Sunday 29th September,200210958العددالأحد 22 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/25 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/25 48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

كيف يكتب أشعاره ومتى؟؟
ليست أحوال الشعراء في بداية استقبالهم لقذائف الشعر واحدة، بعضهم مثل الفرزدق «قلع الضرس عنده أهون من قلع بيت واحد من الشعر، والشاعر أيضاً لا يستقر على حال واحدة إلا ما ندر».
نحن الذين عاصرنا الأمير خالد في حال كتابته للشعر لا نفطن إليه ماذا استجد من أمره حين نكون سوية جالسين هانئين ننعم بالحديث وطيب السيرة واعتدال الزمن ومواتاة الأيام.
وهو في أصل مزاجه الذي تعودنا عليه انه في بعض وقفات الكلام يأخذ نفسه عنا ويدخل في تفكير خاص، وهي عادة معلومة لدى الناس المهمين وغير منكرة في المبدعين على وجه الخصوص».
لم يهبط عليه سلطان الشعر إلا ورأيت حوله القلم والورق، والقصيدة فيما يخيل لي تبدو مثل نبع في قلب الصحراء ينهض من أعماق الأرض بهدوء ونعومة ويفيض مثل الشعاع الفاتر ويأخذ في المشي يتمطى كالمدنف الذي لم يفق من نومه بعد.
لا تكلف، ولا غريب، لا ادعاء لنفسه بأنه سيأتي بما لم يأت به الأوائل، والكلمات مألوفة ولكن منتقاة والمعاني منسوجة على نسق الكلمات ولا يخلو من بعض الجواهر التي يظنها ابن الصحراء على انها حصى، وهي مثل الحصى ولكنها جواهر من نوع خاص.
لو كانت المبالغة نافعة في شيء لكانت أنفع ما تكون في المدح وفي أغراض المديح كله، وللأمير خالد مدائح في عمه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز هي من عيون الشعر في لا مجال للمقارنات لأنها فريدة لا نظير لها.
«الطير يا عمي با سميه سلطان»
لو ان أحدا من الناس سأله عماذا يسميه، ولم يكن السائل عمه سلطان لكان المعنى مسبوقاً والمطلع لا يدهش المرء بالمغايرة عن المألوف لأول وهلة،
السائل هو سلطان، والمسؤول عمه سلطان، والطير الذي معه سلطان، فكان السائل سلطان يدري ما يدري كيف يكون الجواب وكيف يعيد السؤال لو جاء الجواب على غير سلطان، هو في قمة ذكائه والشاعر في قمة ذكائه وسلطان الصقر في قمة فراسته
«يا حيث به من شخص عمي مواري»
قيل للملك عبدالعزيز رحمه الله: ما أحسن ما قيل فيك من المدح قال قول بعضهم:
أنا اشهد انه با لرجاجيل رجال
عبدالعزيز سعود رجال، والشاعر يشهد له، ويرفع صوته منادياً: يا الرجاجيل، هم رجاجيل وهو رجال، ولكن رجال ولكن رجال ورجال الرجاجيل وهذا هو المدح، لا مبالغة ولكن فرادة، لا تكلف ولكن مغايرة وطرافة وظرف يخلب الألباب.
ومديحه في عمه سلطان لا يتعدى في هذه القصيدة الأبيات الأربعة والأمير، كما لا يخفى، شاعر غير محترف، فالشعر عنده هواية لا يمارسها للتكسب أو الشهرة أو المجد، أو المماراة واكتساب الرفعة بين الناس ولذا فإنه لا يمدح إلا الرجال الذين يراهم أو يرى فيهم صورة عاكسة لنفسه في المروءة والشرف والسلطان والسيادة، وبالرغم من هذا العدد الهائل من المعارضات «الردود» لشعره إلا انه يعارضهم بغير الشعر ترفعاً بنفسه عن مماراة الأقران أو حتى مجاراتهم.
ومثل اعتداله في المديح فإنه لا يهجو أبداً ولا يحب الهجاء لأنه سباب وطيش وسفه ونقص في العقل والآلة، والذي قاله في قصيدته «حنا العرب يا مد عين العرب» ليس هجاء لأحد كما قد بدا لبعضهم ولكنها اعتزاز وفخر بأمته ولا غرو.
لبنان أكبر من بلد؟؟
ثم انه يخص لبنان بقصيدتين ولم يحظ غيره بهذا العدد، والواضح من قصيدته الأولى «تحية لبنان» انه مشدود إلى حب لبنان وهو يصف لبنان بقوله:


«إلى لبنان يا دار الثقافة
لكم من دار الإسلام السلاما»

أجل: لبنان مكتبة العرب، لبنان الرئة التي يتنفس بها العرب، وليس بخاف بأن صلة الأمير بلبنان وأهل لبنان، وبالحياة الثقافية بكل تعددها وتنوعها، إن هي إلا صلة الحبيب بمحبوبه فيما يأتلفان فيه من جوهر الطبائع ولا أغلى من جوهر الثقافة، وأزعم ان بذور فكرة «مؤسسة الفكر العربي»، لها جذور بعيدة أبعد من الروايات التي تحكي قصة ظهور الفكرة في ذلك الملتقى المشهور لوزراء الثقافة العربي في «بيروت».
وفي قصيدته الثانية بعنوان «لبنان أكبر من بلد» هذا العنوان وحده لا مزيد عليه لمستزيد، انها إشادة ساخنة وتهنئة من الأعماق لهزيمتهم لإسرائيل في الجنوب واندحار الجيش الإسرائيلي في شروده تحت جنح الظلام كما تهرب الوطاويط وبنات آوى.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved