء.
إنه كتاب متوسط الحجم يفيض بالحرارة والسخونة في إرادة الحياة وصدق اليقين وحب الايمان والتضحية في سبيل الدين واللغة والأمة والأوطان.
ومضامين الكتاب غريبة وعجيبة والأحداث فيه طريفة للغاية ومن أهم ما فيه مما يعجب به غير المتخصصين طرائف عن فوز (اللغة العربية) على غيرها في استفتاء ياباني عن مسألة (الوضوح الصوتي) وكان من المعلوم ان اللغة الإنجليزية أكثر وضوحاً صوتياً ولكن صحَّ أن العربية تتفوق عليها، وهذا لا يعني أن (العرب ظاهرة صوتية) فالعرب (ظاهرة قرآنية) ولكل زمان دولة ولكل زمان رجال، وفي الأفق البعيد ما يدل على عودة الحضارة العربية الى (قرآنيتها).
وفي الكتاب سخرية مريرة من العرب الذين يتكلمون العربية ثم يروق لهم أثناء الكلام أن يتشدقوا ببعض الكلمات أو التعابير الانجليزية من باب المجاكرة، أو المجاراة لإظهار جوانب التفوق والتعالم بين الحاضرين، ويقول الضبيب بأن الأجانب ينتقدوننا وهم يسمعون ذلك منا فإذا أراد أحدهم أن يتكلم بالعربية في أي حوار مع جماعة من العرب فإننا (لا نحترم رغبتهم في تعلمها منهم) ولكن نصدُّهم عنها بتقحم لغتهم بلغتنا ثم إن الدكتور الضبيب يسخر من(هاننجتون) في زعمه ب(عالمية اللغة الانجليزية) لأنها لا ترقى إلى أن تكون لغة ثقافية، أدبية، فكرية، فنية لأية أمة من غير أهلها.
لم ينس الدكتور الاشادة بدور الحكومة السعودية في حماية اللغة العربية من الدخيل وفوضى الدخيل ومشاكل التعلُّم والتعليم، وما إلى ذلك من مشكلات لغوية اجتماعية معروفة للجميع، ولكنه لا يقف عند حدود هذه الاشادة ولكنه يصرخ بكل قواه يطلب النجدة من الحكومة ومن كل مسؤول ومن كل قادر ومن كل غيور.
إنه شديد السخرية ممن يزعم بأن كل لغة من اللغات هي عند أهلها أعظم اللغات وأكملها، انه لا يرى ذلك في نظري ما دام ان أهل اليابان قاموا باجراء استفتاء ظهرت نتيجته في صالح اللغة العربية، ثم انه لا يرى ضرورة ان يتشدق بعض مثقفينا بمعرفة الانجليزية من حيث يرومون إقحامها في كلامهم،ويقول الضبيب: هؤلاء هم اليابانيون كبارهم وصغارهم لا يتقنون الانجليزية، والدكتور الضبيب شديد التركيز على (القيمة الجوهرية) للغة العربية وشديد التركيز على أهمية (إيقاظ الوعي اللغوي) واستطاع باقتدار واضح ان يستعرض كل قضايا ومشكلات العولمة في نظري مثلما استطاع باقتدار ان يتقدم الى الأمام ليضع مشكلات العربية والعولمة في قالب أدبي، فكري، علمي، متماسك، واقترح على الجامعات وعلى مراكز البحوث والمؤسسات المعنية بسرعة انجاز (مكنز) للمصطلحات اللغوية وغيرها، ولم أفهم معنى مكنز ولعله يقصد إيجاز (بنك مصطلحاتي) وهذا البنك موجود في تونس في حد علمي.. المهم لديّ يقين كامل بأن سمو الأمير خالد قد قرأ هذا الكتاب واستوعبه كاملاً، ولقد فهمت من سموه بأن الدكتور الضبيب سيكون المتحدث الرئيسي في مؤتمر (القاهرة) وذلك في المحور اللغوي بعنوان (اللغة العربية وروح العصر) ومكانة الدكتور الضبيب أعرف من أن تُعرف.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved