Monday 11th November,200211001العددالأثنين 6 ,رمضان 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
يا أهل الخير.. وطنكم أولى بخيركم!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

أعلن قبل أسبوعين عن قيام مؤسسة خيرية أنشأها سمو سيدي ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله براً منه بوالديه طيب الله ثراهما تعنى بإقامة مشروعات اسكان لذوي العوز من المواطنين، وبعد ذلك بأيام، افتتح سموه الكريم مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الإنسانية وهي منشأة عملاقة أسست خدمة لمن يستحق العون من أبناء هذا البلد المعطاء، وقبل هذا وذاك بأيام أيضاً افتتح سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض المرحلة الأولى من مشروع إسكان خيري في مدينة الرياض ينتفع به ذوو العوز والحاجة من المواطنين.
* وقبل بضع سنين سجلت مؤسسة الملك فيصل الخيرية سابقة مباركة في هذا السبيل، حين سلمت مباني المرحلة الأولى من مشروع اسكان خيري لعدد من المواطنين في قلب تهامة عسير، ممثلة ببلدة الحريضة وما حولها، وكان حفلا مشهودا شرفه حضورا ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية.
* وهناك العشرات من الجمعيات الخيرية تنتشر في طول البلاد وعرضها تباشر مهام مختلفة تصب في خانة البر بالمعوق واليتيم والمسن والمريض وذوي الحاجة وابن السبيل، وكل هذه المبادرات، حديثها وقديمها تشهد بعمق التزام هذه البلاد وأهلها بفضيلة البر، نية وقولاً وعملاً، وهناك ما يدل على وجود قدر غير هين من التسابق والتنافس الشريف بين فاعلي الخير في هذه البلاد لهذه الغاية، منهم من يقرن فعله باسمه، ومنهم من يستتر وراءه، ملتمسا الأجر والثواب من لدن العزيز الحكيم.
* ما أطمعُ الوصولَ إليه في هذه المداخلة القصيرة والمتواضعة معاً هو ان أي محب للخير لابد ان يزهو بمشروعات الخير في هذه البلاد حيثما كان فاعلوها وأيما كانت هويتها أو غايتها أو وسيلتها أو مقرها، بل يتمنى منها المزيد براً بمن يستحق البر من أبناء هذا البلد، وتكريماً لمبدأ التكافل الاجتماعي والتعاون المحمود على البر والتقوى.
* غير انني في الوقت نفسه أتمنى مخلصاً ان يُحصر أداء هذه الجمعيات داخل المملكة قدر الإمكان وذلك لعدة أسباب أهمها ما يلي:
أولاً: ان وطننا أولى من غيره بمبادرات البرّ في كل انساقها واتجاهاتها وغاياتها.
ثانياً: ان هناك شرائح من المواطنين، رجالاً ونساء وأطفالاً ومسنين وعاجزين عن العمل أو عاطلين عنه، ينتشرون في أماكن عديدة من المملكة، وخاصة في تهامتي جازان وعسير، وغيرهما من مناطق المملكة، منهم اليتيم الذي فقد أهله، والأرملة أو المطلقة التي لا عائل لها يصد عنها صروف الزمان والمقعد شاباً أو شيخاً الذي فقد وسيلة العمل كسباً للعيش الحلال، كل هذه النماذج البشرية من أبناء وبنات هذا البلد يفتقرون إلى بر الأبرار من أهلنا قبل غيرهم من العالمين.
ثالثاً: ان برنامج الضمان الاجتماعي الضخم حجماً وانفاقاً الذي تنفذه الدولة رعاها الله يغطي العديد من هؤلاء لكنه لا يفي بكل احتياج مشروع للمستفيد منه، فهناك من يعول أسرة كبيرة لا يفي عائد الضمان الاجتماعي بطعامها وشرابها وكسائها، وهناك من يتطلع إلى السكن فلا يجده إلا غلابا، أو بأجر يقض مضجع الدخل المتواضع، وهناك المريض مرضاً لا علاج له إلا في المراكز الصحية المتخصصة داخل المملكة أو خارجها، كل هؤلاء يستحقون ان تُنفق في سبيلهم أموال البر، وان تخصص من أجلهم جهود الخير، من لدن أهل الجود في بلد الجود، والاهتمام بهم هو رديف لما تفعله أجهزة الدولة المختصة، وليس بديلاً لها أو عوضاً عنها، ويمكن ان تتخذ الصدقات مسارين: مسار الهبة النقدية، ومسار العين، كالسكن والعلاج والتجهيزات الطبية ونحو ذلك.
رابعاً: ان بعض أعمال البر في الخارج خاصة ما يعبر عنها بالمال مباشرة، قد تجرُّ معها بعض الشبهات والظنون، إذا زل مسارها أو عُرج بها إلى غير ما خصصت له، كالقول مثلاً ان بعض التبرعات النقدية قد تتحول من مقاصد الخير لتصب في «جيوب» جماعات أو أفراد يمارسون «الارهاب» سراً أو علناً، متخذين أسماء وسمات وغايات ظاهرها البر، وباطنها الدمار!.
هنا اتساءل بألم بالغ: لماذا نفتحُ على أنفسنا وبلادنا بوابة الشك ونسلم أعناق سمعتنا لجلادين مغرضين في الشرق والغرب يسيئون لنا، ويحملوننا وزر ما يفعله السفهاء من كل هوية ولون، فتلام بلادنا، وهي التي تفعل الخير، لا تسأل عنه اجراً والأقسى من ذلك والأمر ان يُلصق الوزر بديننا الحنيف الذي جعله الله ملاذا للخائف ونصيراً للعاجز، وهدى ورحمة للعالمين.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved