Monday 7th October,200210966العددالأثنين 1 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/32 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/32 48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

اكسفورد ومدى تأثيرها في الأمير خالد
تأثير الإنجليز على وجه العموم مطابق في أحسن الصفات للصفات العربية النبيلة، وإن كان له أثر فإنه لايبين في شخص مثل الأمير خالد.
لقد تعلم في السلوكيات أكثر مما في اكسفورد. ولكن هناك من الدروس ما لم يكن يخطر في باله من حيث الانضباط في أقصى مداه وأمام كل الظروف.
زار الملك فيصل بريطانيا وهو ملك وخالد ما يزال طالبا في (جامعة اكسفورد) فأعلنوا في صحيفة الجامعة عن نبأ الزيارة وأشاروا إلى أن هذا الطالب الأمير خالد الفيصل هو نجل الملك فيصل، وأدرجوا في البرنامج زيارة الملك للجامعة وأعطوا التلميذ خالد إجازة يوماً ليشرف باستقبال الملك ثم يعود ليكون مع زملائه في الصف عند قدوم الملك.
هذه فرصة يبحث عنها الأمير لكي يشتري له (الروب/ اللباس الجامعي المناسب) لقد سئم وتقرف من هذا الروب الذي فرضت عليه الجامعة أن يلبسه كسائر الطلبة. إنه مثل الناس ولكن الروب قديم، والرقعة فوق الرقعة، واللون صار في لون التراب المرصوص، وراجعهم وتوسل إليهم بدون جدوى، ويا لها من فرصة غانمة، هرول إلى أحسن خياط وفصَّل أحسن روب، لم يهمل أهمية أن يكون الجديد مطابقاً للقديم في كل مزاياه إلا آثار الزمان ومعاركه فقد جاء بأحسن ما في السوق من الجديد والطريف وغالي الأثمان.
ليتهم لم يأذنوا له بالخروج إلى الملك للسلام عليه. لقد أذنوا له ولكن حين وصل الملك إلى رحاب الجامعة لم يأذنوا له أن يلبس الروب الجديد، أرغموه على الروب السابق فأذعن والوقت غير مناسب لسكب الرجاء والتوسل وتبرير الظروف فهم لا يعرفون ما الظروف؟!
مثل هذا النوع من التعليم الصارم لا يوجد إلا في بريطانيا، مثل برودة الأعصاب أمام الأزمات لا يوجد، مثل الصدق والدقة في التعامل، والتوازن والميل إلى الوفاق لا يوجد، زد على ذلك هذا التعليم الرصين الذي يقود ويبني ثقافة رصينة وفكراً رصيناً.
في نظري أن معظم ابداعات الأمير في اسلوب تدبيره للتمويل المطلوب لكل مشروع في ذهنه يعود الفضل فيه إلى جامعة أكسفورد، إنها رائدة في الجذب، وفي التمويل، وفي الترشيد، وفي تصعيد قدراتها البحثية الأخرى، وتعليم الطلبة كيف يديرون حياتهم ويديرون مشاريعهم وكيف يحصلون على التمويل، ويبدعون في الترشيد ويزيدون في الابداع والانتاج.
هم يبدعون في كل شيء منهم صادقون وإذا احرجو ليكذبوا فإن لهم أسلوبهم الخاص أيضا، ألا ترى عظماء السياسة عندهم يسقطون من مناصبهم لأنهم حين أخطأوا اعترفوا بالخطأ. يخطئون في أشياء خطيرة ولكن لا يبررون الخطأ بالكذب.
في هذه الجامعة وأمثالها يتعلم الطالب أخلاقاً عربية وإسلامية ولكن من غير العرب ومن غير المسلمين، والمستغرب أن الطالب يتعلم في تأريخ العرب ولغتهم من مصادر لا توجد في البلاد العربية ولا يعلم بها العرب، كانوا أول الأمم الداعية إلى إلغاء الرق وأين كان العرب. ها هم في بعض بلدانهم العربية يبيعون في الناس ويسلخون جلودهم. ولولا أن أتهم بالمبالغة لقلت بأن أروع أفكار الأمير في القيم العربية نزلت عليه من سماء أكسفورد.
ولكن ليس في اكسفورد هذا المرح الذي يملأ كل أجنحة الأمير في بعض الومضات الزمانية التي تمرق أمامنا كالأنواء. وهؤلاء الذين يحملون في ضمائرهم مشعلة مضيئة ناعمة وتقيض أسارير وجوههم بالهدوء والوقار والاتزان في المشاعر لا يلبثون أمام الأنواء الخاطفة إلا أن يخطفوا الحياة بالمرح والحبور والفرح الواثب كالنوافير.
كأني في أمريكا ولست في عسير، في يوم انطلاق قافلة أبها في المهرجان كانت أبها أسراب نجوم حائمة على الشرفات والأشجار وبوابات المدارس، وكل سيارة تمر، أو رجل يمر، أو أي شيء يمر فهو مغطى بالفرح ومملوء بالمرح مثل أطفال الروضة حين يندفعون للخروج من بوابة المدرسة بعد انقضاء اليوم الدراسي، كأنهم يركضون في الهواء من البهجة.
كل قافلة تمر كان الأمير يرد تحيتها بالوقوف لها ويملأ عينيه منها ولا يدعها تمرق حتى ينشغل بغيرها، كنت مثل الأمير، مثل المشاهدين، مثل الحاضرين من الرجال والنساء، كنت مملوءاً بهذه المشاعر الجياشة ولم أستطع حبسها مثل الناس فرحت أعدو خلف القافلة بعد نهاية آخر فقرة وخلعت الغترة وصرت أتعلق بكل سيارة كالأطفال الأشقياء في أيام فاتت.
خالد الفيصل وبعد وبعد في جازان؟
يروي الأمير قصة جرت له مع مواطن سعودي من أهل جيزان، دخل عليه في مكتبه في الامارة ليطلب إنشاء بعض الخدمات التي تحتاجها بلده في منطقة جازان، ولكن هو أمير على عسير وليس على جازان، ولابد أن يقول له هذا صراحة فقالها مرة، ومرة ثانية ومرة ثالثة يقول له: إنه أمير على عسير وليس على جيزان.
ولكن المراجع يروغ ويلتف ويسأل الأمير عن اسمه وعائلته ألست أنت الأمير، نعم أنا الأمير، ألست الأمير خالد الفيصل، ألست خالد الفيصل ولد فيصل بن عبدالعزيز، نعم أنا خالد ولد فيصل، وأنت خالد الفيصل وولد فيصل وأمير عسير، وجازان ما هي تبعك، ولا تقوى تأمر عليها، والله ان الشرهة ما هي عليك: الشرهه عليَّ يوم إني جيتك.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved