Wednesday 2nd October,200210961العددالاربعاء 25 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/28 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/28 48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

طرحت وبكل جرأة، أمام علماء وأدباء وكبراء عسير نظرية لغوية/ تأريخية في العلاقة الثقافية السِّرية بين بلادهم وبين بلاد البابليين في العراق في زمان سحيق يعود إلى زمن ما قبل ظهور الديانات السماوية التوحيدية، يعود إلى زمن الآلهة الوثنية الأسطورية التي كان يعبدها - جهلاً أهل ذلك الزمان.
وكانت نظريتي في غاية الجِّدَّة والتماسك والمنهجية والأسبقية أيضاً، وهي بلا ريب تزيح - بكل سهولة ووضوح وقناعة - نظرية الدكتور الصليبي حول (التوراة وأثرها في عسير)، ولقد سعدتُ بأن طرحي حظي بتواجد الدكتور الفاضل المتخصص في تأريخ عسير، الدكتور محمد بن زلفة، وهو أعرف من أن يُعَرِّف، سعدت بثنائه على نظريتي، وأكون أكثر سعادة لو حظيت بقراءته هذه المقالة وأرى تعليقاته مكتوبة في هذه الجريدة، إذ المسألة بالنسبة لي مسألة تدوين وتوثيق واستبصار وتعاون وتواصل وليست مسألة تقريظ متبادل بين صديقين، أو مسألة مجاملة عابرة لا حظ لها من الأدب والعلم والفكر الخارق المبدع الأصيل.
نظريتي - بإيجاز شديد - تقوم على ملاحظات كثيرة - أهمها أنني قبل عقدين من الزمان سمعت بعض أهل عسير حين يكون كلامهم عن الزراعة ويريدون وصف الماء الذي يَرِدُ إلى بعض المزارع فإنهم يقولون: هذه المزرعة من الماء المسقوي، وهذه المزرعة من سقي الآبار، وهذه المزرعة الأخرى من العُثَّري، أي هذه من سقي الآبار، وهذه من ماء السماء من السيول والأمطار وليس من القُلبان والآبار المحفورة.
كعادتي في فحص الكلمات الغريبة فقد سألتهم من أين جاء اشتقاق الكلمة الواردة هذه وأعني (العُثَّري) ما معني (عُثَّري) وفي من سألت الكبراء من علمائهم فلم أحظ بأي جواب، وسألت غيرهم ولا جواب.
وكعادتي في تحليل الكلمات لم أدع حيلة أو مهارة أو مجازفة إلا ومارستها لحلِّ هذه المعضلة، وهذا هو الفكر في نظري، إنه هندسة التحليل للمشكلات الغريبة أو المستحيلة التعقيد.
عُثَّري مأخوذة من عُشتار من عُشتاري، إله الماء والخصوبة والشعر والزراعة والوجود الحيوي عند البابليين وقد انتقلت الى حضارة الجنوب في حالة ذكوره وهي عندهم عَشتر. والسؤال كيف انتقلت أسهل من أن تذكر إجابته.
كان هذا الانتقال ل(عشتار، أو عشتر، أو عشتروت) قبل ظهور الدين الموسوي بآلاف السنين وقد اصطبغت معظم أسماء الأعلام من الناس والأمكنة باسم عشتار واستحالت بفعل النبر واللهجة والتحوير الصوتي إلى كلمات متفرعة عنها في البناء والتصريف والدلالة أيضا.
ونحن هنا في نجدٍ نقول عن الأرض المزروعة بالأمطار بأنها مزرعة عبل، وهذا الزرع عبل، وبنو فلان يُعبِّلون، وهذا زرع عبيل، ولا يجهلنا أن إله الشمس والماء والأمطار عند القدامى هو الإله عبل وقد شاهدتُ في عسير مناطق يسمونها: عبيل، وعبالة، ونحو ذلك. لكن نعود إلى عشتار في عسير.
هناك زرع عُثري كما يقولون، وهناك العثربان، وهناك ميناء عثر في جيزان، وأجزم بأن مدينة يثرب تحويراً من عثرب، والعثربان والعثري مشتق من عشتار التي تصير الى عَشْرب زيادة في التصريف وفي الحروف للمبالغة وهناك من أسماء الرجال: الأشتر مأخوذ من عشتر.
والمعلوم أن عشتار هي كوكب الزهرة المعبود لدى الوثنيين أي استحالت عشتار الى أزتار، ومن هزتار، الى زهار، الى زهراء، وكانت الزهرة قد استحالت الى (الأزَّى. العُزّى) وللعزّى بيت يعبده العرب في الجاهلية هدمه خالد بن الوليد وكان في الطائف وكانت بذي الخلصة، ولو فهمت هذا وتمعنت فيه فلن يكون خافياً عليك كثرة الأماكن وأعلام الناس التي تحمل اسم، عزيز، وعزيزة، بل لن يخفاك أنهم في جاهليتهم وحتى يومنا هذا في جاهلية القبائل البدائية المعزولة في الأماكن النائية ما تزال تسمعهم عندما يختلفون في بعض الأمور يرون إرجاءها إلى أن تحكم فيها عزيزة، وما عزيزة إلا امرأة مقدسة عندهم تهبط عليهم في الليل فتقطع قول كل خطيب.
الوجود الجنسي في اللغة؟!
مرة كنت عند طبيب الأسنان فسمعت أحدهم ينادي على صبيته ويسميها شاره، كان يقول: يا شاره، يا شاره، وكنت أقول في خلدي: شاره هذه زهره، وشاره هي ساره وشارون هو اسم المذكر المقابل ل(شارة) أو زهره، لكن تعال معي وتمعن في عسير نفسها، أليس من (عشتار)، فعسير في المعجم: السحابة الثقيلة، بالماء أو الخالية من الماء والعلاقة بين السحابة وعشتار ظاهرة، وعسير أو عشير مأخوذة من أسير، أزير، أذير، أشير وهلم جرَّا.
تمعَّن في اسم أبي النبي إبراهيم عليه السلام، وهو آزر، أي: القوة، والماء أقوى مخلوق منه خلق الله كل شيء حي، وتمعَّن في (آذار) شهر العواصف والأمطار والسحب الجوالة. تمعَّن في (أذري بيجان) بلاد المياد البواق.
تمعن أن هناك في جنوب أفريقيا منطقة خصبة تسمى عسير، تمعن في جمهورية (زائير) أليس من عسير/ أسير أزير، وأينما تقلَّبت بك التقلبات المزاجية أو الفكرية أو العقلية أو العاطفية أو الخيالية، أو التوهمية، أو التحويلية، أو التأويلية، أو... أو... فعسير من عشتار، والأمير خالد مولود في آذار؟!
لا داعي لأن أسمع من أهل عسير الجواب. فليس فيهم فارغ مثلي!! والفراغ نعمة محسود عليها كثير من الخلق.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved