Thursday 26th September,200210955العددالخميس 19 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/23 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/23 48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

التسامي للخلاص والمقاومة
لئن جاءت فكرة (مؤسسة الفكر العربي) مثل فكرة (مؤسسة الملك فيصل الخيرية) كما جاء غيرها كمظهر من مظاهر الخلاص والمقاومة ودفع الحياة إلى الأمام، إنها أفكار سامية وراقية ولا يحوز عليها إلا من يملك الضمير الحي المتسامي دوماً فوق الركام والحجارة.
التسامي في كل تجلياته من مظاهر شعره مثلما هو من مظاهر فكره وسلوكه وعقله وعاطفته، ولقد يلقى في طريقه واحداً ممن ليس معه على وفاق وإلفة فيحدث:


(يقابلني يهللي في سلامه
واذا قَفَّيت يرميني كلامه)

هو غريم يضحك له كصديق، ويتصيد له العثرات في كل مسعى، ولا يرضيه من خالد في كل الأحوال إلا بالسعي لعرقلته وشتمه


(وِقَفْتْ، وقال: ما يقدر وفاشلْ
وسعيت.. وقال: وِشْ غاية مرامه)

ولكن خالداً يسمو فوق عداوته فلا يؤذيه ولا يهجوه، ولكن يتجه إلى (الخطأ) وليس إلى صاحب (الخطأ) ويعاتب (عين الخطيَّة)


(خذاك اللّه يا عين الخَطِيَّة
وراها ما تشوف إلا الملاقه)
(وراها ما تشوف الصبح يضحك،
وليل الحب يسري في ابتسامه)

طبيعي ان أنبل عقوبة لمثل هذا الغريم هي الغفران له وتوجيه اللوم إلى (الضعف) البشري، إنه عدو مسكين لا يستحق اللوم ولا يستحق التمجيد بطبيعة الحال!!
وهو يواجه الحسود الذي لا يكف عن ملاحقته حتى في اسلوب لبسه ل (الكوت) يحسده أيضا عليه، إنه يواجه حسوده بذكر ما أعطاه الله من النعميات العظيمة، فعنده الإيمان المطمئن بالقدر خيره وشره، وعنده الحب العظيم للناس، وعنده فوق الحب مزيد من الحب فلا يتسع صدره لكره أحد من الناس، إنه لا يكره حتى حساده، إنه يدعو لهذا العمر بأن يلهمه ربه الصواب
(يا حاسدي ترى العمر فايت، يهديك رب للمحبّه هداني)
وهؤلاء الحساد فيما يبدو من النوع الذي لا يرضيه من المسحود ما يحاول أن يفعله لاحتوائه، أو تحييده، أو الابتعاد والهرب من طريقه، لا يرضيه البذل ولا التلطف والتحبب باللطائف والظرائف، إنه من النوع الذي لا يقبل إلا فناء المحسود، وحتى فناؤه لا يرضيه إلا بما هو فناء فوق كل فناء.


لا مناص من التسامي إلى فوق
(أترفَّع عن ساقط الهذلهْ واشوم
والرِّدي لو غَرَّته دنياه خاب)
(والردي يطيحْ بالدَّرب مْعثور
وخالص النِّية يسير ولا يهاب)

إنه إلى فوق ولا ينظر إلى أسفل، ولا عليه فإنه مشغول بصيانة الورود والزهور، والكون كله جميل


(والنسيم اللِّي يفوح به الشَّذَا
صَبَّح الوادي وقيَّل بالهضاب)

على أن كل عداوة بين طرفين مآلها إلى زوال إلا عداوة الحسود. ولا سيما إذا كانت عداوته متأصلة من حسد قديم شنيع، ومأساة كل مبدع مثل الأمير تكمن في الابداع نفسه، إذ أن كل مبدع محسود، إنه محظي بنعمة الإبداع، إنه من حيث لا يدري يثير الغيرة التي تقود إلى الحسد، إنه يثير السخط مثلما يثير الإعجاب ولا يخلو من حسد شنيع من أقرب المقربين إليه، إن مثل هذه العداوة هي في مضمونها أشنع أنواع العداوات ولذلك فإنه لا يقابلها بالرضوان وينصح الناس بقوله: (إحذر عدوك) وقوله: (لا تأمن الخَوَّان لو زخرف حكاه، من خان بِكْ مرة يبي باكر يخون) إنها عداوة لا ينفع فيها الرضوان ولا ينفع الغفران لأنها متأصلة في نفس خسيسة منحطة ومنتنة أيضاً.
الاعتراف وأدب الاعتراف؟
والمطابقة بين خالد الشخص/ النص يمكن إدراكها في أحزانه على كل قديم جميل لا يعود، وفي تأملاته الرثائية، أو في حالات الاغتراب الايجابية، أو في فلسفته الخاصة تجاه الميلاد والغياب، وروح التسامي جامحة لا ترضى بالنزول للاصغاء إلى من هم في الأسفل ولكن حدث شيء ما
قالت: من أنت؟!


(قالت من أنت؟ وقلت مجموعة إنسان
من كل ضد وضد تلقين فيني)
(فيني نهار وليل وافراح واحزان
أضحك ودمعي حاير وسط عيني)

المفاجأة في هذه المحاورة بينه وبينها أنه على غير عادة الشعراء الذين يظهرون دائما في صورة الفارس الأسطوري الذي لا يُقهر، لم يتقدم نحوها في صورة الإنسان الكامل، أو البطل المثالي، أو المخلوق السوبرمان كان يرمي بين يديها باعترافاته المتلاحقة طوعاً منه لا يخاف عقاباً ولا يرجو ثوابا ويعطيها في النهاية سلاحه كله وعنان فرسه ولا يبخل بآخر اعتراف لا يجود به إلا مجانين الهوى، وحتى هؤلاء المجانين لا يمنحون مثل هذا الاعتراف


(إمَّا عرفتيني فلاني بزعلان
حتى أنا تراني احترت فيني)

لا تثريب عليك اليوم!!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved