Saturday 21st September,200210950العددالسبت 14 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (18-48) خالد الفيصل: كيف؟ (18-48)
مقدمة للبحث في الصبغيات الفكرية
«خالد الشخص / النص»
عبدالله نور

الجاسر في نبوءته المستقبلية
انه لأمر غريب بالمرة، ان علامة الجزيرة الشيخ الراحل حمد الجاسر قد كتب لأكثر من 35 عاما في مجلة العرب «الجزء السادس/ السنة الثالثة/ ذو الحجة 1388هـ/ اذار مارس 1969م» مقالة افتتاحية يتحدث فيها عن آماله العظام في «منتدى الأمير خالد الأدبي» وهكذا كان عنوان الافتتاحية وكان في حديثه يتنبأ بأن هذا المنتدى سينطلق ليكون منارة إشعاع لمظاهر حياة الأمة، ولندع الجاسر يتحدث وننقل حديثه كاملاً بكل حذافيره.
قال وكان جادا أتُرى النشاط الأدبي في بلادنا سائراً وفق تطور مظاهر الحياة فيها؟ فقلت: كلا، والدليل على ذلك اننا كنا نشاهد صحافتنا قبل ثلاثين عاما أحفل بكل ما من شأنه ان يضيف إلى الأدب حياة وجِدَّة ونشاطاً، ذلك ان الأديب في ذلك العهد يتناول كل ما تستطيع يده تناوله، مما تفيض به دور النشر من مطبوعات فيلتهم ذلك التهاما، ويهضمه فهماً ودراسة، ثم يرى فيه ما هو جدير بالعناية فيسارع إلى تسجيل آرائه وأفكاره حياله، ويسرع إلى إحدى الصحف لتتولى نشره، ولهذا فإنك تجد في مجلدات صحفنا القديمة أبحاثاً، ودراسات وأشعاراً وأفكاراً لا تجدها في صحافتنا الحاضرة، ذلك ان هذه الصحافة في العهد الأخير أرادت ان تقدم للقراء ما تريده هي لا ما يريده الباحث أو الأديب أو الشاعر، وفرق بين الأمرين، وتستطيع من المقارنة بين ذلك وما هي «عليه الآن» بصعبة ان يتضح لك الأمر، كا تتضح لك معالم أخرى حينما تطالع منشورات ذلك العهد، فأنت تجد التنويع والدراسة والبحث العميق، وكل ذلك بقدر الإمكان كما يقولون.
لقد كنت «والكلام للجاسر» في ذلك العهد، وكان غيري من المسارعين حينما يقرأون في «أم القرى«، أو «البلاد» نبأ القاء محاضرة في جمعية الاسعاف، كان مقرها جوار الحرم الشريف، وهي جمعية معروفة أهدافها، فكان المستمعون لا يأتون لمعرفة تضميد الجراح أو دواء الشُّجة ونحو ذلك، وإنما كانوا يستفيدون من أشياء أخرى لا صلة لها بتلك الموضوعات، فيتحدث مثلاً الطبيب الأديب حسني الطاهر حديث الأدب والعقل، لا وصف الطبيب في تضميد الجراح، ويصيخ الحاضرون إلى المحاضر عن التاريخ، وعن الآثار، وعن الأفكار الأدبية من محاضرين آخرين، وهلم جرا.
والفضل في ذلك يعود إلى محمد سرور الصبان وأذكر اسمه مجرداً من هذه الألقاب الزائفة، إذ المقام مقام تعبير عن حقيقة لا مقام مجاملة وتصنع، وهو أغنى الناس عن ذلك، وأنا من أبخل الناس لمعرفتي بتفاهتها، وها هي بادرة أمل ابصرت وميضها في صحافتنا الحديثة وقرأت شيئاً عنها مما كتبه عنها إليَّ أحد أبنائنا في الرياض عن «منتدى خالد الأدبي» وخالد هذا فرع من الدوحة العريقة في المجد والفضل، وان كانت العراقة قد تفضلها الحداثة من حيث الصفة، متى صدق الفعل، هذا المنتدى فيما قرأت وعرفت وسمعت عنه ما هو إلا بارقة أمل اتوقع وعسى ان يكون ما اتوقعه صحيحاً بأنها ستكون من الأمور التي تخرج أدبنا من ركوده وجموده ليواكب سيرنا الذي لا ينكر أي فرد عارف به من انه قد شمل مختلف نواحي الحياة.
إن خالداً واستطيع ان أضيف إلى هذا الاسم الكريم كثيراً من الصفات، غير ان غناه عنها وان معرفتي بذلك مما يحول دون الإضافة له من الصفات التي تمكنه وتؤهله من ان يعمل شيئاً جديداً نافعاً قوياً حيال الحركة الأدبية.
لقد قرأت فيما قرأت من أنباء هذا النادي ما كان مثيراً للاستبشار وعلمت فيما علمت ما كان مدعاة للتفاؤل، وبقي شيء اعتقد كل الاعتقاد انه هو الهدف الحقيقي لهذا المنتدى، وذلك ينحصر في تحقيق الغاية التي أرى في تحقيقها لأدبنا كل ازدهار وتقدم، ولا أرى هذا المنتدى المضاف إلى هذا الاسم الكريم المنتمي لأقوى رجل بيده بعد الله سبحانه وتعالى تسيير دفة أمتنا العربية العظيمة نحو ما فيه عزها وتقدمها في كل ناحية من نواحي الحياة إلا ان تبلغ كل ذلك وان تصل إلى ما تصبو إليه من عزة وكرامة، وما الأدب سوى مظهر من أبرز مظاهر حياة تلك الأمة، فلننظر إلى ما سيفعله خالد، ولنستقبل هذا المنتدى الأدبي استقبال المستبشر المتفائل «انتهى كلام الجاسر» طيب الله ثراه وأسكنه فسيح الجنان.
خالد يرد على الجاسر، كيف؟!
وليس من باب الأسرار ان أذكر من أجل التاريخ الأدبي بأنني أنا المعني بقول الجاسر: بأنه عرف عن المنتدى مما كتبه إلي أحد أبنائي في الرياض ولم أشأ ذكر اسمي أو هو لم يشأ ذلك لكون المنتدى ما يزال في بدايته، وهذا غير مهم، إنما المهم هو نبرة التفاؤل المتصاعدة في كل ترميزات الكلام، المهم هو هذه الرؤية المستقبلية المفتوحة لكل الآفاق البعيدة المرئية وغير المتخيلة.
لم يكن الأمير خالد قد التقى بالجاسر وجهاً لوجه، كان معجباً بأبحاثه ومقالاته ويقتني كتبه ويقرأها بعناية خاصة وحين قرأ مقالته ظل يحتفظ بها زمناً طويلاً وهو يقرأها وبعيد قراءتها، وفي أول لقاء له مع الجاسر وكان في مقر «مؤسسة الملك فيصل» بشارع جرير بالملز في الرياض، جاء رد الوفاء من الأمير بأن عرض على الشيخ الجاسر رغبة المؤسسة في طبع «مجلة العرب» وبقية مطبوعات الدار مجاناً، فلم يقبل الجاسر هذا العرض لأنه يرى ان مؤسسة الملك ما تزال في طور النشوء، وبعد عدة أعوام أنشأ الأمير خالد مؤسسة طباعية هائلة لمجلة الفيصل ول«دار الفيصل الثقافية» فأعاد عليه العرض ولكنه أيضاً لم يقبل، وظل خالد يطارده حتى سلمه بيده «جائزة الملك فيصل العالمية» في الأدب العربي، ومهما كان الأمر فلعل الشيخ الجاسر لم يكن ليتصور شيئاً يفوق ما أنجزه خالد في «مؤسسة الملك فيصل الخيرية» هي في حد ذاتها إنجاز وإعجاز وهي المحطة المحورية العظمى حيث هي القاعدة التي انطلق منها الأمير خالد إلى فضاءات العالم بأوسع القدرات وأعظمها عدداً ووفرة وبأعجب وأغرب الأحداث التي لا يلحق بها الخيال، والناس على علم كامل بأن «مؤسسة الفكر العربي» ما هي إلا «جناح» من أجنحة الأمير خالد، فيا له من صقر اسطوري خالد!!.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved