Monday 23rd December,200211043العددالأثنين 19 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

القاتل الأول القاتل الأول
تصلب الشرايين التاجية للقلب

  يعد مرض تصلب الشرايين التاجية للقلب من أخطر أمراض العصر الحديث حيث انه السبب الرئيسي للوفاة في المجتمعات المتحضرة وسوف تتفاقم هذه المشكلة ليصبح القاتل الأول في العالم خلال القرن الواحد والعشرين.
ومن هنا تبرز أهمية معرفة العوامل التي تساعد على حدوث هذا المرض وكيفية الوقاية منها وأعراض هذا المرض والتقنيات الحديثة لتشخيص وعلاج هذا المرض.
دعونا نتطرق أولا للعوامل التي تساعد على حدوث هذا المرض: ويعد من أهمها ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم فقد أثبتت الدراسات العلمية أن ارتفاع نسبة الكوليسترول المنخفض الكثافة واحد في المائه من المعدل الطبيعي يؤدي إلى زيادة احتمالية الاصابة بتصلب الشرايين التاجية للقلب الى ثلاثة في المائة لذا يجب على الشخص الطبيعي والذي لم يسبق له الاصابة بتصلب الشرايين التاجية للقلب التأكد من نسبة الكوليسترول في الدم كل خمس سنوات على الاقل فإذا كانت مرتفعة فعليه فورا مراجعة الطبيب المختص لسرعة العلاج والذي عادة ما يكون باتباع نظام غذائي دقيق للإقلال من تناول الكوليسترول والدهون المشبعة واستعمال بدائل مثل الزيوت النباتية والاكثار من الأسماك والخضروات بدلا من الدهون الحيوانية واللحوم الحمراء وقد لايكون هذا النظام الغذائي كافيا فيتم الاستعانة بالعقارات المخفضة للكوليسترول والدهون بالدم.
ومن العوامل الهامة التي تساعد على حدوث المرض ارتفاع ضغط الدم الشرياني ومرض البول السكري ولذا يلزم اتباع الإرشادات والعلاج الصحيح تحت إشراف الأطباء المختصين. كذلك التدخين والمخدرات وعدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم والسمنة وبالطبع لاننكر أهمية العامل الوراثي فإصابة أحد الوالدين او الأقارب بهذا المرض يزيد من احتمالية الإصابة به.
ومن المعروف أن هذا المرض يصيب الرجال أكثر مما يصيب النساء حيث ان الهرمونات الأنثوية تلعب دورا هاما لحماية المرأه من هذا المرض ويتضح ذلك من زيادة احتمالية الإصابة به بعد انقطاع الدورة الشهرية.
ونأتي إلى أعراض هذا المرض فغالبا ماتكون آلام بالصدر قد تمتد إلى الذراعين او المعصمين أو الأكتاف أو العنق أو الفك السفلي أو الظهر أو منطقة أعلى البطن ويحدث في بعض الحالات وجود آلام في أحد هذه المناطق فقط دون حدوث آلام في الصدر مما يزيد من صعوبة التشخيص.
وغالبا ماتحدث هذه الالام مع المجهود العضلي او الانفعالات النفسية او بعد الطعام خاصة في الجو البارد ولكن حدوثها أثناء الراحة أو النوم مثلا لاينفي وجود المرض وقد تكون هذه الالام مصحوبة ببعض الأعراض الأخرى مثل العرق أو القيء أو فقدان الوعي وفي حالات قليلة يتواجد المرض دون وجود أي أعراض له فيما يسمى بالذبحة الصامتة وفي حالات أخرى تكون أعراض المرض مختلفة فيشكو المريض من ضيق في التنفس أو إجهاد شديد دون حدوث آلام بالصدر وتسمى هذه بالأعراض المكافئة.
فعند الاحساس بهذه الأعراض يجب سرعة التوجه الى أقرب مستشفى وخاصة إذا ما استمرت هذه الأعراض أكثر من نصف ساعة بالرغم من الراحة البدنية وذلك لسرعة التشخيص وتلقي العلاج اللازم حيث ان عامل السرعة هنا يمثل حجر الزاوية في نجاح العلاج فيتم الكشف الاكلينيكي وعمل تخطيط كهربائي للقلب وبعض تحاليل الدم (إنزيمات القلب) حتى تساعد في تشخيص المرض ومعرفة درجة خطورته والتي قد تكون شديدة جدا في حالات الجلطة بالشريان التاجي للقلب مما يؤدي الى احتشاء وفقدان جزء كبير من عضلة القلب وفي هذه الحالة يجدر بنا الاشارة ثانية الى عامل الوقت حيث ان تلقي العلاج اللازم خلال الست ساعات الأولى من حدوث الجلطة يعطي أفضل النتائج لإذابة هذه الجلطة باستخدام مذيبات الجلطة او بواسطة قسطرة القلب العلاجية وتركيب الدعامات الشريانية.
وقد يكون التشخيص أقل خطورة وهو الذبحة الصدرية غير المستقرة وهي مرحلة ماقبل حدوث الجلطة في الشرايين التاجية ولذلك يلزم تنويم المريض بالعناية المركزة وإعطاؤه مانعات الجلطة وموسعات الشرايين التاجية عن طريق الحقن بالوريد ووضع المريض تحت الملاحظة الدقيقة لمدة ثماني وأربعين ساعة على الاقل وكذلك قد يلزم سرعة عمل قسطرة تشخيصية للشرايين التاجية عن طريق حقن هذه الشرايين بالصبغة لمعرفة درجة ومكان الضيق بالشريان وعدد الشرايين المصابة وتحديد أسلوب العلاج المناسب للمريض وهو إما العلاج الدوائي أو توسيع الشرايين التاجية بالبالون وتركيب الدعامات بواسطة قسطرة القلب العلاجية وهو مايعرف بالوسائل التداخلية لعلاج مرض تصلب الشرايين التاجية للقلب وفي بعض الحالات يكون التدخل الجراحي هو الأسلوب الأمثل للعلاج ويكون ذلك باستخدام شرايين الثدي أو اليد أو أوردة الساقين لعمل كباري توصل الدم من الشريان الأورطي الى منطقة مابعد الضيق بالشريان التاجي وهو مايسمى بجراحة زراعة الشرايين التاجية.
وقد يكون التشخيص المبدئي أقل خطورة وهو ذبحة صدرية مستقرة فيتم عمل الفحوصات اللازمة واستخدام التقنيات الحديثة لتأكيد التشخيص مثل تخطيط القلب الكهربائي بالمجهود والموجات فوق الصوتية على القلب والمسح الذري لعضلة القلب وتخطيط القلب لمدة أربع وعشرين ساعة والمعروف باسم الهولتر خاصة في حالات الذبحة الصامتة كما سبق ذكره ثم يتم إعطاء العلاج الدوائي المناسب وإذا ما استمرت الأعراض يتم عمل القسطرة القلبية التشخيصية بالصبغة على الشرايين التاجية لتحديد أسلوب العلاج الأمثل كما سبق ذكره.
وفي النهاية نلخص بعض التوصيات الهامة للوقاية من هذا القاتل الأول فالوقاية خير من العلاج لذا يجب اتباع نظام غذائي سليم بالإقلال من الكوليسترول والدهون المشبعة ومتابعة نسبة الكوليسترول بالدم مرة كل خمس سنوات على الاقل والعلاج السليم في حالة ارتفاعه ويجب ممارسة الرياضة بشكل منتظم وإنقاص الوزن في حالات السمنة والامتناع نهائيا عن التدخين والمخدرات وكذا استعمال مضادات الأكسدة مثل فيتامين (E) ويجب الالتزام بالارشادات الطبية والعلاج السليم لمرض ارتفاع ضغط الدم والبول السكري وتناول هرمون الاستروجين تحت إشراف طبي دقيق بالنسبة للسيدات بعد انقطاع الدورة الشهرية.
وأخيرا فإن الاعتدال في الحياة والتماس الهدوء والاستقرار النفسي والبعد عن التوتر العصبي تشكل عاملا هاما للوقاية من هذا القاتل الأول.

د. أمجد كمال الدين كامل
رئيس قسم أمراض القلب ورئيس وحدة قسطرة القلب
المستشفى السعودى الألمانى الرياض

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved