Tuesday 8th October,200210967العددالثلاثاء 2 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (/33 48) خالد الفيصل: كيف؟ (/33 48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

الشعر التأمليُّ، والرؤى، والنبوءات
يعتبر الشاعر الأيرلندي «وليام بترييتس» واحداً من أعظم شعراء القرن العشرين في الشعر التأملي الوجودي، وفي عالم الرؤى والنبوءات، وقصائده مثل «ليديا والبجعة» أُنموذج يشار إليه بكل إعجاب.
وبالرغم من معظم إنجازات الشعراء العرب الحديثين في تجليَّات القصيدة وآفاقها الوجودية والكونية إلا أن الواقع العربي المشروط بمعطياته لم يفسح لهم المجال للإبداع في عوالم الرؤى والنبوءات، وفي ديوان الأمير خالد قصيدة «حومة فكر» وقصيدة «عوى الذيب» في هاتين القصيدتين جرأة نادرة لاقتحام هذه الأرض المحرَّمه، وأعني الرغبة الجامحة في البحث عن الخلاص من الواقع الإنساني المرير والتطلع إلى المستقبل من قراءة كونية متخيلة ولكن مشدودة إلى خيال الواقع بصدقٍ عميقٍ وبحثٍ مضنٍ. إنه على وعي كامل بفرادته ووحشته وغربته، ولم يرَ في هذا الليل الكبير الذي يأنس فيه الشعراء الرومانسيون القدامى غير الشعور المتزايد بالفشل في العثور على منقذٍ، وهو لا ينكفىء نحو مكانٍ بعينه ولا زمانٍ بعينه، إنه مشدودٌ إلى المكان كله والزمان كله، وليس له عالم محدد، بل هو لا يرغب في عالم محدد، إن فكره يحوم مثل صقر أسطوري قديم يجوب الزمن كله ليقتنص الومضة في عين الحياة ولا جدوى، لا جدوى، تأمَّل معي قصيدة «حومة فكر» وسأنقلها بكاملها كما وردت في ص «128» من ديوانه الكامل «أشعار خالد الفيصل».. تأملها، وتأمل واقع الإنسان العربي إن شئت.


سَتَّلْ جناحه ثم حام ..يرقى على متن الهوا
يزفّه بعيدٍ وانا محدود في حد النظر
له بالهوا شفّ ومرام .. يلعب مع الغيمه سوا
ولا جناحٍ لي واطير والأرض صارت لي مقر
طيري ضرب جو الهيام .. ولو دعيته ما التوى
عِزِّي لمن طيره غدا ولا له من امره مقر
فكري تَغَشَّاه العسام .. أمسيت وفكري ما ضوى
الأرض قفر من الونس والليل من فرحي قفر
شَبيت ضَوِّي بالظلام .. في صحصحٍ ذيبه عوى
ما لي أنيس إلا النجوم أو نور وضّاح القمر
خالي وكنِّي في زحام .. قَلْبي تلهَّب وانشوى
ما عاد أميِّز بالحشا ولا على الضَّوّ الجمر
وين انت يا داعي سلام .. وين انت يا بايع دوا
ردُّوا لي النُّومه ترى بالعين جَلاَّد السَّهر
دَوَّرت بالشَّده حزام .. ولا لقيت اللي قِوي
يا الله دخيلك ما لقيت اللِّي نِشِدّ به الظهر

ليست هذه الأبيات تفاؤلية كأشعار الرومانسيين في القرن التاسع عشر، وليست متشائمة كأشعار الوجوديين العبثيين، لأن مجرد النظر إلى النجوم أو نور وضاح القمر يدفع إلى نبرة تفاؤل تنقذ الموقف من الضياع التام والتشاؤم البليد، بل إن مجرد البحث الدائب لمجرد البحث الدائم والاستمرار في البحث هو ما يدفع القصيدة إلى رؤية الواقع من عين صقر حائم يستجلي ببصره الكاشف لكل العالم من تحته، أما الرؤية فهي في صوت الذئب الذي عوى في جوف الليل وفي أرض صحصح ليس مع الشاعر إلا وقيد النار التي أشعلها وهو لا يشعل إلا ناراً في أحشائه، وبين هذا الحجر والحجر الذي في قلبه اعتماد طردي متبادل في الاشتعال المتزايد.


دَوَّرت بالشدهْ حزام .. ولا لقيت اللي قوى
يا الله دخيلك ما لقيت اللي نشد به الظهر

هل أنت قد كتبت ب«مؤسسة الفكر العربي» كتبت الجواب على كل تساؤلاتك؟؟ وعلى القارىء أن يقرأ قصيدة «عوى الذئب» ليبني بنفسه الصورة في الأبعاد الأخرى ؟؟؟

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved