Tuesday 17th December,200211037العددالثلاثاء 13 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مكافحة الفقر من عهد المؤسس إلى مبادرة الأمير عبدالله مكافحة الفقر من عهد المؤسس إلى مبادرة الأمير عبدالله
د. عبدالإله ساعاتي

يؤكد سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في مواقف ريادية تكررت، تمتعه -حفظه الله- بصفات قيادية فطرية تجاوزت في عطاءاتها مضامين النظريات العلمية التي تناولت العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فرغم النمو السكاني المتزايد والتوسع المدني المتعاظم، يظل الأمير عبدالله بسجيته الفطرية قريباً من شعبه على اختلاف مشاربهم، فمن استقبال الجموع التي تتتالى في قصره بصورة دورية مستمرة، الى توجه سباق تمثل في التواجد بين الناس في المراكز التجارية يتحدث مع هذا ويقف عند ذاك، ويتناول طعام الناس بين الناس.
وأخيراً جاءت البادرة الرائدة الملفتة التي تمثلت في زيارته لفقراء في منازلهم، وتفقده على الواقع أحوالهم، ثم إعلانه العمل على وضع استراتيجية وطنية لمحاربة الفقر في البلاد. مبادرة تاريخية، جولات على منازل الفقراء هكذا دون مواكب ودون إعداد مسبق يدلف الى البيوت المعدمة يتحدث الى ساكنيها ويعبّر عن تعاطفه معهم وحزنه على أوضاعهم وحرصه على إصلاحها.
لقد جسد الأمير عبدالله بمبادرته تلك واقع التلاحم الراسخ بين القيادة والشعب في هذا الوطن المعطاء، وأكد ان القيادة قريبة من إنسان الوطن في أي موقع كان ومن أي فئة يكون. كان موقفاً مؤثراً منح أولئك الضعفاء غنى نفسياً وثراء معنوياً يتبعه بإذن الله إصلاحاً مادياً.
إن محاربة الفقر في هذه البلاد ظلت منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- هدفاً تعمل الدولة على تحقيقه، حيث كان الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه- قد أعلن محاربته للثالوث البغيض «الفقر والجهل والمرض» ووضع اللبنة الأولى في صرح التنمية الوطنية.
ففي أول خطاب سياسي للملك عبدالعزيز بمكة المكرمة عام 1343هـ وضع -رحمه الله- الانطلاقة الأولى لمكافحة الثالوث البغيض.
وتوالى اهتمام ابنائه الملوك سعود وفيصل وخالد حتى عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز - حفظهما الله-.
إن «الفقر» ظاهرة موجودة في جميع دول العالم، ففي الولايات المتحدة - على سبيل المثال- في أكبر مدنها شاهدنا على الواقع أحياء كبيرة وأسراً عديدة تعاني من فقر مدقع، وهكذا في دول العالم المتقدمة الأخرى وتشير دراسات علمية ان نحو نصف سكان الكرة الأرضية يعيشون تحت حد الفقر. وسيظل الفقر موجوداً سنة من سنين الكون لن ينتهي طالما ظلت الحياة تنبض بالأحياء، ولكن نسبة انتشاره هي الاشكالية، وضعف فعالية مكافحته هي المعضلة.
لقد قامت الدولة بإنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عام 1380هـ لتتولى ضمن ما تتولى مهام مكافحة الفقر وتوفير الضمان الاجتماعي للمواطنين، كما قامت بتوفير كافة سبل الدعم للجمعيات والمؤسسات الخيرية. وهذه جهود مباركة وفعالة ولكنها لا تكفي فهناك حاجة الى ان يتجاوز الدور الجانب الاجتماعي ليشمل البرامج والمشاريع الزراعية والتصنيعية وبرامج التدريب وتوسيع الآفاق الاستثمارية، وبناء قاعدة العمالة والعمل على رفع مستوى المعيشة للمواطنين.
لقد وجه سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بوضع استراتيجية متكاملة لمحاربة الفقر، وهذا هو التوجه العلمي والعملي المطلوب، ومن ثم تتوحد لدحر الفقر وفق أسس علمية وموضوعية مدروسة.
ففي ظل كبر حجم السكان والنمو المتواصل في أعدادهم، وفي ظل التوسع العمراني والتطور المدني، لم يعد من المقبول والمعقول ان نعمل لمواجهة هذه الظاهرة البغيضة دون أسس علمية ودون خطط وبرامج منهجية.
ان المجتمع السعودي هو جزء من هذا العالم يعاني مما يعانيه ويشكو مما يشكو منه، لا نعيش في كوكب آخر ولسنا مجتمعاً ملائكياً. والاعتراف بوجود المشكلة يمثل نصف الطريق نحو حلها ومواجهتها - كما يقول العالم فردريك تايلور-.
وسمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بجولاته الميدانية تلك يؤكد وجود هذه الظاهرة في مجتمعنا شأننا شأن سائر الكون، وفي ذات الوقت يؤكد بثقله الاهتمام بمكافحتها والعمل على دحرها.
ويبقى الدور على القائمين على السلطات التنفيذية، فلقد قدم لهم الأمير عبدالله أنموذجاً واقعياً ودرساً عملياً لدور المسؤول نحو المستضعفين من ذوي العوز والفاقة، ووجههم للعمل المخلص الدؤوب لإنقاذ رغبته في وضع استراتيجية علمية للانطلاق المنهجي لمكافحة الفقر وإنقاذ الفقراء بصورة علمية وعملية منظمة. وهي مسؤولية ليست سهلة ولكن هذا ما تشرئب الأعناق لمشاهدته واقعاً ملموساً - بإذن الله تعالى-.
كما أن على المقتدرين من أبناء الوطن واجب المشاركة في بناء المساكن الخيرية لإيواء الفقراء ورفع معاناة السكان في المساكن المتصدعة التي يقطنوها.
وتستحق التقدير في هذا الصدد مبادرة الأمير الوليد بن طلال بتكلفه ببناء وتأثيث «10» آلاف وحدة سكنية للفقراء استجابة لدعوة ولي العهد.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved