Sunday 13th October,200210972العددالأحد 7 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (37 /48) خالد الفيصل: كيف؟ (37 /48)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
هل هو شعبي، أو عامِّي، أو نبطي، أو بدوي
عبدالله نور

كنت قد أهديت للأمير خالد كتاب الأديب الكبير الشيخ ابن خميس «الشعر الشعبي» وفهمت أن له وقفات عند بعض المسائل ولم يكن لقاء ابن خميس بالأمير في العام الأول ولكن في بداية العام الثاني، وكان اللقاء مثمراً نجم عنه قيام الأمير بطبع كتابه الشهير «راشد الخلاوي» وارتحل معه الى عسير فأقام عنده زمناً لا بأس فيه حظي فيه بما حظي به المتنبي في بلاط سيف الدولة، وعند صدور الطبعة الأولى من ديوانه «في ربى اليمامة» ضم فيه مدائح جيدة في الأمير خالد حوت معظم صفحات الديوان كانت أولى مشاركات الشيخ ابن خميس في منتدى خالد محاضرة قيمة عن «رياضة الصيد والقَنص» في الأدب العربي والشعبي على ما أذكر.
إن مكانة الشيخ ابن خميس الأدبية والعلمية والشعرية في الصدارة مع الرعيل الأول، وليس في القول مزيد لمستزيد ولكن مالا يعرفه كثير من الناس في شخص ابن خميس هو ذكاؤه الذي يرقى الى مستوى الدهاء الذي يندر وجوده حتى بين الأذكياء الكبار، وهو في مجالسه الخاصة في غاية قصوى من الظرف والبساطة والتفكُّه واقتناص سويعات المزاح الشفاف البريء والمفيد على حد سواء. وفيه نخوة انسانية وأدبية ومواقف شجاعة مع أهل الفكر والأدب والشعر بوجه خاص.
حين ألقى تلك المحاضرة كان قد ترك وراءه الستين من عمره فصار وهو يتحدث كأنه رجل مُعَمِّمر من بقايا طُسْمُ وجُديس وجاء لتوِّه من غيابة التأريخ، فكان لإلقائه دَويُّ مثل الصدى في الكهوف العتيقة، وكانت كل ملامحه مثل ملامح الصحراء، مثل سيوف الفرسان، مثل تعرَّجات جباههم مثل ألوانهم وسُمرة وجوههم، وكان كل ما في المحاضرة يبعث على الشعور بالأسى والحسرة حيث صرنا تدريجيا ننسى أسماء الطيور، وأسماء الأشجار، وأسماء الرياح، وأسماء الفرسان أيضاً.
الأمير خالد، والشاعر راشد الخلاوي
ربما لا يعرف إلا القليل من الناس ان سمو الأمير خالد مرجع حقيقي في علم الفلك فلا غرو حين طبع كتاب «الخلاوي» الذي قام بتأليفه الشيخ ابن خميس، كان ابن خميس فيما أرى أعلم الناس بالخلاوي، وعلم (الرِّيافة) أي علم الفلك الزراعي لأهل نجد، أما كيف كان الأمير خالد عالماً بالفلك فالأمر يسير وعسير في نفس الوقت.
لا أكون مغالياً إذا قلت بأن معظم من عرفت من الأمراء الذين هم من جيل الأمير خالد لهم إلمام جيد بالفلك، لكن لكون الأمير قد نشأ في الأحساء، في صحراء قاسية، ذات طبيعة متحركة ومخادعة وحاضرة وبادية وواضحة وغامضة فقد تعلَّم من ثقافتها خصوصيات لا تتوفر في غيرها، فهناك بنو مرَّة وهم معروفون بقص الأثر، بالقيافة، ومعروفون بالريافة «مواسم الأمطار».
ولمَّا كان هذا الجيل من الأمراء غير منشغل بقضايا الفتوحات وهموم التوحيد مثل جيل الآباء فقد رغب الملك عبدالعزيز رحمه الله ألا يدعه في الحياة الفارغة من الممارسة العملية الرمزية أو الممارسة الرياضية في شكل الترغيب والإغراء للخروج الى البراري من أجل «القنص والصيد».
كان هم ابن جلوي مثل هم عبدالعزيز، فقد كان على ولع برياضة الصيد كلما سنحت له الفرصة، وكان شديد الترغيب في خروج الأمراء من أجل رياضة الصيد، كانت فروسية القنص من نوع فروسية المعارك، تلك حقيقية، وهذه مناورة.
وأجزم بأن الأمير قد اكتسب علم الفلك من سماء تلك الصحاري وعرف الممالك والمسالك من رمال تلك الصحاري، وعرف الصقور والطيور والعقبان والبُزاة وسياسة ا لضواري، ومداواتها، وما قيل في آدابها من شعر عربي أو غيره من هذا الجانب.وكلنا يعرف أن شعر الخلاوي يضم كل خبراته الدقيقة في الفلك المعروف في نجد، وقلَّما يوجد رجل نابه من أهل نجد لا يحفظ له أبياته في الفصول والمواسم والبروج ونحوها.وكنت أظن الأمر يقف عند هذا الحد، لكن حين كنت في زيارة لأبها في وقت قديم مضى، وكان من عادة الأمير في ليالي شهر رمضان أن يضع في برنامجه الليلي المنزلي برنامجاً ثقافياً للتسلية والفائدة، كان من سوء حظي في هذه المرة ان البرنامج يحتوي على مسابقة في الفلك لمدة ثلاثين يوماً، والفائز من الحاضرين ينال جائزة مالية ذات قدر ثمين.كنت، والحق يقال، أسوأ المتسابقين، وعلمت لأول مرة أسماء كواكب جديدة تم اكتشافها حديثاً بأسماء غريبة لا علم لي بها من قريب أو بعيد، وشاهدت الأمير بكل عيوني يتجلَّى عن رجل عالم في هذا الميدان ولكن لم يكن يماري أو يتعالم حتى إذا جاء الجد افتر عن حفيد راعي الأجرب ولا فخر.
مركز الملك فيصل للصقور، أين؟ وكيف؟
ليس دائماً في علوم الاقتصاد والادارة تحظى كل المشاريع بالنجاح المطلوب رغم توفر كل عناصر النجاح، وفي نظري ان مشروع الأمير في تكوين مجلة «الفيصل» قد تعثَّر، وان مشروعه «دار الفيصل الثقافية» قد تعثر أيضاً.
أيضاً مشروعه «مركز الملك فيصل للصقور» قد تَعَثَّر رغم كل العوامل والعناصر المتوفرة لنجاحه. كان الأمير يطمح في انشائه على أن يكون مقدمة مطلوبة لانشاء نادٍ للصيد في المملكة، ولكن هذا الطموح فيما يبدو كان متقدما على الزمن المناسب بكثير.
وكنت من بين الأدباء الذين حضروا الى عسير للمشاركة في حفل مجلة الفيصل بمناسبة العشرين من عمرها، وكان الأمير يقوم بنفسه بتقديم خبراء مركز الصقور وتقديم المعلومات غير المعروفة عندنا عن المركز، وعن فكرة انشائه، والجدوى من بقائه في عسير، وكان يتوقف عند الأوكار ويشرح لنا قصة مولد ونشأة كل صقر، ومن أين جاء، وما هو موطنه، ويشرح كيف تم تلقيح أمه وهي من جنس معين بلقاح من ذكر من غير جنسها، أي كان يدخل بنا في صميم «الهندسة الوراثية» ولكن في الصقور، وشاهدنا العجائب والغرائب، ولكن ما يفوق الجميع هو فرخ صغير يُسمُّونه «عبدالله نور» سمُّوه بهذا الاسم لطول كراعيه ودقة عنقه وضآلة جسمه، وهم قد خرجوا به الى البريَّة من باب السّهو والغلط فأخلف ظنهم عبدالله نور وصاد لهم صيداً ذريعاً ولم يقم عنده كل سباع الطير ذات البلايين بشيء.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved