Friday 25th October,200210984العددالجمعة 19 ,شعبان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

كنت كبيراً كنت كبيراً
عبدالله نور

يرحمك الله يا عبدالله السلوم.
يرحمك الله يا أبا عبدالرحمن
ما أزال أذكر ذلك اليوم الذي دخلت فيه مكتبك ففوجئت بك في مكان شخص آخر كنت أتوقعه في مكانك غير أني تريثتُ ثم جلست في مقعد شاغر، وصرت أحاول أن أجد في ذاكرتي ما يدلني عليك فلم أعثر على شيء!!
ما أزال أذكرك تماماً
رفعت وجهك من بين الأوراق وأنت تبتسم للجالسين معي وحين وقع بصرك في بصري فوجئت بك تقول لي:
- مرحباً يا أستاذ عبدالله
- مرحباً يا أستاذ!!
- هذه لا يقولها الموظفون الكبار.
كنت كبيراً في نفسك!! ولذا كنت كبيراً في الناس!!
ولم تخني الذاكرة فأسعفتني بكل شيء عنك.
أديب وشاعر
مؤهل بالخبرات والأكاديمية
علاقات واسعة، نزيهة، ومتوازنة
ودارت بنا الأيام يا أبا عبدالرحمن، فكان آخر لقاء بيننا في بيت الأمير خالد الفيصل قبل أربعة أو خمسة أشهر تقريباً.
هو أنت أنت لم تتغير بل تغيرت إلى ما هو أفضل وأجمل وأكمل.
كل شيء فيك يستحق التقدير
عاطفة محب وشاعر وأديب وإنسان
إنجاز جيد في محيط العلاقات الإنسانية
تخصص وخبرة وإحاطة بصميم العمل
جاذبية روحية وبدنية تضيء وتشع مثل لؤلؤة القلب، مثل لؤلؤة العين، ونظرة شامخة، وجبين ساخر لهفة رائعة للتعليم والاتقان
صدق واخلاص للحاكم وللمواطن
وصدق جبران خليل جبران حين يقول:
(كل عمل عقيم ما لم يكن هناك حب عظيم)
نحن الذين نزعم أننا أحياء؟؟
يرحمك الله يا عبدالله السلوم
يرحمك الله يا أبا عبدالرحمن
توقف قلبك فجأة وهكذا يتوقف القلب في مثل هذا الزمن الذي تنبض فيه قلوب الكثيرين ولكنها تنبض بلا روح!!
كل هؤلاء الذين هم أحياء يتدافعون ويتزاحمون على أديم الوطن العربي والإسلامي أحياء ولكن تنقصهم الروح الفَوَّارة مثل الينبوع الصاعد من قلب الأرض إلى عنان السماء.
زين الروح
أين الجد
أين الخيال الخلاق
أين الثراء الحقيقي في حب الوطن، في حب العمل، في حب الإنسان؟
أين هي تلك الطاقة المملوءة بالتحدي والتدفق والازدهار؟ لاشيء أقوى من الروح الفياضة بالعمل وحب العمل وحب الحياة
قارن بين العربي وبين الياباني فإذا الفرق فيما بينهما هو قوة الروح
قارن بين العربي وبين بقية الشعوب المتقدمة فإذا الفرق بينهما هو العمل، هو حب العمل، هو قوة العمل.
قارن بين العربي وغيره فإذا الفرق بينهما في شرارة الذكاء المتقد المزدهر، هذا عربي وذكي ولاينقصه في الذكاء شيء إلا الشعلة المتوجهة التي لا تراها فيه أو حتى تراها في أبنائه وأحفاده وقارن، وقارن حتى تسقط في بحيرات الاسئلة ولا جواب.
مخاوفنا تكمن في أننا قادرون بلا حدود
إنه لمن المحزن أننا أمة مظاهر واستغفر الله فإنني استثني الميامين الصالحين، ولكن يحزنني في أغلب العاملين ولعلهم بالمظاهر
أحياناً ومن أجل المظهر، هناك من يدمن في العمل حتى يحرق ويحترق من أجل الوصول إلى منصب ما
وهناك من يتجنب العمل خوفاً منه
وهناك من يتمرد عليه كرهاً له
وهناك من لا يدير نفسه ويديره العمل
وهناك من يدير نفسه ولا يدير العمل
وهناك من لا يدير نفسه ولا يدير العمل ولكن يظل طوال يومه يثرثر في كيل المديح لانجازاته في العمل الذي هو بحق هو الكسل والعمل بلا عمل
يرحمك الله يا عبدالله
كنت مختلفاً عن الآخرين

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved