Wednesday 1st January,2003 11052العدد الاربعاء 28 ,شوال 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الاحتكار...! الاحتكار...!
إبراهيم عبدالرحمن التركي

(1)
** «الكراهية لا تزولُ بمثلها بل بالحب..»..!
** ويعودُ «هنا» استفهام «شوقي» القديم: «إلامَ الخُلفُ بينكمُ.. و«علام الضجة الكبرى».. حين يفتتح المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي «العام» بإشكالات «الخلاف» وتجاوز أدب «الاختلاف».. مما أعيا «النطاسيين» برؤُه.. فلُنعَدِّ عنه إلى ما ينفصل «مرضاً» ويتصلُ «عرضاً»..!
(2)
** قادنا «التنافسُ» الإعلامي في الفضاء «العربي» إلى طرحِ محاور جديدةٍ لم تكن مفتوحةً أو متاحةً من قبل.. ربما بحكم سيطرة الإعلام الحكومي «الموجّه» الذي «تنمّط» و«نمّط» و«تمطّى» و«تمغّط» حتى أصبح معروفاً بسيمائِه «الهادئة» و«الهائمة» و«التبريرية» التي لا تأذنُ «بتعارض» وإن أشارتْ إلى «تمارض»..!
** المنافسة «التجارية» لا تحتاجُ إلى أخذ موافقات «رسمية» أو «شعبية» أو «أخلاقية» فلكلّ من «هبّ» أن يُحرِّك «ما دبّ» حتى باتت المشاركةُ حقاً مكتسباً لمن «يعرف» ومن «يهرف»، و«للشجيّ» كما «الخليّ»، و«للمتمكن» مثلما «المتمسكن»، و«للقادر» و«العاثر»، و«للمتردية والنطيحة وما أكل» الضّبع لا السبع..!
** .. مشكلة.. ولا أبا حسنٍ لها».. فلنتجاوزْها - كذلك - بوصفها «سلباً» لا يخلو من «إيجاب»، ولا أقلّ هنا من قراءةِ «الظاهرة» بوجهيْن حين «يُعتم» أحدهما يبدو الآخر «بدراً» فتشرق فِياض، وتجدب «أخرى».. وهكذا قانون «الحياة» ومسيرةُ الأحياء»..!
(3)
** ليكن الدافعُ «نفساً» طامعةً، أو «تنافساً» ماديّاً، أو «أهدافاً» مجردةً، أو أهواء مشبوهة، فالأهم من ذلك كلّه أنها تعمر «الفضاء»، وتعتمر «العقول»، وتؤثِّر - كما لم يكن - في «الأذهان» اليقظة المتهيئة «للبحث» عن «الحقيقة»، أو القابلة للتشكُّل بألف طريقة وطريقة، وكذا لمن هُم على سُدّتها مِمّن يهمُّهم «الحق»، ومن هجيراهم «القصُّ والَّلزْق»..!
** وإذنْ فنحنُ جزءٌ من واقع لا يمكن «جهله»، ولا يصحُّ «تجاهله»، وحين تُثارُ - عبر وسائل الاتصال الكونية - موضوعات «ساخنة» فإن محاولات التقليل من شأنها باتهام القائمين عليها «بالتسطُّح» أو «الغرض» أو «المرض» لن ينفي حسابات أخرى تتأثر وتؤثِّر، ويعتمد بعضُها على معادلات تلك الوسائط «لإيصال» الصوت «المختلف» كما لقبوله»..!
(4)
** يسعى «ثُلَّة» فينا إلى الاصرار على إنتاج «نسخٍ» طبق الأصل لأفكارهم بتوظيف مفردات الإيجاب والإلزام.. من طائفة «لا بد، وينبغي، ويجب، ويلزم، ولا يجوز» ومماثلاتها مرفقةً بآرائهم حول القضايا «الثقافية» و«الاجتماعية» و«السياسية» «البشرية» التي لا يمكن فيها «جمعُ» الناس على «توجُّهٍ» متماثل، أو الانضواء تحت تنظيم واحد..!
** ولأن الأمور «الناسوتية» هي شأن البشر الذين هم «أعلم بأمور دنياهم» فإن تضييق الواسع «حجرٌ» لم يعد قابلاً للإطاعة والتنفيذ..!
** ربما يهزُّ نفرٌ رءوسهم مؤثرين «الاتباع»، أو رافضين «الابتداع»، وقد يصمت آخرون راغبين في «السلامة» إلا أن سواهم - وهم الأكثرية - سيلجأون إلى التعبير عن «احتجاجهم» «جهراً» أو «سِرّاً»، وعبر متابعة «المنافذ» المختلفة المملوءةِ بخطوطٍ متقاطعة تحاور في كل أمر، وتأذن بالمتاح مما هو محرَّم أو مباح..!
(5)
** لأكثر من أسبوعين، وعلى مدى خمسين ساعة أو تزيد، عرضتْ قناةٌ محدودة الإمكانات متواضعة «المكانة» موضوع «الخلافات» الإسلامية عبر مناظرات مفتوحة تابعها «الملايين»..!
** ليس الموضوع: «ما دار».. أو «كيف دار».. أو «لماذا».. أو «ما الجدوى من الحوار».. فذلك أمرٌ قُضي فيه «بإثارة» موضوعات تطرقُ أذهان معظم الناس «لأول مرة»، فكان فيهم «المندهش»، و«المنتفش» ، و«المبتئس»، و«المنتكس»، و«المستفيد»، و«السعيد» إذْ لم نعتدْ مثل هذه «الشفافية» تدير شؤوننا العامة في تجارب «نادرة» داخل دوائر «الإغلاق» و«الانغلاق»..!
** اتضح في أثناء ذلك «بل قبله» أن لأولئك «المتناظرين» غرفاً «حوارية» بوساطة «البالتوك» وأن ما يجري فيها «صوتاً» أشدّ مما جرى «صورةً»..!
** وأكثر من هذا فإن ناتج هذه النقاشات يُنقل «يومياً» عبر «ساحات» الشبكة الحاسوبية ليقرأه مَنْ لم يتابع، وليتابعه من علتْ «مدركاته» أو دنتْ، ومن يجادل «بالحُسنى» ومن لا يعرف سوى «الاستعلاء» أو «الاستعداء»..!
** والمحصلة أننا أُجبرنا - دون أن نُعِدّ أو نستعدّ - على خوض بحار «مائجةٍ» يغرقُ فيها من لا يجيدون «السباحة»..!
(6)
** لم تعد الوسيلة «الرسمية» أو «الموثوقة» أو «الرزينة» المؤثرةَ في تكوين «الرأي العام».. بل ربما توارى بعضُها إلى الخطوطِ «الخلفية» لسعي الناس خلف «المختلف» و«الجديد» و«الممنوع» و«المجهول»..!
** وفي هذا «الاستقراء» السريع ما يُوحي - ضمن إيحاءات تكرر ويتكرر طرحها - بضرورة مراجعة «مواقفنا» التقليدية من «الحوار» بدءاً، ومن الدخول في «المسكوت عنه» ثانياً، ومن تجاوز لغة «الفَرْض» ثالثاً، ومن النأي عن اللوازم «المألوفة» «الأليفة» التي لا تزال ترى المتلقي «طفلاً» لم يرشدْ بعد تملي عليه «ما يضع» و«ما يدع»، وما يرى وما يسمع وما يُغلق عنه عينيه ويُصمُّ أذنيه ويُشيح بجانبه..!
** تغيّر «الزمن».. ولم يتغيَّروا.. واخترقت «الأفكار» كل «الحواجز»، وازدادت «الفجوات» بين المواقف.. وبقوا حيثُ هُمْ «فاتسع «الخرْقُ على الراقع»، وتضاعفت «المعاناةُ» و«المواجع»، وظن أولئك «ضلالاً» بأولاء، وظن أولاء «جموداً» في أولئك، فتعددت «المسالك»، وصُنِّف الناس بين «ناجٍ» و«هالك»..!
** لا أحدَ يستطيع احتكار الحقيقة.. وفي هذا - وحده - خلاصة القول في منهج «التصنيف»، كما لا أحد يمكنه «تعتيمُ» الصُّوى أو «تكميم» الرؤى، وفي هذا إجابةٌ لمن يُحاولون - مأجورين - افتراض «الاتفاق» في عالم «الآفاق» و«الأنفاق» و«النفاق»..!
* التعدديّة انطلاق..!


 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved