Monday 23rd September,200210952العددالأثنين 16 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/20 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/20 48)
مقدمة للبحث في الصبغيات الفكرية «خالد الشخص / النص»
عبدالله نور

الجينات التكوينية الأولى لميلاد (مؤسسة الملك فيصل الخيرية)
في اليوم الثاني أو الثالث من وفاة المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز كنت في زيارة لجريدة الجزيرة فما كان من الأستاذ خالد المالك إلا أن يفاجئني بطلبه مني أن أكتب افتتاحية «الجزيرة» في الصفحة الأولى وانعزلت في غرفة خاصة لا أبرحها إلا للحاجة الضرورية، وتخلَّعت يدي من الكتابة اليومية المتواصلة، فهناك غير الافتتاحية، مراجعة بعض المقالات والقصائد المنهمرة والصفحات الاستثنائية.
وكان الأستاذ عبدالرحمن الراشد رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط ما يزال طالباً في المرحلة المتوسطة ولكنه يعمل محرراً في «الجزيرة» وفي طور المران والتدريب، فكنت إذا تعبت أُملي عليه وكان يكتب بيسراه فتنزاح الأوراق عن نظري ولا أقدر على متابعته ولكن كان نبوغه بادياً للعيان فكنت مطمئناً مثلما كان كل زملائه مطمئنين ويحيطونه بأحسن وأرقّ المشاعر الطيبة. ومن مفاجآت العمل أن رئاسة التحرير كانت ترغب في الحصول على تصريح أو لقاء مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف (نائب وزير الداخلية آنذاك) أو صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وكيل وزارة البترول فخرجت من الجريدة لهذا الغرض واستنجدت بالأستاذ الأديب اللامع الأستاذ حمد القاضي فأسعدني بأريحية غامرة، وكل شيء في سبيل الفيصل رحمه الله يهون وأكثر من يهون. وفي طريق العودة حين عرف الأستاذ حمد القاضي أنني معه لمقابلة هذين الأميرين الكريمين وأنني عائد لأنني قد فشلت في الحصول على موعد واضح محدد، لم يكن الأستاذ القاضي ليصدق ما أقول، كان حديث عهد بالكتابة ولا علاقة له بأحد من غير معارفه وأصدقائه وزملائه ونفر محدود جدّاً بزملاء المهنة، أما الأمراء والوزراء فكان يراهم بعيداً عن خياله أو تصوراته.
كنت طوال أحداث وفاة الفيصل في جولان مستمر بين الجريدة وعائلة الملك فيصل رحمه الله ، ولذا فإنني عاصرت أحداثاً ليست باليسيرة، وشهدت عن كثب ميلاد (مؤسسة الملك فيصل الخيرية) فهل كانت مؤسسة؟؟ هل كانت مركز بحوث ودراسات؟ هل كانت مشاريع خيرية تطوف العالم؟ هل كانت جوائز دولية عالمية تضاهي، وتتفوق على جائزة نوبل، كيف كانت.. ومن هو الذي قام بإنشائها من بداية التفكير في الحصول على البذور الأولى في أساسات تكوينها.
وضع المشكلة في القالب الصحيح أهم ُّمن حَلِّها
حين وصل الأمر إلى التفكير في تأسيس عمل خيري لتخليد ذكراه، لم تكن هناك صورة واضحة في أذهان أبنائه الذين اجتمعوا لهذا الغرض.
أحدهم طرح فكرة بناء مسجد، والآخر أضاف بأن يكون بجانب المسجد مدرسة لتحفيظ القرآن، وآخر أضاف المكتبة، والآخر أضاف بأنه لا بد من بناء مشروع تعود فوائده لرعاية هذه الأفكار، وبعضهم شعر بأن هناك ما يلزم ليكون العمل في مستوى مكانة الملك المحلية والعربية والإسلامية والدولية، فظلَّت الأفكار تتصاعد والأعمال مستمرة وهم يجتمعون ويفترقون والأمير خالد يطمئنهم بأن كل ما يريدونه سيحصل كله إذا هم وضعوا مشكلة (التمويل) في القالب الصحيح.
وجاء الحل سريعاً على شكل تبرعات وهبات وجاءت الأفكار من عليائها تهبط كالمزن الناعم فانبنت (مؤسسة الملك فيصل الخيرية) على شكل فكرة، مجرد فكرة، وتم اختيار عمارة صغيرة في حي (الملز) لتكون مقراً لها، وتألف الجهاز من الأمير خالد، والأستاذ الأديب الأريب يوسف الحمدان مدير مكتبه، والسيد الحرازي مأمور السنترال، والسيد فريد وارثي «موظف إداري»، وفي خلال عامين أو ثلاثة تناسلت الأفكار وتولد منها أفكار أخرى ولم يعد الخيال يقدر على تصورها الآن، وإن كان الخيال نفسه هو الذي يقودنا إلى القول بأن (مؤسسة الملك فيصل الخيرية) هي (قطب الرحى) في (مؤسسة الفكر العربي). ولكن الأمر ليس بهذه السهولة من التصور السهل البسيط، فلكي نعرف أهداف مؤسسة الفكر العربي بشكل صحيح ودقيق فإنه لا بد من استعراض الحقائق التالية:
الهوية ثم الهوية ثم الهوية ثم....
سئل الأمير في مجلسه، ما الفرق بين المؤسسة وجامعة الدول العربية؟؟
فأجاب بقوله: تلك حكومية وتتجاذبها الحكومات العربية حسب أهواء كل دولة، وهذه مؤسسة أهلية مستقلة من الحكومات، ومن الأحزب، ومن الطوائف الدينية، ومن الانتماءات العرقية، وليست فئوية، ولا ربحية، ولا منحازة، ونائية عن المال المشبوه أو الأشخاص المشبوهين، أو الاتجاهات المشبوهة، وليست ضد أو مع أحد على أحد، ومفتوحة لكل المفكرين والمثقفين باشتراك رمزي ومتواضع للغاية ويستطيع أكثر الناس الحصول على عضويتها، أو المساهمة في دعمها والتبرع لها والاطلاع على أنظمتها وسير العمل فيها، ومواردها من أعضائها تظل وديعة لديها لا يصرف على أنشطة المؤسسة إلا من الريع والفوائد.
وبالرغم من أنه لا يوجد ل(مؤسسة الفكر العربي) مقر معروف، ويديرها الأمير بنفسه من منزله في الرياض، أو من الأماكن التي يتواجد فيها في جدة أو في عسير، وليس من يساعده سوى الأمين العام المساعد الدكتور علي عبدالله موسى.
أقول: إنه بالرغم من ذلك فإنها الآن ذائعة الصيت لدى المفكرين والمثقفين السعوديين خصوصاً والعرب عموماً، وفي اليوم السابع عشر من شهر رجب من هذا العام سيكون للأمير خالد لقاء فكري ثقافي في (مركز الملك فهد الثقافي) بالرياض سيكون لقاؤه مفتوحاً أمام كل المفكرين والأدباء والمثقفين والإعلاميين والمعنيين بالشأن الثقافي من الأمراء ورجال المال والأعيان والمشايخ وغيرهم. ويحرص سموه في هذا اللقاء على ترسيخ أفكاره في أذهان الجميع وإن كان اهتمامه الأكبر سيكون منصبَّاً على المبدعين، والمخترعين، والمكتشفين، وأصحاب النظريّات أو المبادرات الإبداعية المثيرة أو ذات الفائدة الإنسانية المعتبرة، وليست المؤسسة محصورة في تخصص بعينه، إنها مؤسسة فكرية تهتم بكل إنجازات الإنسان الثقافية ماديّاً، وروحيّاً، في كل عمل إنسان يعود بالفائدة على الإنسان نفسه والواقع، فإن الذي سيخدم المؤسسة في شرح هويتها وأهدافها وتصبح واضحة في الذهن العربي كله هو (مؤتمر القاهرة) الذي سينعقد خلال الفترة من 21 - 23 شعبان، الموافق 27 - 29 أكتوبر 2002م.
الهوية الثقافية ذات دينامية متحركة ولا يمكن شرحها في (نشرة) صغيرة موجزة، إن تعريفها في حد ذاته معضلة؟!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved