Wednesday 18th September,200210947العددالاربعاء 11 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/16 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/16 48)
مقدمة للبحث في الصبغيات الفكرية «خالد الشخص / النص»
عبدالله نور

ليالي الأمير، ليلة السبت للعلماء وما أدراك ما العلماء، وليلة الأحد للأدباء والشعراء ونحوهم، وليلة الاثنين لرؤساء الدوائر الحكومية «العاملين والمتقاعدين» على حد سواء، وليلة الثلاثاء لرؤساء القبائل، وليلة الأربعاء لذوي الحاجات وسائر الناس، وليلة الخميس «مفتوحة».
لا وقت لديه للراحة، وليس همه مجرد الإنجاز ولكن همه الإنجاز والإبداع والإعجاز، وهو فخور كل الفخر بأهل عسير، وفخور بزملائه في العمل، سواء من القدامى الذين تقاعدوا أو الذين لا يزالون معه، أو انتقلوا إلى جهات أخرى.
ومصدر الفخر عنده أنه حين فوتح بأمر توليته على عسير أميراً كان من أولويات شروطه أن يتحقق له الإشراف التام على تخطيط مشروعات التنمية وتنفيذها والتنسيق بين جهات التنفيذ!!
كان شجاعاً في قبوله، شجاعاً في شروطه، شجاعاً في كسره للروتين في أغلب الأحايين، شجاعاً في مراجعاته كل حين للمسؤولين في الرياض، يدخل إلى وزير المالية وتحت جناحه ميزانية عسير، ويذهب إلى ديوان الرئاسة ليستصدر القرارات الاستثنائية لحل المعوقات الصعبة، وكان شجاعاً، وكانت شجاعته تتعدى الرجال من حوله، وكان أهل عسير يستثمرون أموالهم في الخارج فعادوا إلى أوطانهم وتزاحمت المؤسسات والشركات والأنشطة المصرفية واللجان الأهلية، وأسسوا الجمعيات الحضرية والمنتزهات، وشركات السياحة، والمتاحف، هذا عدا نشاطهم الزراعي في بيشة، ونشاط «شركة الاسمنت».
ولقد أعجبني وأعجب غيري سرعة قضائه على كل الأبنية العشوائية، والصنادق الخشبية، أو صنادق الصفيح فليس في كل ما وقعت عليه عيني أي مظهر متخلف من تلك المظاهر التي رأيتها قبل ثلاثين عاماً.
وأعجبني أيضاً السكن الشعبي لأهل قرية «الحبلة» ومساكن شعبية ممتازة تولَّى الأمير رعاية أمرها لظروف قبلية وطبيعية لأهلها.
وليست جائزة «أبها» هي وحدها على حسابه الخاص، فلقد علمت بأنه بنى النادي الأدبي القديم على حسابه، وبنى نادي الوديعة الرياضي على حسابه وهو فخور بما قدمته عسير للرياضة في المملكة ولكن هناك فكر رياضي «إستراتيجي» ليس هذا مجاله الآن.
والإبداع مثل الشجاعة يعدي كذلك وليس في عدواه إلا المزيد من الإبداع والمزيد من العدوى، ومن حق الأمير خالد الآن وقد صار رائداً في الثقافة والفكر أن يصير رائداً في الإدارة والتنمية بشتى أشكالها، ومن حقه أن يفخر بنفسه وبزملائه وبكل المحيطين به، ومن حقنا نحن أن نتغنى بأبيات شعره حين يعتز بنفسه فيقول: «ما أحب أنا المركز الثاني» أو حين تقف الأمور ضده فيثور ضدها قائلاً: «يا لعنبو رَجْلٍ إلى ضدوه/ ما ينقل الحمل ويشيله»، نعم من حقنا أن نكون فخورين به حين يكون فخوراً بنفسه، ومن حقنا أن نردد معه «أنا سعودي».
دائماً، فخر الأمير مقرون بعمل تم إنجازه، إنه صورة متطورة عن الشاعر العباسي علي بن الجهم في قوله:


وللشعر أتباع كثير ولم أكن
له تابعاً في حال عسرٍ ولا يُسر
وما أنا ممن سار بالذكر شعره
ولكن أشعاري يُسيرها ذكري

دائماً، لو أننا راقبنا الأمير خالد في حركته العملية اليومية فإن وراء كل مهمة أو قضية أو حادثة عملاً شعرياً يتساوق معها ثم يتقدم إلى الأمام وسط المعركة ثم يكتمل بعد انتهاء المعركة.
وخالد في كتاب «مسافة التنمية» يعترف بفضل خاله الأمير سعود بن جلوي، حيث نشأ في الأحساء من الثالثة من عمره حتى الثانية أو الثالثة عشرة.
كانت الأحساء يومذاك منطقة صحراوية رملية قبلية مترامية الأطراف، وأهلها إما فلاحون ومزارعون وأصحاب حرفة يدوية متواضعة، وإما بُداة متباينون في الأمزجة، وإما خليط آخر من الناس الوافدين من هنا وهناك، وحين نشأ خالد كان الأمن قد استتب، والعدل قد ساد والناس في طمأنينة ودعة وأمان ولكن كانت ذاكرة كل مواطن أو غير مواطن ما تزال مزحومة بأخبار الماضي الثري بكل مساوئه، ومزحومة بأخبار والد خاله الأمير عبدالله بن جلوي، وما تزال الذاكرة ترصف أخبار الأمير عبدالله بأخبار الأمير سعود فتشكلت شخصية الأمير عبر اثني عشر عاماً بما ورثه الأمير سعود وما اصطبغ في فكر الأمير خالد، يروي حافظ وهبة كيف جاء أحدهم إلى قصر الحكم ليشكو أمام عبدالله من ولد له اعتدى على ولده بغير حق، يروي كيف وثب الأمير من مكانه واقتلع الأمير الولد المشكي من مكانه ثم قام بضربه أمام الناس بلا شفقة ولا هوادة، وللأمير ابن جلوي هذا القول المشهور: علينا أن نصلح أنفسنا قبل أن نصلح الآخرين.
نفس الخصال التي يصفون بها الأمير سعود مُنطبقة على الأمير خالد.. يقول فيلبي عن الأمير سعود: «رسمياً شديد الخور، في مصاف العظماء، متواضعاً وطموحاً، عادلاً بغير محاباة».

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved