Friday 25th October,200210984العددالجمعة 19 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

فريدمان والإعلام والإسلام فريدمان والإعلام والإسلام
د. منذر علي قباني

يقول توماس فريدمان الكاتب الأمريكي المعروف في جريدة النيويورك تايمز، أنه بعد زيارته لإيران والتقائه بعدد من الشباب خرج بانطباع أن الشباب الإيراني ذاق بعض الديمقراطية ويرغب في المزيد وذاق الكثير من الإسلام ويرغب في التقليل. ويلمح بأن هذه المقولة تنطبق على باقي العالم الإسلامي. وقبل أن نرد على هذا الهراء دعونا نسأل سؤالاً مهماً: هل هذا رأي منفرد لفريدمان أم هو جزء من رؤية عامة للإعلام والثقافة الغربية تجاه الحضارة الإسلامية؟
عندما نقرأ في الأدبيات الغربية عن الإسلام نجد مصطلحات مثل «الأصولية الإسلامية» و«الإسلام الجهادي» و«الإسلاميزم» وعندما نقرأ غالبية ما ينصب من هذه المصطلحات نجدها تحاول أن تربط بين التطرف الديني والالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية. فنحن إذا أردنا أن نلتزم بتعاليم القرآن والسنة النبوية نصبح بالمنظور الغربي «أصوليين متطرفين».
وإذا أراد الشعب الفلسطيني أن يدافع عن أرضه يصبح «جهادي إرهابي». وكل من يطالب بنظام حكم إسلامي فهو ممارس للأيديولوجية «الإسلامزمية».
أنا أتساءل: لماذا كل هذه المصطلحات الغربية؟ هل يصعب على المثقف الغربي أن يدرك ان الإسلام هو دين ودولة؟ أم هل يعتقد أنه دين على غرار المسيحية، عبادة لله يوم الجمعة وجري وراء الحياة باقي أيام الأسبوع؟ وقد يكون أبلغ من عبَّر عن رأي المثقف الغربي هو المحلل السياسي الأمريكي فرانسيس فوكياما عندما كتب ناصحا العالم الإسلامي بالامتثال بالنموذج التركي الأتتركي القاضي بفصل الدولة عن الدين على غرار المثل الغربي المشهور «دع ما لله لله ودع مالقيصر لقيصر».
نعم، يبدو أن مقولة فريدمان التي أشرت إليها في مطلع المقال هي جزء من عدم فهم ممزوج بعدم تقبُّل لثقافتنا الإسلامية من قبل الكثيرين في الغرب، وأستطيع القول رداً على فريدمان إنني عشت في الغرب وتلمست تلك الديمقراطية ولم أفتتن بها، ونشأت في أحضان الثقافة الإسلامية وما زلت أرغب في المزيد ولكني أتحدث عن حضارة إسلامية يجهلها أو يتجاهلها فريدمان وأترابه.
حضارة الإسلام الذي نادى بالعدل والإخاء والمساواة ألف سنة قبل أن تنادي بها الثورة الفرنسية، وقبل أن يتضمنها الدستور الأمريكي. أنا أتحدث عن الإسلام الذي علّم ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب أن يقول قولته الشهيرة «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» منصفاً فتى قبطيا على حساب ابن الصحابي الجليل عمرو بن العاص، والذي علَّم قبائل العرب المتناحرة أسس الحضارة وجعل منهم دعاة للعدل والتعايش السلمي بين الأديان.
نحن لسنا بحاجة إلى ديمقراطية الغرب لكي نتعلم حرية الرأي، بل بحاجة إلى الإسلام، نحن لسنا بحاجة إلى ديمقراطية الغرب لكي نتعلَّم أسس الحوار، ولكن بحاجة إلى الإسلام. نحن لسنا بحاجة إلى ديمقراطية الغرب لكي نتعلَّم احترام بعضنا البعض ولكن بحاجة إلى الإسلام.
وفي الختام لا أجد أبلغ قولاً مما قاله الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لكي أردَّ به على فريدمان وكل من يؤمن بمقولته.
«نحن قوم أعزنا الله بالإسلام وإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved