Sunday 6th October,200210965العددالأحد 29 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/31 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/31 48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

كما قلت سلفاً، أفقت من نومي لأجد الأمير خالد قد بعث لي جريدة الحياة لأقرأ المقالة المنشورة بعنوان «لو انتصر ابن رشد هل كان ابن لادن يظهرالآن».
كان يفترض أن أخبر الأمير بأني قرأت المقالة واستوعبتها تماماً وليس الأمر هنا من الأسرار التي يجب إخفاؤها، فالمشكلة هي مشكلة أمتنا العربية في مختلف العصور، تتقدم الى الأمام ثم تسقط ثم لا تتقدم إلا اليسير ثم تسقط، إنها في حالة عجز عن تخطي مسافة معينة ويعتريها المرض، بل تهجم فوقها الأمراض.
ما الذي تفقده هذه الأمة كي تظل عاجزة وهناك أمم دونها سقطت قبلها ثم نهضت، فلماذا نحن في قلق لا ندري أين الداء في الأعضاء.
الداء بكل بساطة هو فقدان الحكمة، نحن بلا حكمة، وبلا حكماء، عندنا أدباء في الخمسينات من القرن العشرين ولم ننجب أدباء لأننا لم ننجب حكماء.. لدينا مفكرون ولكن ليس لدينا علماء في الفكر، وهم يفكرون ولكن بالمنطق الذي أكل الدهر عليه وشرب. لدينا أساتذة جامعات، علماء معياريون ووظيفيون ولكن ليس لدينا منهم مخترقون ومكتشفون.
هناك جامعات وكليات ومعاهد ولكن هناك تخلف متزايد رغم تزايد المتعلمين، مآساتنا في أننا لا نملك اللغة المتاحة بلساننا نحن لكي نتعلم ونعلم العلم في عصر لا علم فيه غير علم الطبيعيات. مآساتنا أن اللغة الفكرية، والفلسفية، والعلمية، باللسان العربي ركيكة ومشوهة فأين العربية وأين روح العصر.
لماذا نحن لا نملك الحكمة، وأين هي الحكمة، ومن هم الحكماء، إنهم الفلاسفة، إنها الفلسفة، إنها جوهر الحياة وأم العلوم والأب الحقيقي للفكر الحر، الفلسفة: هي علم التحليل هي التأمل والتجريب هي العلم الكلي، هي علم الكليات، أما الفكر فهو «علم المنطق الحديث» أي علم هندسة المفاهيم، أما العقل العلمي فهو الممارسة الفعلية للفكر في علم الطبيعيات، وقديماً قيل: في كل عالم يوجد فيلسوف راقد.
على أي حال، فهمت من المقالة ما يرمي إليه الأمير، وفي أكبر ظني ان ابن رشد لو خرج علينا الآن لذبحوه ثانية، والحل المتاح لأزمة الفكر العربي هو المعرفة ثم المعرفة ثم المعرفة، فإذا نجحت مؤسسة الفكر العربي في بناء معرفة متاحة لكل الناس ونجحت في بناء الجسور واستنهاض الهمم فأظن أننا نكون قادرين على فهم الحكمة، وحرية الفكر، أي الفلسفة، وهذا بعد اصلاح لغتنا وسد التشققات والنقائص.
لا ينبغي أن نحزن ونظل نحزن داخل أسوار سجننا لواقعنا المزري الواقع الذي نراه لابد أن يتغير لأن الباب مفتوح أمام كل الاحتمالات، ونحن في زمن التحولات وكل احتمال وارد، لدينا جيش من أنصاف المتعلمين الانتهازيين ولكن الحال لن تدوم، وقديما قيل: «اصبر فإن الدهر لا يصبر».
كلما فرغت من قراءة نظام «مؤسسة الفكر العربي» أعدت القراءة للمرة المليون وأعدت بناء التصورات في مستقبل المؤسسة على المستوى المنظور، أعجبني معيار الانتقاء لأفكار المؤسسة حيث الجدة، والأصالة، والمنفعة «غير الربحية» منفعة الأمة، والأهم في معايير الانتقاء يكمن في منطقية الحل، ومنطقية التكلفة، ومنطقية المدى للقبول، ومنطقية الجدول الزمني، ويبدو لي أنني سأجد معايير خاصة أخرى بعد مرور الفقرات الأولى من الجدول الزمني للمؤسسة.
في يقيني أن وجود المقر الرئيسي للمؤسسة في بيروت، قد يرفع عن كاهل المؤسسة عبء المقاومة التي تنشأ ضد كل جديد وغير مألوف، وتجاوز لكل القيود «بيوقراطية» والأهم الأساس تجاوز «الضغوط الاجتماعية».
وفي يقيني ان لبنان هو المكان الصحيح لمثل هذه المؤسسة والباقي مما لم أقله معروف للجميع، وأعجبني البيان المحتوي على أسماء الأمناء. ليس فيهم المشبوه ونحن أحوج ما نكون الى معرفة مصادر الرجال قبل معرفة المصادر للمال، ويهمنا ان نطرد المال المشبوه مثل الرجل المشبوه، أجد نفسي تهدأ مطمئنة الى سلامة المنهج ولكن عقلي لا يهدأ. فأنا على خوف من ان نسمع دون أن ندري لبغض عادتنا النفسية السيئة أن تتسرب الينا ثانية. أخاف من السهو وارتكاب ما هو استفزاز أو يؤدي الى الاستفزاز، لا شيء يدمر استراتيجيات الفكر التوليدي، الجمعي المؤسساتي مثل عداوة النقاد، لا شيء يهدم مثل الأحكام الجهيزة وسد الأبواب أمام الأفكار مهما كان نوعها، فلنرحب بكل الأفكار مهما يكن نوعها ولكن دع أهل الأفكار يقولون وأنتم اعملوا فسيرى الله عملكم.
الفكر العربي أمام أمريكا
هل هناك فكر إذا كان العقل الذي يحمل الفكر مريضاً، هل يستطيع الذهن أن يعمل في جسم ضعيف، ممزق، مشرذم، أمريكا ترانا في صورة من يستحق الزراية


إذا ما أهان امرؤ نفسه
فلا أكرم الله من أكرمه

أطفالنا الصغار وليس أمريكا إذا انفردوا الى بعضهم ظلوا يتطرفون ببعض الزعماء العرب في أزيائهم العسكرية أو البهلوانية، وفي خطاباتهم الضخمة المتعالية بالدعاوى الكاذبة.
من حق أمريكا أنها لا تأبه للعرب ولا تصدق ما يقولون، هم يحترمون الثبات والقوة والاستمرارية، وهؤلاء العرب لا يملكون القوة ولا يحترمون مواقفهم ولا يستمرون في التصاعد الى الأفضل، للعرب ألف سياسة وسياسة، ولاسرائيل سياسة واحدة ولوبي يهودي واحد، وللوبي العربي عدة سياسات، والعرب يزدادون في العدد ويزدادون سوءاً في التنظيم.
تعودنا ان نسأل وتعودنا المبادرة الى الأخذ بالحل الواحد وتعود غيرها طرح الأسئلة واكتساب ملايين الأجوبة عن سؤال واحد. في كل أمة قوة، أو قوى اجتماعية مؤهلة لكسر الجدران العازلة للأفكار الحية وأعظم قوة في العرب غارقة في خرافات العقل والجهل السياسي وهم ألد الأعداء في عرقلة كل آليات التقدم عن العقل الحقيقي الحي.
أكتب الآن وأنا أسمع الأحداث الدائرة بين العراق وأمريكا، وأعترفُ بأني غير قادر على كتابة شيء.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved