Tuesday 22nd October,200210981العددالثلاثاء 16 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

خالد الفيصل: كيف؟ (48/45) خالد الفيصل: كيف؟ (48/45)
مقدمة للبحث في الصِّبغيات الفكرية خالدالشخص/ النص
عبدالله نور

أعوام المراهقة والتأريخ الصارم
لم يكن انتقال خالد من الأحساء إلى الحجاز عادياً ولا سيما في مثل عمره الثاني أو الثالث عشر، كان أشبه بمن ينتقل من عصر إلى عصر أو من كوكب إلى كوكب آخر، فذاك الأحساء وما فيه من النخيل الناعس والليل الساجي والنهار الوديع، وحياة الريف المحدودة مثل سياج بستان، وقصر«السراج» الذي عاش فيه لا يتعدى أربعة أو خمسة أو سبعة من أقرانه وإذا طاف في الأحساء فلن يزيدوا عن عدد الأطفال في الروضة. وهو الآن في الحجاز وفي ثلاث مدن كبيرة وذات مجتمع متعدد في تركيبته وأسلوب حياته ومنفتح على العالم كله بخصوصية فريدة أو خصائص فريدة ليس يجهلها أحد، ومع هذا فإن الحاكم للحجاز نائب الملك فيصل أبوك يا خالد.
كان من الطبيعي أن يخترع الملك فيصل فكرة جديدة لاحتواء خالد وغير خالد من الأمراء فكانت مدرسة الثغر فيما أتصور هي الخيار المطروح وهي السياج المحكم الذي في إطاره تمشي أمور هؤلاء على ما يرام.
ولا أملك بين يدي تفاصيل الحياة في هذه المدرسة وأمثالها من المدارس الأميرية ولكن كل ما أعرفه أنها مثالية ونموذجية من حيث التعليم والتربية والامكانات الرديفة الأخرى، ولكن مشكلة الأمير مثل مشكلة كل فنان ومفكر مبدع، لا يقدر في كبت مواهبه وهم لا يتركونه على هواه ولو كان من سائر الناس لكانت مسالك التعبير والبروز أسهل عليه من المسالك الأخرى وهناك الهلاك ولا خيار إلا المزيد من الإبداع والمزيد من الإبداع ولا خيار إلا أن يسافر إلى أمريكا لإتمام دراسته الثانوية هناك.
صورة الفنان في شبابه
كانت مواهب الأمير في الأحساء مكبوتة غير قادرة على الظهور إلا في حدود الموثوق به من الأصدقاء، ولكن في الحجاز وحين أينعت تلك المواهب كان من الصعب حجزها في حدود ضيقة، وأول موهبة ظهرت هي موهبة الشعر في منتديات السّمر، والشعر وحده لا مثالب فيه عند الملوك إلا في حالات المجون أو التكسّب، ثم ظهرت موهبة الرسم وما أدراك ما الرسم إنه مدعاة للظنون وشبهة التصوير وما أدراك ما التصوير والبقية معروفة ..
لم يعد الأمير خالد لوحده هو المشكلة، بل صار ذاك الجيل من الشباب النابهين مشكلة وألف مشكلة «لاحظوا مشعل السديري زميل خالد في المدرسة» ومشعل أيضا مشكلة.
سهرهم في البراري والقيعان أيضا مشكلة، حضورهم في الاحتفالات التي تقام فيها العرضة النجدية أيضا مشكلة، وإذا قاموا للعرضة وصاروا يعرضون وقد استدارت حولهم الأتوبيسات المغاتير أيضا مشكلة، ولم يكن أحد بقادر على أن ينبس ببنت شفة في سلوكهم ورقي أخلاقهم وطيب معشرهم ولكن كان الحسد والغيرة من كثرة مواهبهم هما اللذان يحرقان الصور ويدفعان الناس إلى تسقط أخبارهم حتى ولو كانوا على شفير الدرب يسمرون ويغنون السامري وليس عندهم غيره ولا شيء في المملكة من أقصاها إلى أدناها غير السامري وهو مشاع لكل خلق الله ولكن الأمور ليست بهذه البساطة، فالشكوى قد وصلت إلى الأمير فيصل، إلى الوالد، إلى نائب الملك عبدالعزيز.
يروي الأمير خالد انه كان يتوقع من أبيه عقوبة صارمة وقاسية جدا، وحين دخل عليه وجد الشاكي جالساً بجانب أبيه فتضجر بادئ الأمر ثم رأى في ملامح أبيه السكينة فاستطان وأطرق حتى خرج الشاكي وولى وبعدئذ عرف أن الأمر لا يعدو مجرد كلمات من العتاب وأن الملك يتحدث في قضايا لا علاقة لها بقضيته ولم يشعر خالد في حديث الملك إلا بانعطافة في الكلام إلى الشباب وحياة الشباب وعمر الشباب، كأنه يقول له: «حياتك في شبابك، وكل وقت ما يستحي من وقته» ولم يكن شعر خالد في تلك الفترة يزيد عن مقطوعات قصيرة تقال من أجل السمر، وحتى بعد حصوله على الثانوية وسفره وعودته إلى أوروبا كان شعره في هذه الحدود، ولكن بعد تخرجه من الدراسة الجامعية بدأ شعره يأخذ شكل القصيدة وتجاوز شكل المقطوعة .

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved